إيلاف من لندن: بعد إعلان بريطانيا رسميًا بدء عملية خروجها من الاتحاد الأوروبي بمفاوضات ربما تستمر عامين في الأقل، يقول خبراء أن هذين العامين سيشهدان معركة شاقة ومعقدة وطويلة النفس، تعتريها ليالٍ طويلة من المفاوضات في غرف في بروكسل مكتظة بالمحامين ومزدحمة بصحون الجبنة والأعصاب المتوترة والأحقاد.

وإذا جرى كل شيء بحسب الخطة المرسومة، فبريطانيا ستنجح في الخروج من الاتحاد الاوروبي، الذي كان وجهةً لنحو 44 في المئة من صادراتها، ومنشأ ما يربو على 50 في المئة من وارداتها.&

النفق المجهول

بحلول مارس 2019، تدخل بريطانيا عالمًا مجهولًا.توصلت دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد قبل بريكست إلى أن بريطانيا ستتكبد خسارة طويلة الأمد في إجمالي ناتجها المحلي نتيجة هذا الخروج. ولا يعني هذا انكماش الاقتصاد البريطاني، بل أن نموه سيكون بمعدلات أبطأ مما لو بقيت في الاتحاد.

ولاحظ الباحث أفشين مولافي، الزميل في معهد السياسة الخارجية بجامعة جونز هوبكنز الاميركية، أن الدراسات التي توقعت ارتفاع إجمالي الناتج المحلي البريطاني تعتمد على تسوية تُبقي تعامل بريطانيا التجاري الحالي مع الاتحاد الأوروبي "وهذا أمر مستبعد بصورة متزايدة في وقت تتخذ بروكسل موقفًا حازمًا تريد به أن تجعل بريطانيا عبرة لمن يفكر في الخروج من الاتحاد الأوروبي".

واتهمت الاوبزرفر وفايننشيال تايمز وصحف أخرى قادة بريكست بتضليل البريطانيين وخداعهم وتقديم وعود كبيرة يفندها الواقع.وينسى قادة بريكست الدرس التاريخي القائل إن بريطانيا من البلدان التجارية الكبرى في العالم، والحجم والمسافة يؤديان دورًا كبيرًا في اختيار الشريك التجاري.

والاتحاد الأوروبي سوق كبيرة الحجم وقريبة من بريطانيا، وإذا فقدته سيكون من الصعب تعويضه. وقالت دراسة أجراها معهد "ديموس" للبحوث أخيرًا قالت إن المناطق التي صوت ناخبوها لصالح بريكست ستتضرر ضررًا غير متناسب بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

خطوات مشابهة

البعض يجادل بأن بريكست لا تقتصر على الاقتصاد وحده، بل تتجاوزه إلى استعادة الهوية والسيادة والحد من الهجرة والخوف من التطرف الإسلامي الذي شهده العالم بهجوم لندن الارهابي الأخير.

لكن خبراء الارهاب في بريطانيا يدركون أن العديد من أخطر جهادييها هم مواطنون يعملون على هامش المجتمع، ذوي سوابق جنائية في الغالب ومستعدون لتنفيذ عمليات إرهابية سواء أكانت بريطانيا في الاتحاد الاوروبي أو خرجت منه.&

ثمة درس آخر هو أن النظام العالمي الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية عاد بمنافعه على العالم اجمع.وبحسب الاقتصادي ستيفن رادليت، فإن مليار إنسان انتُشلوا من الفقر المدقع منذ التسعينات.

في الولايات المتحدة، لم يتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطوة مشابهة لبريكست على الرغم من خطابيته الحمائية.

وتراجع عن تهديداته ضد الصين بفرض رسوم جمركية مرتفعة على صادراتها، ولم يمس اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية "نافتا" على الرغم من أن تغييرات جذرية في السياسة التجارية يمكن أن تُجرى في الفترة المقبلة.

أعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف نقلاً عن «واشنطن بوست». المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:

https://www.washingtonpost.com/news/global-opinions/wp/2017/03/29/britain-begins-its-journey-to-a-false-promised-land/?utm_term=.19c246382280
&