بعد أن تلقت ضربات سياسية وأمنية قاصمة، تعرضت جماعة الإخوان المسلمون إلى&ضربة مالية قاسية، بعد أن استولى رجلا أعمال ينتميان إلى الجماعة أحدهم يمني والآخر مصري على مبلغ 40 مليون دولار من أموال الجماعة واختفيا فجأة، ولم تستطيع الجماعة استرداد تلك الأموال.

«إيلاف» من القاهرة:&حصلت «إيلاف» على معلومات حصرية تفيد بتعرض جماعة الإخوان المسلمون إلى عملية اختلاس مالي ضخمة، على أيدي رجلي أعمال أحدهم مصري والآخر يمني، استوليا على مبلغ يصل إلى 40 مليون دولار من أموال الجماعة، واختفيا فجأة.

ووفقاً للمعلومات فإن الجماعة تضع أموالها وتنقلها عبر الدول من خلال أعضائها رجال الأعمال المعروفين. وجرت في شهر ديسمبر الماضي، عملية تحويل مالي من تركيا إلى دولة خليجية باسم رجلي الأعمال اليمني والمصري، وحصل كل منهما على المبلغ المخصص له ويقدر الأول بـ20 مليون دولار والآخر بـ40 مليون دولار، ثم انتقلا إلى دول خليجية ثالثة، وهناك اختفيا تمامًا، ولم يتم توصيل الأموال إلى مصر، لدفع المستحقات الشهرية للمتضررين&من أعضاء الجماعة في مصر، ومنهم أسر القتلى والمصابين والمسجونين، ومن فقدوا أعمالهم وأموالهم نتيجة مصادرة الحكومة المصرية أموال وشركات الجماعة.

توفير معاشات شهرية

وحسب معلومات «إيلاف» فإن مبلغ الخمسين مليون دولار أرسلها المرشد المؤقت محمود عزت عبر القيادي في التنظيم الدولي إبراهيم منير إلى أعضاء الجماعة في مصر من المتضررين بعد فض اعتصام أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي في ميدان رابعة العدوية بتاريخ 14 أغسطس 2013.

وتخصص هذه الأموال لتوفير معاشات شهرية للعام 2017 لأسر القتلى والمصابين والمعتقلين في السجون وتوفير نفقات الدعاوى القضائية، وتحصلت عليها الجماعة عبر تبرعات الأعضاء التي تقدر بنسبة 7 بالمائة من الدخل، وتبرعات الأعضاء في أوروبا وآسيا ودول الخليج.

وقال الدكتور محمد الرفاعي، الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، لـ«إيلاف» إن تلك الواقعة ليست الأولى في تاريخ الجماعة، مشيرًا إلى أن حسن البنا مؤسس الجماعة نفسه سبق اتهامه بالاستيلاء على أموال الجماعة.

وأضاف أن عمليات اختلاس أموال وتبرعات أعضاء الجماعة مسلسل مستمر، ولم تكن تظهر للعلن أبدًا بسبب طابع السرية والسمع والطاعة الذي تتسم به الجماعة، مشيرًا إلى رجال أعمال كبار يعيشون في أوروبا حصلوا على عشرات الملايين من الدولارات واختفوا فجأة، ولم تستطع الجماعة استردادها، لأنها مطالبة من قبل السلطات في أية دولة بالكشف عن مصدر هذه الأموال، فيفضل قياداتها الصمت وضياع تلك الأموال على الحديث والفضيحة.

وكشف أن فيلا نائب المرشد العام تعرضت للسرقة في العام 2011، وقال وقتها إن اللص سرق 70 ألف دولار، ونحو 3 ملايين جنيه مصري، ولم يتم القبض على السارق، وأجرت الجماعة تحقيقات داخلية وثبت أنها تعرضت للاختلاس ولم يتم استردادها.

ولفت إلى أن عمليات اختلاس أموال الجماعة زادت بعد ثورة 30 يونيو 2013، بسبب تفكك الجماعة وانشطارها إلى نصفين، ولم تعد هناك مركزية في جمع التبرعات وإيصال المساعدات، كما تلقت الجماعة ضربة قاسية بعد مقتل جميع أعضاء لجنة الإعاشة التي كانت يترأسها القيادي بالجماعة عبد الفتاح السيسي، وهو تشابه أسماء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وكشف أحد شباب الجماعة بعضًا من تفاصيل عملية الاختلاس الكبرى عبر مقال كتبه في صفحته بموقع "فيسبوك"، قال فيه: يعتبر الملف المالي واحدا من أكثر ملفات جماعة الإخوان المسلمين غموضا، ولعل المثال الأخير بما أثاره من نقاشات وسجالات متبادلة يوضح ذلك".

وأضاف: بدأ الأمر في ديسمبر الماضي عندما تسربت أنباء مصدرها هو هياكل إدارية من داخل الجماعة نفسها، تقول إن مبلغا ماليا ضخما وقع في أيدي أجهزة الأمن الإماراتية، وجاءت تلك التسريبات في إطار تبرير تأخير بعض الدعم الذي يحصل عليه المضارون من نظام ما بعد 3 يوليو 2013 داخل وخارج مصر، وكذلك لتمويل أنشطة الجماعة الدعوية والسياسية المختلفة، لكنه منذ أيام قليلة صدر نفي رسمي من الجماعة عبر متحدثها الإعلامي طلعت فهمي للأمر برمته".

وأوضح أن رجل أعمال يمني متورط في الحصول على أموال الجماعة، وقال: "أرسل مكتب وزير الخارجية اليمني رسالة إلى سفير بلاده بأبوظبي يطلب منه التواصل مع أجهزة الدولة الإماراتية للتعرف على مصير رجل الأعمال عبدالعليم الشلفي الذي اختفى بعدما طلبته جوازات مطار دبي عند قدومه من الرياض يوم الجمعة 2 ديسمبر الماضي".

وتابع: "ورجل الأعمال المذكور هو واحد ممن يعتمد عليهم مسؤولو الملف المالي بالجماعة فضلا على أعضاء آخرين في نقل الأموال بين عدة دول وكذلك في استثمارها، ولا يعرف حتي اللحظة حقيقة ما حدث معه، هل هرب بتلك الأموال لسبب أو لآخر ومن ثم فعملية اختفائه وسيناريو الاستيقاف غير حقيقي فتكون الجماعة تعرضت لعملية نصب كبيرة من قبله أم أنه بالفعل تم إيقافه والتحفظ على أمواله من السلطات الإماراتية؟".

سجالات متبادلة

وذكر أن "هذه الواقعة ظهرت للعلن عندما أثارها عدد من شباب الجماعة خلال الأيام الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ودارت سجالات متبادلة بين من يصدق رواية رجل الأعمال اليمني وبين من يتهم قيادات الجماعة بالفشل وتعرضها للنصب، لكن الجماعة أعلنت بعد ذلك عبر متحدثها الرسمي نفيها للقصة من الأساس، وأنها تأتي في إطار حملات تشويه صورة الجماعة ورموزها".

وأشار الشاب إلى أن "الملف المالي للجماعة شهد أضرارا بالغة جراء تصاعد الصراع الإخواني الداخلي"، مشيرا إلى أن "لم تكن التبرعات وحدها هي التي شهدت تناقصا بل امتد الأثر لاشتراكات الأعضاء خاصة أولئك الذين هم خارج مصر، الذين تشكل اشتراكاتهم نسبة كبيرة من التمويل. فمثلا في أحد الشهور بلغت اشتراكات أعضاء الإخوان بالسعودية ربع ما هو معتاد نظرا لانقسام الأفراد أنفسهم بين الطرفين أو الابتعاد تماما عن المسار التنظيمي لضعف الثقة به ومحاولة البعض إيصال الدعم بنفسه لمن يرى أنه يستحقه ويحتاجه من المضارين ما تسبب في فتح خطوط وشبكات موازية في هذا الملف".

ولفت إلى أن العجز المالي تسبب في "غلق عدد من المراكز البحثية والجمعيات التابعة للجماعة بالخارج وتأخر رواتب العاملين بالقنوات، فيما يبدو ملف المعتقلين هو أقل الملفات تأثرا وإن شهد بطبيعة الحال عجزا وتناقصا في المساعدات المقدمة نتيجة نقص التمويل نفسه، الذي حدث خلال الأشهر الماضية كما ذكرنا، لكن الجماعة بشقيها ما زالت قادرة علي التعاون بشكل كبير في هذا الأمر؛ حيث تصل أموال من رابطة الإخوان بالخارج لكل المحافظات فيما يخص المعتقلين".

يذكر أن جماعة الإخوان المسلمون أزيحت من حكم مصر في 3 يوليو 2013، بعد تدخل الجيش وعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وأصدرت الحكومة المصرية في شهر سبتمبر من العام نفسه قرارًا بتصنيفها جماعة إرهابية.

&