يتواصل نزوح المسيحيين من شمال سيناء بعدما بات مسلحو داعش يهاجمون منازلهم بشكل يومي منذ الخميس ويقتلونهم ومن ثم يحرقون البيوت، وذلك بعد إطلاق التنظيم تهديدات باستهداف الأقباط معتبرًا إياهم "صيدنا المفضل".

«إيلاف» من القاهرة:&نزح العشرات من الأسر المسيحية من مدينة العريش في شمال سيناء، إلى غرب قناة السويس، حيث محافظة الإسماعيلية، إثر مقتل قبطي بالرصاص وإحراق منزله، يوم الخميس الماضي.

واقتحم مسلحون ملثمون منزل كامل أبو روماني، الذي يمتلك محل أدوات صحية في حي الزهور في العريش، وأطلقوا النار عليه، وأشعلوا النيران في المنزل، وجاء الحادث بعد يوم واحد من العثور على جثماني قبطيين اثنين في العريش، هما سعد حكيم ونجله مدحت، وقد تعرّضا للقتل أيضًا.

وصلت نحو 36 أسرة أمس الجمعة، إلى الكنيسة الأنجيلية في مدينة الإسماعيلية، واحتشد العشرات منهم في الكنيسة، وتوزّع آخرون في كنائس أخرى في المدينة، بينما بلغ عدد الأسر النازحة نحو 57 أسرة.

صيد مفضل

وقال القس عفيفي عويضة، أحد رعاة الكنيسة الأنجيلية في الإسماعيلية، إن الأقباط بدأوا في النزوح، بعد الشعور بالخطر الشديد على حياتهم، مشيرًا إلى أن المسلحين يهاجمونهم بشكل يومي ويقتلونهم.

أضاف لـ"إيلاف" أن الكنيسة استقبلت أكثر من 40 أسرة، أمس الجمعة، يبلغ عدد أفرادها أكثر من 120 فردًا، مشيرًا إلى أن هناك تنسيقًا مع الكنيسة الأرثوذكسية، ومحافظة الإسماعيلية لتوفير مساكن لإيواء النازحين، ولفت إلى أن النساء والأطفال يقيمون في أماكن إقامة الراهبات في الكنائس، بينما الرجال يقيمون في الكنيسة، ووصل العديد من الأغطية والأثاث من القاهرة.

جاء نزوح الأقباط في سيناء بعد أقل من أسبوع على إطلاق تنظيم داعش الإرهابي تهديدات باستهداف الأقباط، معتبرًا أنهم "صيدنا المفضل"، على حد قوله.

تحرير القاهرة!

وقال التنظيم في مقطع فيديو يظهر فيه الانتحاري أبو عبد الله المصري، الذي فجّر الكنيسة البطرسية في القاهرة، في 11 يناير الماضي، وقتل 29 قبطيًا: "أبشروا أيها الموحدون، لا تهنوا ولا تحزنوا، والله قريبًا قريبًًا سنُحرر القاهرة، ونأتي لفكاك أسراكم، ونأتي بالمفخخات، والله سنأتي بالمفخخات، أبشروا يا عباد الله".

وظهر أبو عبد الله ملثمًا، في مقطع فيديو مدته 20 دقيقة، ودعا المسلحين في أنحاء العالم إلى تحرير الإسلاميين المعتقلين في مصر، بينما ظهر شخص آخر، هدد الأقباط في مصر، وقال: "يا أيها الصليبيون في مصر هذه العملية التي ضربتكم في معبدكم هي الأولى فقط، وبعدها عمليات إن شاء الله، وإنكم لهدفنا الأول وصيدنا المفضل، ولهيب حربنا لن يقتصر عليكم، والخبر ما سترون لا ما ستسمعون".

أقباط ينتظرون أمام كنيسة لتوفير مأوى لأسرهم

وحصلت "إيلاف" على معلومات تفيد بأن الحكومة المصرية أعطت الأقباط في شمال سيناء إجازة لمدة شهر بشكل ودي، من أعمال الرسمية، لترتيب أوضاعهم، وأسقطت الغياب عن أبنائهم في المدارس. وقال روماني خليل، وهو أحد النازحين من مدينة العريش، لـ"إيلاف" إن الأقباط في سيناء مستهدفون منذ سنوات، مشيرًا إلى أن عمليات قتل الأقباط زادت بشكل واضح خلال الأسبوعين الماضيين، لافتًا إلى أن سبعة أقباط تعرّضوا للقتل بأشكال مختلفة.

حرق ففرار

وأشار إلى أنه أضطر إلى ترك منزله وعمله ومدينته، التي ظل يقيم فيها على مدار 40 سنة، بعدما زادت أعمال قتل الأقباط، لافتًا إلى أن المسلحين يعرفون منازل الأقباط، ويطرقون الأبواب عليهم، ويمطرونهم بالرصاص، ثم يحرقون المنازل ويفرّون هاربين.

بينما قال سامح عبد الملاك، أحد النازحين، إنه اضطر للفرار بأسرته من العريش.&وأضاف لـ"إيلاف" إن المسلحين يطرقون أبواب المنازل، ويطلبون بطاقات الهوية أو يبحثون عن الصلبان في أيدي أصحابها، فإذا وجدوهم أقباطًا، قتلوا رب الأسرة وأحرقوا المنزل.

وأوضح أن الأسبوعين الماضيين شهدا مقتل نحو سبعة أشخاص، بطرق مختلفة، وكانت آخر الوقائع مقتل قبطي أمام طفلته، وحرق منزله، ولم يستطع أحد حمايته. وتابع: لم يجد الأقباط بدًا سوى الفرار بأنفسهم إلى الإسماعيلية أو القاهرة.&وأشار إلى أنه ترك منزله، ولن يعود مرة أخرى، لافتًاً إلى أنه سوف يعرضه للبيع.

الأقباط يرحلون عن سيناء بسبب تعرّضهم للقتل

النزوح متواصل

وفي الوقت الذي لم تصدر أية بيانات رسمية في مصر بعدد النازحين، تقدر الهيئة القبطية الأميركية أعداد النازحين حتى الآن بـ"1700 قبطي"، وقالت في بيان لها: "علمنا أنَّ عدد الأسر النازحة وصل إلى 80 أسرة مسيحية، جميعهم من أحياء مدينة العريش، ليصل عدد النازحين حتى الآن إلى 1700 مواطن مصري، ليس لديهم أي ماوى أو مكان يعيشون فيه، وجميعهم هاربون من ويلات الاضطهاد ضدهم، لكونهم مسيحيين يذبحون على يد تنظيم داعش - فرع سيناء".

أضافت أن تعرّض سبعة أقباط للقتل خلال الأيام الماضية أدى إلى "نزوح عائلات مسيحية" خشية من القتل أو الحرق، مشيرة إلى أنه "منذ منتصف ليل الجمعة غادرت 50 أسرة مسيحية متوجِّهةً إلى الإسماعيلية".&

الأزهر يدين

وذكرت: " تم تشكيل&نحو 21 أسرة في كنيسة المستقبل، التي تبعد عن مدينة الإسماعيلية حوالى 20 كيلو مترًا، فيما أرسلت الكنيسة الإنجيلية في قصر الدوبارة في القاهرة شاحنة فيها أساس منزلي وسلع معمرة وكذا بطانيات إلى النازحين"، مشيرة إلى أنها "سبق أن حذَّرت من ظهور نزعة الاضطهاد العنصري الديني ضد المسيحيين المقيمين في شمال سيناء، لا سيَّما بعد إصدار تنظيم داعش مقطع فيديو، الأحد الماضي، هدَّد فيه بالتصعيد في استهداف الأقباط".

وأدان الأزهر الشريف، "العمليات الإرهابية التي يتعرّض لها الأقباط في محافظة شمال سيناء".&وقال الأزهر، في بيان، اليوم السبت: "محاولات استهداف المصريين المسيحيين في شمال سيناء لن تنال من الوحدة الوطنية للمصريين".

&