بين نظريات الباحث والأكاديمي الإعلامي المتعدّدة، وبين فرضياته ومناهج البحث والأدوات المستخدمة، وبين الإعلام المهني التطبيقي المتمثل بوسائل الإعلام على مختلف أنواعها، تبقى «إيلاف» بالنسبة للكثير من الباحثين الأكاديميين اللبنانيين، مرجعًا موثوقًا لأي بحث علمي إعلامي، بدليل أن أسماء كثيرة لكتّاب من «إيلاف» تُستخدم كمرجع موثوق في الكثير من الأبحاث العلمية الأكاديميّة في لبنان.

في عيدها الخامس عشر، أكاديميون لبنانيون يتحدثون لـ «إيلاف» عن تجربتها الفريدة.

ريما زهار من&بيروت: تطفىء «إيلاف» شمعتها الخامسة عشرة، وعندما بدأت «إيلاف» تخطو خطواتها الأولى، لم تأتِ من عالم الورق، وكان هدفها الأول أن تكون جريدة العرب الأولى المتكاملة على الانترنت، مع ما يصاحب ذلك من مسؤوليات جسام، والسؤال أين يضع الأكاديميون اللبنانيون «إيلاف» على خريطة الصحافة الالكترونية اليوم، مع هجمة الصحف الورقية على العالم الرقمي؟ وإلى متى يمكن أن تحتفظ «إيلاف» بأسبقيتها في عالم عربي "تنبت" فيه المواقع الالكترونية على مدار الساعة؟

«إيلاف» ظاهرة حقيقية

لا يرى عميد كلية الإعلام في الجامعة اللبنانيّة الدكتور جورج صدقة في حديثه لـ «إيلاف»، أن هناك هجمة للصحف الورقية على العالم الرقمي، لأن الرقمي يختلف عن الورقي، وبالتالي هناك تكامل بينهما ولا هجمة لنوع على آخر، رغم أنه في المرحلة الأولى هناك من يأخذ "زبائن" الآخر، لكن بعد مرحلة سوف يشهد كل نوع توازنه.&

ويضيف صدقة: "«إيلاف» خلال الـ15 عامًا كانت سبّاقة جدًا وكانت الأولى من نوعها، وخلقت حالة حقيقية عبر الإعلام الرقمي واستطاعت أن تثبت نفسها، وأن تكون لديها شخصيتها، وحضورها، عندما كانت الصحافة المكتوبة متربعة على عرش الإعلام، وشكّلت «إيلاف» ظاهرة حقيقيّة في عالم الإعلام، واستطاعت خلال فترة قصيرة أن تجد موقعها وأن تنافس كبريات وسائل الإعلام، بخاصة في تنوّع مضامينها وفي عمق المعالجات التي تقدمها، ولغنى الأقلام التي تحويها".

&

&

أما عميد كلية الإعلام والتواصل في الجامعة الأنطونية الدكتور جوزيف مكرزل، فيعتبر في حديثه لـ «إيلاف» أن "الصحافة الرقمية كموقع «إيلاف»، أصبحت ضرورية اليوم، لكن تبقى مشكلتها اقتصادية أيضًا، وما يعود للصحيفة الإلكترونية من إعلانات يكاد لا يكفي، وفي الوقت عينه، بدأت تظهر المشاكل أيضًا في الإعلام الورقي، ويبقى أن الصحافة الإلكترونية تستطيع أن تذهب أبعد من الورقية في تأمين حاجاتها الاقتصادية، وهذا أمر مرحب به في العالم العربي، ويأمل مكرزل "أن تكون «إيلاف» تملأ هذا الفراغ من حيث كونها صحيفة متكاملة، لا تتعاطى فقط في الشأن السياسي، بل في كل المواضيع والأمور".

خبرة عثمان العمير

وتبقى «إيلاف» بالنسبة للأكاديمي الدكتور محمود طربيه (استاذ مساعد في الإعلام والصحافة، مستشار في التدريب الإعلامي وخبير في الإعلام الإستراتيجي) أول صحيفة إلكترونية عربية، ما يعني أن المشروع كان يلحظ بداية الصحافة العربيّة الإلكترونيّة، وهذا الشعار الذي انطلقت منه «إيلاف» جعلها تتبنى كل قواعد التحرير الإلكتروني، ويضيف طربيه في حديثه لـ «إيلاف»، "دعونا لا ننسى خبرة مؤسس «إيلاف» الأستاذ عثمان العمير، الذي يملك باعًا طويلاً في هذا المجال، ويمكن القول إن «إيلاف» هي رائدة كصحيفة إلكترونية عربية، ما أعطاها الخبرة في هذا المجال، لا سيما أن بدايات الصحافة الإلكترونية في العالم العربي كانت إلى حد ما متعثرة، ولكن «إيلاف» قدّمت نموذجًا ناجحًا".

ويتابع طربيه: "«إيلاف» أصبح لديها ما يزيد عن 15 سنة خبرة، وهذا يجعلها تتفوق على الصحف الورقية التي تملك مواقع إلكترونية، بالإضافة إلى أن الصحف الورقية بدأت باعتماد المواقع الإلكترونية ثم انتقلت أخيرًا إلى ما يعرف بالصحيفة الإلكترونية، لكن «إيلاف» لا تزال نوعًا ما متقدمة عليها في هذا المجال".

بدوره، يشير الأكاديمي الدكتور نزار أبو جودة في حديثه لـ «إيلاف» إلى أن "«إيلاف» تحتل الصدارة والصف الأول، و«إيلاف» صحيفة إلكترونية معروفة وأثبتت ذاتها، على الرغم من هجمة الصحف المكتوبة على المواقع الإلكترونية، لأن هذه الصحف إضطرت أن تكون لديها مواقع إلكترونية، حيث نشهد أن الصحف تعاني أزمة في لبنان والعالم، وتتحول إلى الكترونية من أجل الإستمرار، والأمر يعود إلى أن الجمهور أصبح يقرأ الصحف عبر الانترنت، وقد أهمل الورقي بصورة كبيرة، لأن الصحف عبر الانترنت أسرع وأسهل وأكثر انتشارًا".

ويبقى السؤال في عالم عربي "تنبت" فيه المواقع الالكترونية على مدار الساعة، إلى متى يمكن أن تحتفظ «إيلاف» بأسبقيتها ؟

النوعية تفرض نفسها

يشير الدكتور صدقة في هذا الخصوص إلى أن "النوعية دائمًا تفرض ذاتها، وفي موضوع تراجع الصحافة المكتوبة في لبنان، جزء كبير من الأمر يعود إلى تراجع نوعيتها، وليس فقط ظهور الصحف الإلكترونيّة، ففي بعض الدول الغربيّة لا تزال هناك بعض المجلات الورقية التي تنشأ وهي ناجحة ولديها جمهورها من القرّاء، وهذا يدّل أن المقياس اليوم ليس الرقمي أو الورقي، بقدر ما المقياس وشروط النجاح الرئيسية هو المستوى وتلبية إنتظارات الجمهور، وعمق المعالجة، وغنى المواضيع، كلها من عناصر النجاح، وأحد أهم عناصر نجاح وسائل الإعلام هي الموازنات المالية، وحسن إدارتها، لأن المال بحسب صدقة "لا يكفي لوحده لكنه عنصر ضروري في هذا الإتجاه، وعندما تؤمّن الأموال يجب تأمين إدارة جيّدة وحكيمة لحسن تنظيمها، وهنا نكون قد أمنّا عناصر النجاح للمؤسسة الإعلاميّة".

أما الدكتور مكرزل فيعتبر أنه &"لا يمكن الحديث فقط عن عالم عربي تنبت فيه المواقع الألكترونية على مدار الساعة، بل مواقع قد تتوجه إلى كل العالم وليس العربي فقط، مع انفتاح الحدود، كل موقع إلكتروني يتوجه إلى من يتكلم العربية في مختلف الدول، وفي الوقت عينه تدخل المواقع الإلكترونية الأجنبية إلى داخل العالم العربي، وقد تأخذ قطرها عن العالم العربي، حيث العديد من الأشخاص وهم عرب، تبقى مراجعهم الموثوقة أجنبية وليست عربية، ونأمل، يضيف مكرزل" أن يتغيّر الموضوع، وتصبح مراجعنا مواقع عربية، وعلينا اتخاذ خطوات كموقع مثل «إيلاف» أو غيره من المواقع من أجل ألا يبقى العالم العربي مغلقًا على ذاته، أو يتكل على التواصل أو الخبر الذي يأتي من الغرب".

«إيلاف» على أصولها

طربيه يشير إلى أنه "بمجرد الدخول إلى الصحيفة والأبواب التي تحتويها «إيلاف» والخدمات التي تقدمها يجعلنا كمراقبين ومتابعين أن نقول هذه هي الصحافة الإلكترونية على أصولها، وهذا ما يجعلها متقدمة على غيرها، وهي ليست صحافة "هواة" كبعض الصحف الإلكترونية التي تقوم على "السرقة" من صحف ومجلات، من دون نسب المواد إلى مصادرها.

وما يميز «إيلاف» أيضًا، بحسب طربيه، "أن لديها طاقمًا تحريريًا إلكترونيًا، وتقوم على انتاج المادة الإلكترونية على أصولها، بينما المواقع الإلكترونية الأخرى، انما تقوم على إعادة بث ما نشر في الصحافة الورقية، أو تقوم على استعارة مادة سبق أن نشرت في مواقع أخرى، على قاعدة النسخ".

يعتبر أبو جودة أن «إيلاف» كي تثبت نفسها، يعود الأمر إلى مهنيتها التي يشهد لها في هذا المجال، خصوصًا مهنية المحررين والمدراء في «إيلاف»، وإذا استمرت «إيلاف» في مهنيتها العلميّة المعهودة، تبقى متفوقة وتثبت نفسها، علمًا أن المنافسة قوية اليوم في الإعلام في مختلف المجالات، لهذا من الضروري دائمًا الرجوع إلى أرضيّة علميّة ومهنيّة وصحافة تحلّل بالعمق، وترى الأبعاد بين الأسطر في السياسة ومختلف الأقسام، كما تفعل «إيلاف» في هذا المجال.

&

&

&