أكد محللون سياسيون عراقيون على أهمية الزيارة التي قام بها وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير إلى بغداد، موضحين أنها ستسهم في إرساء علاقات قوية بين البلدين الشقيقين، يمكنها أن تحصّن المنطقة من مخاطر الاٍرهاب وأن تنقذ الإنسان العربي من التوحش الذي يحدق به.

إيلاف من بغداد: رغم تباين وجهات نظر المحللين السياسيين العراقيين حول زيارة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى &بغداد، وإن كانت غير معلنة، إلا أنهم اتفقوا على أن الزيارة تأتي وقد أدرك الجميع الخطر المحدق بالمنطقة العربية، خاصة أن السعودية والعراق يواجهان آفة الإرهاب.&

وشددت الآراء على ضرورة أن تحمل الزيارة أكثر من معنى ورسالة، من أهمها عودة العلاقات بين البلدين، لتكون مميزة، وتسهم في عمل البلدين معًا في الحرب على الإرهاب.

فتح حوار مع إيران
فقد أكد المحلل السياسي فلاح المشعل على أهمية الزيارة لكونها تمثل رغبة الدول الخليجية في فتح حوار مع إيران. وقال: "أعتقد أن زيارة الجبير لبغداد تأتي في إطار التحرك الإقليمي الذي حدث خلال اليومين الأخيرين، وأعني به زيارة الرئيس الإيراني روحاني إلى سلطنة عمان، والتحرك نحو الكويت أيضًا، بهدف وضع برنامج لفضّ الخلافات بين إيران والسعودية وبعض دول الخليج الأخرى".

أضاف: "هذا التحول الذي أعلنت عنه إيران في فتح الحوار المباشر مع العربية السعودية بدون شروط مسبقة يؤشر إلى تحرك استباقي تقوم به إيران، ويتلاقى مع رغبة خليجية أيضًا في تقليص مساحات الخلاف والتناحر والحرب الإعلامية، وقد تبدو جميع هذه التحركات مترابطة مع التحول الذي طرأ على الموقف الأميركي، الذي أعلنه الرئيس ترامب إزاء الشرق الأوسط".
&
في مصلحة العراق
أما المحلل السياسي أبو فراس الحمداني فقد أكد أن الزيارة تصبّ في المصلحة العراقية، وتؤكد على عودة قوية للعراق إلى الساحة الإقليمية. وقال: "تابعت زيارة الجبير للعراق، وحاولت قراءتها من خلال التغطية الإعلامية للقنوات السعودية والخليجية، حيث لاحظت أنهم لم يأخذوا الخبر(هايد لاين)، ولم يعطوه الاهتمام المطلوب، من خلال استضافة شخصية سعودية للحديث عن الزيارة، مما يدلّ على أن الزيارة تعبّر عن انتصار دبلوماسي عراقي، وأن أي اهتمام إعلامي بها يصبّ في مصلحة العراق، وهذا يؤشر إلى أن بغداد المنتصرة على الإرهاب تعود إلى المنطقة بقوة وباعتراف سعودي.&

أضاف: "أعتقد أن الزيارة تصبّ في المصلحة العراقية، وتؤكد على عودة قوية للعراق إلى الساحة الإقليمية، لذلك على العراق أن يستثمر ذلك، ويفتح صفحة جديدة مع دول الخليج كشريك قوي بجيشه وحشده وتجربته الديمقراطية، وأن يشارك جيرانه في صناعة القرار الأمني".

تابع: "صفحة جديدة على قاعدة عدم التدخل في شؤون العراق الداخلية، والاعتراف بخصوصية التجربة العراقية، والكفّ عن إيواء الإرهابيين ودعمهم تحت مسمى المعارضة العراقية، وعلى العراق أيضًا أن يستثمر موقعه في إيجاد أرضية للتقارب بين إيران ودول الخليج لتهدئة الأوضاع في الملفات الساخنة".

ختم بالقول: "العراق الحالي قوي ومنتصر، ولديه إمكانيات اقتصادية وصناعة نفطية واعدة، وباستطاعته أن يكون شريكًا فاعلًا في إحلال السلام في المنطقة".

شعور بالخطر المحدق
من جهته قال عبدالواحد طعمة المحلل السياسي، والمحرر في صحيفة الحياة اللندنية، "أعتقد أنه من المنطق جدًا أن يشعر الجميع بالخطر المحدق بجميع شعوب ودول المنطقة، بعد انفلات المجموعات المتطرفة. وأتمنى أن يكون الهدف من الزيارة الانطلاق من خط شروع جديد في العلاقة بين البلدين مبني على وحدة الموقف تجاه الإرهاب والتطرف العقائدي، الذي يعصف في المنطقة".
&
أضاف: "هناك ملفات شائكة بين العراق والمملكة، لكن الأخطر هو المصير المجهول الذي يحتم على الجميع الخروج من مربعهم إلى آخر وسطي، يجمع الكل في وحدة الهدف والمصير، بسبب ما أسلفت ذكره من وجود ملفات معقدة يمكن أن تثير حفيظة شركائه على مستوى الحكومة والعملية السياسية أو حتى بعض المؤسسات الأمنية (الحشد الشعبي)، لا سيما أن هذه الزيارة مهمة بعد ماراثون السجال الإعلامي بين خارجيتي البلدين، ومواقف معلنة ضد الحشد من قبل المملكة".

وتابع: "العبادي الآن يحتاج أي خطوة تبادر بها المملكة تجاه حرب العراق ضد الإرهاب، مثل تطويق أو منع خطاب الكراهية الطائفية، الذي ينطلق من مساجد كثيرة هناك، أو على الأقل موقف إعلامي يدعم الحرب ضد إرهاب داعش، من دون التعرّض إلى بعض التشكيلات الأمنية، باستثناءات تثير الخلاف".

نهاية داعش&
بدوره الكاتب والمحلل السياسي هادي جلو مرعي يؤكد لـ"إيلاف" أن زيارة الجبير إلى بغداد تعني نهاية تنظيم داعش في الموصل. ويضيف: "أعتقد أن السعودية تحاول أن تحدث ثغرة في المعسكر الإيراني، من خلال التنسيق مع الحكومة العراقية، ودفعها إلى الابتعاد عن طهران قدر الإمكان، ومحاولة أيضًا لمنع الحشد الشعبي من التغول ضد مصالح دول الخليج في المنطقة، خاصة وأن الطائرات العراقية بعثت إشارة واضحة إلى نوع الفعل العراقي".

ويوضح أن "المحاولة السعودية نوع من التحرك الموازي للحراك المصري نحو العراق، وكذلك بعد تصاعد دور تركيا في المنطقة، وانهيار حلفاء المملكة في سوريا".

يتابع: " إن زيارة الجبير إلى بغداد تعني نهاية تنظيم داعش في الموصل. الرياض تحاول ترتيب أوراق اللعبة من جديد، ومنافسة إيران ومصر وتركيا في ملفات المنطقة لمرحلة ما بعد داعش". وختم بالقول: "لا مفاجآت، فاللعبة كبيرة بالفعل، والصراع السياسي سيحتدم أكثر في المرحلة المقبلة".

&موقف جيد في العلاقات&
كذلك يرى الكاتب والمحلل السياسي علي رستم أن الزيارة تمثل "موقفًا جيدًا في العلاقات بين الدولتين"، وقال: "حتى الآن لم يعلن عن أي ملفات، لكن أرى أن هناك متغيرات سياسية تشهدها المنطقة، بسبب ضغط أميركي، وحتى تركيا، ستحصل قواتها من العراق على موافقة، وزيارة وزير الداخلية العراقي إلى بعشيقة ترسم خارطة جديدة".

أضاف: "زيارة الجبير تأتي في ظل تطورات الحرب على الإرهاب، وهناك خطط أميركية عسكرية لمطاردة حواضن الإرهاب أبعد من سوريا والعراق، الموقف السعودي يأتي في معادلة التنسيق الإقليمي في جعل محور الاعتدال يشكل الغالبية في المنطقة..وربما يساعد على حل الأزمة الداخلية العراقية، وتغيير الموقف السعودي من النظام السوري".

تابع: "الحراك الأميركي، وخاصة إدارة ترامب شكلت ضغطًا كبيرًا على سياسات الدول المتنفذة في المنطقة لإعادة الاستقرار &السياسي والاقتصادي".

وأوضح: "الغريب في الأمر أن العبادي أمر بـ”عدم التصريح” بشأن زيارة الجبير إلى بغداد، أعتقد أن هناك ملفات نوقشت، ويمكن أن يخرج بيان، وليس مؤتمرًا صحافيًا، لسرية ما تم التداول به من ملفات مهمة وسرية، خاصة في ما يخص علاقة العراق بالمملكة ودول إقليمية، مثل إيران، فالسعودية دولة مؤثرة، وهي من تدير دول المنطقة".

أضاف: "هناك مصالح جديدة بتأثير أميركي، العراق حين يكون مؤثرًا عسكريًا وسياسيًا فقط للحفاظ على استقلال قراره، والدولتان لا تسمحان بذلك".

وختم بالقول: "بعد زيارة الجبير... يمكن أن نعتبر الزيارة موقفًا جيدًا في العلاقات، وما صرح به العبادي من حل القضايا الدولية بعيدًا عن العراق، وألا نصبح ساحة للصراع بين السعودية والدول الأخرى، هذا تصريح العبادي قبل أيام".
&
&