نصر المجالي: على نحو مفاجىء، دعت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 8 يونيو المقبل، وخرجت أمام مقر 10 داونينغ ستريت، اليوم الثلاثاء، للاعلان عن القرار الذي قالت انه اتخذ بعد اجتماع لمجلس الوزراء.&

وتأتي الدعوة للانتخابات المبكرة، في الوقت الذي تخوض فيه بريطانيا معركة مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، وستعلن رئيسة الحكومة أمام جلسة مجلس العموم عن الدعوة رسميًا للانتخابات المبكرة التي يتعين معها حل البرلمان.&

وقالت ماي في كلمتها إن بريطانيا بحاجة لقيادة قوية قادرة ومستقرة لإنجاز الخروج من الاتحاد الأوروبي، والانتخابات المبكرة هي النهج الصحيح الذي يصب في المصلحة الوطنية، وهذا سيقوي من موقف بريطانيا في المفاوضات.

وأوضحت ماي أن حزبها سيطلب الأربعاء، من البرلمان التصويت على إجراء الانتخابات. ويفترض أن تحصل ماي على موافقة أغلبية الثلثين في مجلس العموم لتتمكن من تنظيم الانتخابات.

وقالت ماي إنها تريد تجنب الانقسامات بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مضيفة أن الحكومة لديها الخطة المناسبة للتفاوض على شروط الخروج وأنها بحاجة إلى وحدة سياسية في لندن. وأوضحت أن الانتخابات هي أفضل طريقة لضمان الاستقرار خلال السنوات المقبلة، داعية المعارضة إلى الموافقة على هذا الإجراء.

وفي إشارة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أشارت ماي إلى أن "البلاد متحدة في هذا الشأن، لكن ليس هذا هو حال البرلمان". وأضافت "لقد توصلت إلى أن السبيل الوحيد&لضمان الاستقرار والأمن لسنوات مقبلة هو إجراء الانتخابات الآن".

وتشير أحدث استطلاعات الرأي العام إلى تقدم شعبية حزب المحافظين الحاكم، على حزب العمال، وهذا يعني احتمال اكتساح الحزب للانتخابات المقبلة.

معركة قاسية&

ويتعين على تيريزا ماي التي كانت تولت مهمة رئاسة الحكومة في يوليو 2016 خلفًا لديفيد كاميرون ان تتجهز لمعركة قاسية لضمان فوز حزب المحافظين في الانتخابات المنتظرة.

وظلت ماي إلى وقت قريب ترفض الدعوة لانتخابات مبكرة. وفي 7 مارس الماضي، أعلن مصدر مطلع في مكتب رئيسة الوزراء تيريزا ماي أنها لا تعتزم اتباع نصيحة زعيم حزب المحافظين (وزير الخارجية السابق ) وليام هيغ، ولن تجري انتخابات عامة مبكرة في البلاد.

دعوة هيغ&

وأشار المصدر إلى أن السيدة تيريزا ماي تتمسك بموقف واضح وثابت بخصوص عدم إجراء انتخابات مبكرة. وكان هيغ كتب مقالاً في صحيفة (ديلي تلغراف) نصح فيه ماي بإجراء انتخابات غير دورية لكي تحصل على برلمان أكثر انصياعًا في فترة المفاوضات مع بروكسل حول "بريكست" وعند تعرض بريطانيا لتحديات أخرى، بينها سياسة الرئيس دونالد ترامب ومشكلة القوميين في اسكتلندا الساعين للانفصال عن لندن.

ويرى هيغ أنه يجب على الحكومة في مثل هذه الظروف المعقدة، أن تستند إلى الأغلبية المؤهلة (ثلثي النواب) في مجلس العموم. وهذا يتطلب إجراء انتخابات مبكرة لضمان أن يتاح لرئيسة الحكومة الوقت والوضع السياسي الذي يسمح بتحمل مصاعب الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وأضاف "لا شك أنهما (الحكومة ورئيسة الوزراء) ستكونان في وضع أقوى لقيادة البلاد بنجاح وسط هذه التحديات، إذا كانتا تتمتعان بأغلبية كبيرة وحاسمة في مجلس العموم وبفترة ولاية جديدة كاملة."

وقالت الصحيفة إن ماي كانت قد أوضحت لأقرانها أنها لا تفضل إجراء انتخابات مبكرة لاعتقادها أنها ستكون لخدمة الذات، وقد تزيد من حالة عدم التيقن في وقت تحتاج فيه البلاد للاستقرار.

حدث سياسي كبير&

وتشكل الانتخابات التشريعية في بريطانيا، التي تجري كل خمس سنوات، حدثًا سياسيًا كبيرًا يختار فيه الناخب البريطاني ممثليه في مجلس العموم، الذي يناقش قضاياه ويشرّع القوانين ويراقب عمل الحكومة. ويتكون المجلس المذكور من 650 دائرة انتخابية، 533 منها مخصصة لإنكلترا، و59 دائرة في أسكتلندا، و40 في ويلز، و18 في إيرلندا الشمالية.

وكانت آخر انتخابات جرت في بريطانيا في مايو 2015 وحصد فيها حزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون 331 مقعدًا من أصل 650 في البرلمان البريطاني، وحل حزب العمال بزعامة إد ميليباند في المرتبة الثانية بـ232 مقعدًا.

وحصل الحزب القومي الأسكتلندي بزعامة نيكولا ستيرجن على المرتبة الثالثة بـ56 مقعدًا من أصل 59 مقعدًا مخصصة لأسكتلندا، محققًا بذلك نجاحًا وصف بالكبير وغير المتوقع، فيما تراجع حزب الديمقراطيين الأحرار بحصوله على 8 مقاعد فقط، وكان قد حصل في انتخابات 2010 على 57 مقعدًا، وحصل كل من حزب الاستقلال البريطاني وحزب الخضر على مقعد واحد.

رئيسة حكومة

ويشار إلى أن تيريزا ماي تشغل منصب رئيسة الوزراء منذ 13 يوليو 2016 خلفاً لديفيد كاميرون. وهي ثاني إمرأة تتولى رئاسة الوزراء في تاريخ بريطانيا بعد مارغريت تاتشر، وثالث سياسي بريطاني يتولى المنصب دون انتخابات رسمية، فقد أصبحت المرشحة الوحيدة إثر انسحاب منافستها وزيرة أندريا ليدسوم من السباق على زعامة حزب المحافظين. ولدت في إيستبورن، وتولت سابقاً منصب وزيرة الداخلية في الفترة ما بين 12 مايو 2010 إلى 13 يوليو 2016.

مسيرتها السياسية

في عام 1986 دشنت تيريزا ماي المسؤولية السياسية داخل حزب المحافظين بانتخابها كمستشارة في إقليم لندن ميرتون قبل أن تتخلى عن المنصب في 1994. وانتخبت في عام 1997 نائبة محافظة في دائرة ميدنهيد جنوب إنجلترا. وفي 2002 أصبحت النائبة العامة لحزب المحافظين، وهي أول مرأة تتولى هذا المنصب.

وشغلت مناصب متعددة في صلب حزب المحافظين بين 1999 و2010 حيث كلفت بملفات البيئة والأسرة والثقافة وحقوق المرأة والعمل. كما كانت سندًا قويًا لديفيد كاميرون الذي أصبح رئيساً عام 2010.

وزيرة داخلية&

وكانت ماي ظهرت على الساحة الإعلامية عندما عينت وزيرة للداخلية، وكذلك وزيرة المرأة والمساواة، بعد فوز المحافظين&برئاسة ديفيد كاميرون بانتخابات 2010. جدد لها الثقة من جديد كوزيرة للداخلية بعد الانتخابات العامة في 2015، لتصبح صاحبة أطول مدة خدمة في هذا المنصب منذ 1892.

وكانت تيريزا ماي بمدرسة سانت هيغ الخاصة بالفتيات حينذاك، حيث درست مادة الجغرافيا، وأكملت تعليمها في جامعة أوكسفورد ووتحصلت منها على بكالوريوس في الفنون.

بدأت ماي مسيرتها المهنية في الاقتصاد، حيث التحقت ببنك إنجلترا، واستمرت فيه حتى عام 1983، قبل أن تنتقل بعد ذلك للعمل في "المؤسسة من أجل خدمات تخليص الدفع"، واستمرت في هذا العمل حتى عام 1997.

يعرف عنها أنها امرأة متحفظة وتكره الأضواء حتى أنها لا تحبذ كثيرًا الظهور الإعلامي، وهذا ما حاولت فعله طوال مسيرتها السياسية، كما تعرف بحبها للأحذية والملابس، وعلقت على ذلك بالقول: "يمكنك النجاح في تحقيق مسار سياسي ناجح، وفي نفس الوقت عشق الأحذية والملابس".

&

&