«إيلاف» من لندن:&‎تعددت آراء الناشطين السوريين، منذ إصدار النيابة العامة في مدينة دوما بالغوطة الشرقية في 8 مارس 2017 قراراً&يقضي "بإغلاق كافة المقرات العائدة لمجلة "طلعنا عالحرية"& وشبكة "حراس الطفولة"، وكل مؤسسة أو مجلة مرتبطة بهما، وذلك لحين محاكمتهم أمام القضاء"، كما تضمن القرار&"إحالة كتاب إلى مديرية منطقة دوما لإغلاق المقرات وختمها بالشمع الاحمر وتنظيم ضبط بذلك".

‎وجاء ذلك، على أثر الاستياء العام من المقال الذي تم نشره&في مجلة "طلعنا عالحرية " بعنوان "يا بابا شيلني" لشوكت غرز الدين، والذي تم حذفه والاعتذار عنه من قبل إدارة المجلة.

‎أكثر النشطاء الذين تحدثوا الى "إيلاف" اعتبروا أن أصداء&المقالة أخذت أكثر من حجمها الى درجة أن الشيوخ ناقشوها واعتبروها فرصة لتصفية الحسابات، ورأى الناشطون أنه لا داعي لإيقاف الإصدارات وإغلاق المكاتب، وأن اعتذار إدارة المجلة كان كافيًا، وخاصة أنه جاء أكثر من مرة.

‎وسبقت القرار شكوى مقدمة الى القضاء ضد شبكة حراس الطفولة، والتي بحسب الشكوى هي صاحبة المقال الذي تم نشره عبر مجلة "طلعنا عالحرية"، وعلى الرغم من كون المقال لشوكت غرز الدين هو مجرد مقال رأي لا علاقة له بشبكة حراس، إلا أن القرار &أمر&باغلاق كافة المقرات العائدة لمجلة "طلعنا عالحرية"، والمقرات العائدة لشبكة حراس الطفولة،&وكل مؤسسة أو مجلة مرتبطة بهما، وذلك لحين محاكمتهم أمام القضاء.

‎كما صدر في ذات اليوم قرار إداري من معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية يقتضي بمنع دخول مجلة "طلعنا عالحرية"&عبر معبر باب الهوى إلى المناطق المحررة، بالإضافة إلى رفع دعوى قضائية على المجلة كشخصية اعتبارية، ورفع دعوى قضائية على الكاتب كشخصية حقيقية.

المجلة توقف نشاطها

‎فيما أكدت إدارة مجلة "طلعنا عالحرية"& أنها هي الوحيدة المعنية بالأمر، وهي المسؤولة عن نشر المقال الذي تم حذفه والاعتذار عنه علناً مرتين. واستهجنت "تضمين القرار وتنفيذه ضد مؤسسات مدنية لا علاقة لها بالمجلة، وتعمل في الغوطة الشرقية باستقلال تام عنها، وتقدم الكثير من الخدمات الضرورية للسكان القابعين تحت الحصار منذ سنوات".

‎وقالت هيئة تحرير "طلعنا عالحرية"، في بيان تلقت " إيلاف" نسخة منه، إنه "في أعقاب التطورات الأخيرة التي أعقبت الاحتجاج على نشر مقال "يا بابا شيلني" للكاتب شوكت غرز الدين في العدد 86 من مجلة "طلعنا عالحرية"، قررت إدارة المجلة إيقاف نشاطها في الداخل السوري، وإيقاف التوزيع الورقي إلى حين البت في الأمر عبر المحكمة".

‎وقدمت المجلة اعتذارها مجدداً عن هذا "الخطأ غير المقصود، بعد قيامها بحذف المقال الذي لا يعبر إلا عن رأي كاتبه، عن كافة صفحاتها وإيقاف توزيع النسخة الورقية، فإنها تؤكد احترامها الكامل لمعتقدات الجميع ولحق الناس في التظاهر والاحتجاج، وتعتبره جزءًا من القيم التي تدافع عنها وتعمل من أجلها".

‎وأكدت المجلة أنها مؤسسة مستقلة لا ترتبط بأية مؤسسة أخرى من المؤسسات التي أدرجت في قرار النيابة الذي صدر في الغوطة الشرقية.

‎ولفت البيان " إن هذه المؤسسات، (شبكة حراس الطفولة، مركز توثيق الانتهاكات VDC،&منظمة اليوم التالي، مكتب التنمية دعم المشاريع الصغيرة، لجان التنسيق المحلية)&تقدم خدمات اجتماعية هامة لشريحة من السوريين في الغوطة، وتقوم بعمل هام لا يمكن الاستغناء عنه في ظل الحرب التي يشنها النظام على المنطقة، وما تخلفه من آثار اقتصادية واجتماعية، ولا يجوز معاقبتها بسبب خطأ لم ترتكبه ولا يد لها فيه، كما أن تلك المؤسسات بمجملها تعارض مضمون المقال، وتعتبر أنه يتنافى مع قيمها ومبادئها" .

‎وأكد البيان امتثال المجلة "لقرارات النيابة والمحاكمة المزمعة واحترامنا لمشاعر الغاضبين من مضمون المقال، "مطالبين الجهات المعنية في الحسبة والقضاء النظر في قضية المقال على أنه شأن يخص المجلة فقط والحكم بناء على ذلك"، كما طالبت المجلة&الجهات الأمنية والقضائية في مدينة دوما بالتحلي بمسؤوليتها في الحفاظ على سلامة كوادر المجلة والمؤسسات المعنية المذكورة أعلاه.

‎إعلان استقالة

‎ولكن رئيسة تحرير "طلعنا على الحرية" ليلى الصفدي، قالت "أعلن استقالتي من رئاسة تحرير مجلة "طلعنا عالحرية"،&كخطوة أخيرة لا أملك غيرها"، متمنية نزع الفتيل المتصاعد في الداخل السوري، وكل السلامة لكادر المجلة أينما كان.. متمنية لهم التوفيق في مشوارهم القادم.

آراء متعددة&

‎وتناول الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي هذه القضية، وقال الكاتب والصحافي السوري حكم البابا "بالنسبة الى مقال مجلة "طلعنا عالحرية"، الذي ينال من الذات الالهية: فتّش عن الممول، واستفزاز الناس في معتقداتهم ليس نضالاً ولا رأياً آخر، كما يبرر اليسار الطائفي والأقلوي، ابن مدرسة مظليات رفعت الأسد في الاعتداء على حجابات النساء في شوارع دمشق باسم تحرير المرأة، وتلميذ كلية سليم حاطوم في اقتحام الجامع الأموي بالدبابات باسم تثوير المجتمع.".

‎الى ذلك أكد الكاتب والصحافي ملاذ الزعبي أن التنوير الذي يبدأ "من السخرية من الإسلام وعدم فهم المجتمع والسياق الاجتماعي السياسي الذي نعيش فيه ينتهي بالالتقاء مع تنوير البراميل التي يرميها السيد الرئيس بشار الأسد، والإسلام& الذي يبدأ من المنع والزجر والكلام عن فرض الشريعة وعدم فهم المجتمع والسياق الاجتماعي السياسي الذي نعيش فيه ينتهي بالالتقاء مع سيوف داعش وهي تجز الرقاب".

الاعلامية السورية إيلاف ياسين&اعتبرت أن مشكلتنا "في سوريا أنه كل من حمل موبايل صار إعلامياً، وكل من تواصل مع قناة اخبارية صار مراسلاً، وكل من حمل قلماً ويعرف ان يفك الخط يكتب مقالات وكل من اعتقل وخرج من السجن صار حقوقيًا وناشطًا، والصحافة مهنة عظيمة تشرشحت على يد شعبنا العظيم خاصة بالمعسكر الثوري" .&

وأشارت أيضًا باللغة الدارجة المحكية "بيجي& شب بيقرر ينشهر وعنده خلاف مع فصيل إسلامي، بيقرر يكتب مقال يجرح فيها ايمان الناس وقناعاتهم ويشتم دينهم .. بيسكروا الجريدة، فبتصير حفلات شتائم جماعية اسوأ كحدى حلم كل حياته يكون صحافيا، انا ضد إغلاق الصحف، ضد تكميم الأفواه، ضد اعتقال الصحافيين، وضد التسلق على هالمهنة باستفزاز الآخرين والشتم والصحافة الصفراء".

بادرة طيبة من المجلة

من جانبه، قال الصحافي سامر العاني: "قرأت اليوم مقال "يا بابا شيلني"، والذي أثار جدلاً وأغلق مكتب مجلّة "طلعنا عالحريّة" في سوريا بسببه"، واعتبر أنها " بادرة طيّبة من هيئة تحرير المجلة أن تعتذر، لكن حجّة أنّ المقالات تعكس رأي كاتبها هي حجّة ضعيفة، فنحن نعلم تماماً كيف تتمّ الانتقائيّة في مقالات الرأي داخل الكثير من المؤسّسات الإعلاميّة، وسبّ الله بطريقة فجّة ليست رأياً إنّما هو تعدٍّ على حريّات ومعتقدات المسلمين الذين يشكّلون أكثر من 90% من المجتمع السوري.

ورأى أنه للمرّة الاولى&يشعر بالراحة" ومؤيّد لقرار منع مجلّة من التوزيع "بالقوّة"، بسبب مقال".

وحضّ على "وجوب رفع دعوى على كاتب المقال، فهو لم يتعرّض للذات الإلهيّة فقط، وإنّما تعرّض وتعدّى على معتقدات شعب بأكمله".

وأكد أن&رأيه هذا لم يشكله من دافع ديني، "فأنا وإن كنت ابن عائلة ملتزمة دينيّاً، إلا أنّ الله لم يكرمني بعد بهذا الالتزام، لكنّ رأيي شكّلته من باب وجوب احترام حريّات الآخرين ومعتقداتهم وتوجّهاتهم، أيّاً كانت، فالحريّة لا تعني الاعتداء على معتقدات الآخرين، لاسيما الدينيّة منها".