صوفيا: بدأ رئيس الوزراء البلغاري السابق بويكو بوريسوف البحث عن حلفاء لتشكيل حكومة جديدة وضمان ولاية ثالثة تحت شعار الاستقرار، غداة فوزه الكبير على الاشتراكيين في الانتخابات التشريعية.

هذه المفاوضات لا بد منها ليتمكن زعيم المحافظين من تشكيل حكومة في النظام النسبي البلغاري بعد حصول حزبه "المواطنون للتنمية الاوروبية لبلغاريا" على 32,6 بالمئة من الاصوات، و95 من مقاعد البرلمان الـ240، اي اكثر من عدد نوابه في البرلمان المنتهية ولايته (84) وفق النتائج الرسمية بعد فرز شبه غالبية الاصوات.

هذه النتائج نبأ سار لبوريسوف الذي كانت استطلاعات الرأي تشير الى تعادله مع الاشتراكيين. اما الاشتراكيون فقد حصلوا على 27 بالمئة من الاصوات (80 مقعدا) وضاعفوا عدد نوابهم لكنهم اخفقوا في انتزاع السلطة من المحافظين الذين يهيمنون على الساحة السياسية منذ 2009.

منذ اعلان النتائج، بدأت مشاورات غير رسمية بين معسكر الرئيس وبين القوميين الذين حلوا في المرتبة الثالثة (9,1% و27 مقعدا) وباتوا بالتالي شركاء من الصعب الالتفاف عليهم بالنسبة الى بوريسوف.

وكان هذا التحالف من الاحزاب المعادية للمهاجرين والمسلمين وغجر الروما المنضوين تحت لواء "وطنيون موحدون" دعم الحكومة السابقة دون المشاركة فيها. واكد احد مسؤوليه ويدعى فاليري سمينوف الاثنين ان "المشاورات يمكن ان تستغرق شهرا على الاقل".

وشهدت الولاية الثانية لبوريسوف التي بدأت في 2014 واختصرها بالاستقالة في اواخر 2016 خلافات داخل الائتلاف الحكومي. وكانت ولايته الاولى (2009-2013) انتهت ايضا بالاستقالة. ويتوقع المحللون الا تكون الحكومة المقبلة مستقرة، وشددوا على الخلافات بين المحافظين والقوميين، الذين يطالبون بانتهاج خط صارم ازاء تركيا وزيادة ملحوظة في رواتب التقاعد.

يقول المحلل هارالان الكسندروف ان بوريسوف فاز "لانه عمل على طمأنة مواطنيه ولعب دور الموحد والتصالحي"، في حين ان الكثير من الناخبين لم يخفوا قلقهم من التقارب بين الاشتراكيين وروسيا.

لا اصلاحات ؟
ويتمتع بوريسوف بحضور كبير، فقد كان حارسا امنيا ثم قائدا لشرطة صوفيا. ولعب على التحذير من عدم الاستقرار وسط وضع دولي يبدو غير مستقر بسبب ازمة الهجرة والتوتر مع تركيا المجاورة.

وكان الاشتراكيون ورثة الشيوعيين الحاكمين قبل سقوط الستار الحديدي، يأملون في استغلال الحماس الذي حمل الى رئاسة الجمهورية في نوفمبر 2016 مرشحهم قائد سلاح الجو السابق رومين راديف. وجدد بوريسوف الذي دعا الى علاقات "براغماتية" مع موسكو التزام بلاده بمواقف الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي.

ورحب بوزيدار ايفانوف (41 عاما) والذي يملك مطعما بالنتائج قائلا "من المهم الا يكون الشيوعيون (الاشتراكيون في الواقع) ضمن الحكومة". لكن نينا ايلييفا (52 عاما) خبيرة المعلوماتية تقول ان "الافاق ليست جيدة، لان اي حزب اصلاحي لم يحصل على مقاعد في البرلمان".

في هذا البلد الاكثر فقرا في اوروبا، والبالغ عدد سكانه 7,4 ملايين نسمة، ويعاني من الفساد، يمثل بوريسوف لمعارضين الجمود وانعدام القدرة على اجراء الاصلاحات الضرورية خصوصا على صعيد القضاء.

وطالب حزب الارادة" (فوليا) الشعبوي الجديد الذي يقوده رجل الاعمال فيسيلين ماريشكي وحصل على 4,1 بالمئة من الاصوات و12 مقعدا، الاثنين بالمشاركة في الحكومة رافضا تقديم دعم برلماني من دون حقيبة وزارية.

ولا يرغب بوريسوف في التحالف مع "حركة الحقوق والحريات" الحزب التاريخي للاقلية المسلمة التركية بشكل اساسي الذي تعادل تقريبا مع القوميين (8,9 بالمئة، 26 مقعدا). لكن بوريسوف لا يستبعد الحصول على دعم برلماني من "حركة الحقوق والحريات" الذي يعاني من سمعة سيئة بسبب تورط عدد من نوابه في قضايا فساد.

ويعارض هذا الحزب علنا سياسة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بينما ظهر حزب جديد يحمل اسم "حزب حرية وكرامة الشعب" (دوست) مدعوم من انقرة وحصل على 3 بالمئة من الاصوات فقط لا تؤهله لدخول البرلمان. ودفع هذا الدعم التركي خلال الحملة السلطات البلغارية الى اتهام انقرة بالتدخل وادى الى توتر بين البلدين.

براغماتية مع موسكو

أمل الاشتراكيون ورثة الشيوعيين الحاكمين قبل سقوط الستار الحديدي، في استغلال الحماسة التي حملت الى رئاسة الجمهورية في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 مرشحهم قائد سلاح الجو السابق رومين راديف.

ومثل رئيس الدولة، تريد زعيمة الحزب الاشتراكي كورنيليا نينوفا رفع العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي على روسيا وتعزيز التعاون مع موسكو.

اما بوريسوف فيدعو الى علاقات "براغماتية" مع موسكو خصوصا في تنفيذ مشاريع مشتركة كبيرة في مجال الطاقة، ويدافع في الوقت نفسه عن الانحياز الى مواقف الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي.

ولدخول البرلمان، ينبغي الحصول على اربعة بالمئة من الاصوات في هذا الاقتراع النسبي الذي جرى في دورة واحدة واتسم بتشتت المشهد السياسي.

ومن المتوقع ان يعمل بويكو بوريسوف على تشكيل غالبية مع احزاب قومية تتجمع تحت اسم "الوطنيون الموحدون".

وتعطي استطلاعات الراي نتائج متقاربة جدا للمركز الثالث بين هذا التجمع وحزب الاقلية التركية.

وشكلت الانتخابات اختبارا للاقلية المسلمة الكبيرة في بلغاريا التي تضم حوالى 700 الف شخص معظمهم من الناطقين بالتركية.

فحزبهم التقليدي "حركة الحقوق والحريات" الذي يحتل المرتبة الثالثة في البرلمان المنتهية ولايته، يعارض علنا سياسة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، بينما ظهر حزب ثالث يحمل اسم "حزب حرية وكرامة الشعب" (دوست) مدعوم من انقرة لكن يتوقع الا يدخل البرلمان.

ودفع هذا الدعم التركي خلال الحملة السلطات البلغارية الى اتهام انقرة بالتدخل وادى الى توتر بين البلدين.

اما حزب "فوليا" الجديد الذي يقوده رجل الاعمال فيسيلين ماريشكي فتوقعت الاستطلاعات مساء الاحد دخوله البرلمان على ان يكون مؤثرا في تشكيل الحكومة.