أكد الدكتور عبد المنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، وأستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر، في حوار مع "إيلاف"، أن الأزهر لا يتحمل بمفرده ملف تجديد الخطاب الديني، ورأى أن تكفير داعش يتعارض مع القرآن والسنة النبوية.
&
إيلاف من القاهرة: أكد الدكتور عبد المنعم فؤاد أن الهجوم على الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب تقف وراءه فئة ضالة غير مدركة مكانة وتاريخ المؤسسة الدينية العريقة، مؤكدًا في حوار مع "إيلاف" أن الأزهر الشريف لا يتحمل بمفرده ملف تجديد الخطاب الديني، فهناك جهات أخرى في الدولة يجب أن تقوم بدورها، عن طريق تجديد الخطاب الثقافي والإعلامي والسياسي والاقتصادي.&

ونفى المزاعم التي يرددها المنتقدون للأزهر والتي تدّعي احتواء مناهجه على فتاوى وآراء تصبّ في مصلحة فكر الجماعات الإرهابية. وكشف الدكتور عبد المنعم فؤاد عن السبب الحقيقي وراء رفض الأزهر تكفير داعش، رغم قيامهم بعمليات إرهابية ضد المدنيين، وقتل جنود الجيش والشرطة في سيناء، وتفجير الكنائس المصرية أخيرًا.

وفي ما يلي متن الحوار كاملًا:&

• خرجت أخيرًا انتقادات شديدة بحق الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب، وحمّله البعض جزءًا من مسؤولية تفجير الكنائس، فكيف رأيت ذلك؟. &

الأزهر يعمل ويتحرك ويجتهد ويقدر الدولة ورئيسها (عبد الفتاح السيسي)، وهم لا يريدون إسقاط الأزهر، لكن بعض وسائل الإعلام التي تهاجم الأزهر وشيخه غرضها تحقيق مكاسب ومصالح عن طريق الكذب والافتراء بحق المؤسسة الدينية العريقة، بدليل أن الهجوم حتى الآن مجرد آراء من دون وجود دليل واحد، ومن يتهم الأزهر بتخريج الإرهابيين هم المدلسون، فهذا غير واعٍ أو مدرك، ويتحدث عن جهل واضح للتاريخ، فإن مصر شرفت بوجود الأزهر، ومناهجه لا تخرج إرهابيين، بل خرجت العلماء الذين نقلوا الدين الإسلامي، ويوجد للأزهر أبناء في كل قرية وكل مسجد، بل في جميع دول العالم، وهم ليسوا قنابل موقوتة، فالأزهر أحد أعمدة مؤسسات الدولة المصرية، ومن يتهم الأزهر بتخريج إرهابيين يلعبون في منطقة خطيرة جدًا، فجامعة الأزهر تستقبل طلابًا من 120 دولة على مستوى العالم، فهل يعقل أن توافق تلك الدول على حضور أبنائها لدراسة مناهج تخرّج إرهابيين؟!، الأزهر يكرّم في الخارج، ولكن للأسف يتعرّض للتجريح من الداخل.

راجعنا مناهجنا
• لكن من يهاجم الأزهر يدّعي احتواء مناهجه على تحريض صريح ضد المسيحيين، وهو ما يتوافق تمامًا مع أفكار الجماعات المتطرفة، فكيف ترى ذلك؟

الأزهر جامع وجامعة، يقف بكل قوة إلى جانب الكنيسة المصرية، ضد كل من يمّسها بسوء، وأكد تحريم الإسلام تحريمًا قاطعًا لأي اعتداء على دور العبادة، وقد تم تشكيل لجنة من المتخصصين لتنقية مناهج الأزهر من العبارات والأفكار المتشددة، وجميع المناهج الحالية التي تدرّس لطلاب المعاهد هذا العام تمت تنقيتها تمامًا، وجميع المراحل الدراسية تدرّس مناهج تدعو إلى الوحدة الوطنية والتعايش مع الآخر بسلام ومحبة، ومن يدّعي غير ذلك يريد زرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين من أجل تدمير أمن البلاد عن طريق الجماعات الإرهابية.

• هناك بعض الأزهريين الذين يرفضون حصر الفتوى على الأزهر فقط، فهل ذلك يتوافق مع تجديد الخطاب الديني؟ &

فوضى الفتاوى انتهت، فلابد من الرجوع إلى أهل العلم والمتخصصين، وهناك جهات شرعية مسؤولة عن ذلك في جميع دول العالم الإسلامي. فوفقًا للمادة السابعة من الدستور، فإن هيئة كبار العلماء هي الجهة الرسمية المصرح لها بالإفتاء. أما خروج البعض برأي، فهذه ليست بفتوى. وعن سعي البعض من الأزهريين إلى منهج «إستفتِ قلبك» فهذا بعيد عن الدين الإسلامي، بل يعدّ من أخطر المناهج على الأمن القومي في مصر؛ لأنه يعني أن أي شخص يفسّر كيفما يرى، وهذا المنهج يخدم فكر داعش.

ضمن الثوابت

• ما سبب تباطؤ الأزهر في تحقيق تقدم ملحوظ في ملف تجديد الخطاب الديني على&مدار السنوات الأربع الماضية؟ &

هناك تحامل كبير على الأزهر في هذا الأمر، فمشيخة الأزهر تقوم بدورها تجاه هذا الملف، وقد حدث تقدم كبير في وقت قصير جدًا، وتجديد الخطاب الديني ليس كما يطالب به البعض من حذف ما يشاؤون من النصوص والثوابت، ورئيس الجمهورية أكد على هذا المعنى أكثر من مرة، فقال: "إنه لا يقصد بالتجديد الخروج عن الثوابت"، والأزهر يدرك جيدًا أن تجديد الخطاب الديني سنّة في الإسلام، وهناك قواعد ثابتة ينظر إليها عند التجديد، أولًا: القرآن والسنة النبوية غير قابلين للتجديد فيهما. أما ما يخص فهم وتفسير القرآن والسنة، فهو ما يجوز التجديد فيه، بمعنى فهم العلماء لجميع الآراء الشرعية في قضية ما، ثم الخروج بموقف شرعي سهل تفهمه العامة، ثم من يهاجم الأزهر في ملف تجديد الخطاب الديني هم غير متخصصين، ويعتقدون دائمًا أن موقفهم وآراءهم صحيحة، ويرفضون رأي الأزهريين، والناس يدركون جيدًا الذي يريده من يهاجم الأزهر، ومقصده من ذلك.&

• وهل يتحمل الأزهر وحده مسؤولية تجديد الخطاب الديني؟

الأزهر يقوم بدوره في تجديد الخطاب الديني، لكن لا بد للجميع أن يتلاحم مع الأزهر، فبالتزامن مع الأزهر يجب تجديد الخطاب الإعلامي الذي لعب دورًا كبيرًا في انتشار فوضى الفتن والشائعات، وكذلك يجب تجديد الخطاب الثقافي بأن يقدم الرموز الوطنية في البلاد، كما يجب تجديد الخطاب السياسي والاقتصادي.

• لماذا يتمسك الأزهر برفض تكفير تنظيم "داعش"؟

الأزهر والأزهريون ليسوا (مكفرتية)، فتكفير العبد متروك لله وحده، لذلك لو كان ارتكاب الكبائر جزاؤها الكفر ما كان هناك حاجة إلى تطبيق الحدود الشرعية على الزاني والقاتل، فالقاعدة الشرعية الثابتة أن من دخل الإسلام لا يخرج منه إلا بإنكار ثوابت الدين، ولكن من ارتكب جرمًا ويحمل اسم الإسلام، يحاكم على فعله، لقوله تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأرض".&

التكفير ليس وسطيًا
والأزهر أفتى بأن داعش فئة من الخوارج، التي أفسدت في الأرض، ويجب على الجميع محاربتها، ولكن تكفيرها سوف يفتح الباب على كل شخص يختلف مع الآخر ليقوم بتكفيره، ويصبح المجتمع كله كافرًا بنظر بعضه بعضًا، ما يؤدي إلى انتشار الفساد والقتل فيه بحجة التقرب إلى الله، كما فعل الخوارج عندما قتلوا الصحابي علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فتكفير داعش يتعارض مع وسطية الأزهر.

• كيف ترى قرار الحكومة بتحديد موضوعات خطبة الجمعة في إطار خطة مواجهة الجماعات الإرهابية؟

الأزهر رفض الخطبة الموحدة، وتحديد موضوعات خطبة الجمعة أمر لا يجوز، حيث إن اختيار موضوع الخطبة يتوقف على الظروف والبيئة التي يعيش فيها الناس، فكل منطقة لها حديث يوجّه إليها. الأمر نفسه يقال بالنسبة إلى تحديد وزارة الأوقاف زمن خطبة الجمعة 20 دقيقة، فهذا الوقت غير كافٍ تمامًا لإيضاح الخطيب فكرة ما يريد إيصالها إلى المصلين، فهذه الأمور تحتاج مراجعة مرة ثانية، لكونها لن تفيد كثيرًا في مسألة تجديد الخطاب الديني ومواجهة الإرهاب.&

التشيّع فتنة
• حذرت كثيرًا من خطورة التشيّع على مصر، فما الداعي إلى ذلك؟
مصر ليس فيها شيعة، لكن فيها البعض من الشخصيات المرتزقة، الذين اعتنقوا الفكر الشيعي، من أجل الحصول على التمويل الخارجي، وللتشيّع خطره على الأمن القومي المصري، لكونه لا يدخل بلدا إلا وجلب إليها الفتنة، كما حدث في اليمن، فلو انتشر التشيّع في مصر، لسبّب فتنة كبيرة، ليس لأنهم شيعة، ولكن لأنهم يحملون أفكارًا تثير الفتنة دائمًا، والشعب المصري بجميع فئاته يتصدى لنشر التشيّع في مصر بكل قوة، وهم حتى الآن نسبتهم قليلة جدًا.


&