إيلاف من لندن: أعلنت منظمة اليونسكو عن خطة طوارئ استراتيجية لتأهيل الاثار العراقية، التي دمرها تنظيم داعش، تشمل حماية المواقع الأثريّة والمتاحف والقطع الأثريّة فيها ومواقع التراث العالمي.

جاء ذلك في ختام مؤتمر التنسيق المعني بحماية التراث الثقافي في المناطق المحرّرة في العراق، والذي نظّم لمدة يومين بمقر اليونسكو في باريس، حيث اعد المؤتمر خطة عمل طارئة على الأجلين المتوسط والبعيد من أجل الحفاظ على مواقع البلد الأثريّة التي تعود لآلاف السنين، وما فيها من غنى وتنوّع، بالإضافة إلى المتاحف والتراث الديني والمدن التاريخيّة.

واتفق مسؤولون من الحكومة العراقيّة وحوالي 80 عالم آثار من جميع أنحاء العالم شاركوا في الاجتماع على إنشاء لجنة توجيهيّة مشتركة بين اليونسكو والعراق تتمثّل مهامها في تنسيق ودعم المبادرات العديدة على الصعيدين الوطني والدولي لإعادة ترميم التراث الثقافي في العراق.

وبهذه المناسبة، قالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا، في تصريح اليوم الاحد تعقيبًا على اختتام المؤتمر أمس، تلقته "إيلاف"، "إنّ مدى الدمار كان أعظم من المخاوف"، ووصفت الاجتماع بأنّه نقطة الانطلاق في عمليّة ترميم طويلة للتراث، والتي من المحتمل أن تستغرق عقوداً من العمل. واضافت "انها نقطة تحول بالنسبة إلى الشعب العراقي، كما أنّها نقطة تحوّل في فهم العالم لدور التراث في المجتمعات الواقعة تحت الصراع".

وبعد أقل من ثلاثة أشهر على إرسال بعثات طارئة إلى مدينتي نينوى والنمرود في شمال العراق وبعثة تقييم الدمار الحاصل، التي أرسلت مؤخراً إلى موقع التراث العالمي في آشور، قالت المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا "بدأت اليونسكو بالفعل جهودها العمليّة على أرض الواقع من أجل دعم العراق في جهوده لحماية التراث والممتلكات الأكثر عرضة للخطر، بالإضافة إلى تسوير وحراسة المواقع".

تدمير 80 بالمائة من آثار العراق

من جهته، أكد وكيل وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقية قيس رشيد، أنّ المتطرفين العنيفين تسببوا بأضرار جسيمة في المواقع الأثريّة الهامة على الصعيد العالمي، حيث دمّروا ما يعادل 70% و80% من الآثار في مدينتي نينوى والنمرود على التوالي، كما قاموا بحفر الأنفاق بطرق ممنهجة في مدينة الموصل وغيرها من المواقع بحثاً عن الآثار بغية بيعها على الانترنت والسوق السوداء.&

وركّز وزير التعليم العراقي، محمد إقبال عمر، على الحاجة الملحّة إلى وضع حدّ للإتجار بالآثار العراقيّة، مستشهداً بالقرار رقم 2199 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي ينص على حظر جميع أشكال الإتجار الثقافي في العراق وسوريا. كما أكّد وزير التعليم على ضرورة إيقاف تمويل حركة داعش.

واضاف: "حاولت داعش طمس ثقافتنا وهويتنا وتنوعنا وتاريخنا بالإضافة إلى ركائز حضاراتنا، ولكنّ كل محاولاتها باءت بالفشل، وإنّني من هنا أدعو العالم إلى الوقوف بجانبنا ومساعدتنا".

وزير الثقافة العراقي، فرياد راوندوزي قال من جهته "في إطار جهودنا الرامية إلى استرجاع وتحرير بلادنا، فإننا بحاجة لمساعدة الجميع لا سيما اليونسكو والأمم المتحدة من أجل إعادة ترميم المتاحف والمدن والمواقع وإرجاع القطع المسروقة. كما أنّنا بحاجة إلى خطة سريعة وطارئة بالإضافة إلى الدعم التقني والمالي".

دعوة لتمويل عالمي

وقد تخلّلت الاجتماع جلسة لممثلي الدول الأعضاء لدى اليونسكو، والبالغ عددهم 195 دولة عضواً، لاطلاعهم على أعمال المؤتمر بهدف حشد دعمهم وجمع التمويل اللازم من أجل تنفيذ أولويّات الحماية الاستراتيجيّة، والتي جرى تحديدها خلال الاجتماع .. وهذه الأولويات هي: المواقع الأثريّة والمتاحف والقطع الأثريّة فيها، ومواقع التراث العالمي، والمواقع المدرجة على القائمة الإرشاديّة الموقتة (والمتوقع ترشيحها في ما بعد لإدراجها على قائمة التراث العالمي)، والمخطوطات التاريخيّة، والمباني التاريخيّة، والتراث المدني العمراني والتراث الديني.

الجدير بالذكر أنّ العديد من الإجراءات التي تم وضعها اعتبرت طارئة لا سيما ما يعنى منها بالحاجة إلى تقييم شامل للدمار وحماية وتسييج المواقع المعرضة للخطر.

وقد جرى تنظيم هذا المؤتمر بالتعاون بين اليونسكو ووزارة الثقافة العراقيّة، وبتمويل من الحكومة اليابانيّة، وذلك في إطار مشروع الصون والحفاظ على مجموعات المتاحف والتراث الثقافي المعرّض للخطر في العراق.&

وقام تنظيم داعش منذ دخوله الى العراق في يونيو عام 2014 بتدمير عدة مواقع ومنحوتات أثرية في العراق، وهي تعود لعصور قديمة، ومنها من كانت مدرجة ضمن لائحة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونيسكو مثل مدينتي الحضر وآشور، والتي تدعى بقلعة الشرقاط وكالح، بالإضافة إلى مدينة تدمر الأثرية في سوريا، كما قام التنظيم بتدمير عدة مساجد قديمة مثل مسجد النبي يونس في الموصل الذي يعتقد بأنه يضم رفاة النبي يونس، وكذلك مسجد النبي شيت، بالاضافة الى تدميره لعدة مساجد وكنائس ومعابد أيزيدية قديمة، بالإضافة إلى المراقد الشيعية.

وعادة ما يقوم التنظيم بتصوير عمليات التدمير هذه بأفلام فيديو قصيرة، مثلما فعل في تدميره لآثار متحف الموصل، وكذلك جامع النبي يونس ومدينة تدمر، ما دفع عدة دول ومنظمات لإدانة أفعال داعش هذه وأبرزها منظمة اليونيسكو، والتي قالت على لسان الأمينة العامة لها ايرينا بوكوفا إن تدمير الآثار مخالف لاتفاقية لاهاي لحماية الملكية الثقافية في حالة النزاع المسلح، والتي تم توقيعها عام 1954 من قبل 126 دولة، ومن ضمنها العراق.&

وذكرت منظمة اليونسكو انه لا تزال هناك عدة مواقع أثرية في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى في العراق وسوريا وليبيا واليمن ودول أخرى، ما زالت آثارها مهددة بالهدمِ من قبل داعش.&


&