«إيلاف» من دبي: بعد أن عمل عثمان العمير صحافياً زهاء خمسة عقود، لا تنقصه القصص بكل تأكيد. فقائمة الذين قابلهم بصفته رئيس تحرير عدد من الصحف العربية ومؤسس جريدة "إيلاف" الإلكترونية أشبه بدليل الشخصيات البارزة في العصر الحديث. فهو قابل الجميع، من ميخائيل غورباتشوف إلى جورج بوش الأب، ومن مارغريت ثاتشر إلى جون ميجور. بهذه السطور، قدم الصحافي بن فلاناغان، ناشر إيلاف عثمان العمير، في مقالة نشرتها صحيفة "عرب نيوز».

يقول فلاناغان: كان الإعلامي الأسطوري حاضرًا في دبي هذا الأسبوع لمناسبة انعقاد منتدى الإعلام العربي، وتم الاحتفاء بإنجازاته في الحفل الدولي الذي أقامته صحيفة «عرب نيوز" مساء الثلاثاء.&

يضيف: «بدأ العمير المولود في الرياض في عام 1950 حياته المهنية في الصحافة، وهو بعد في سن المراهقة قبل نحو 50 عامًا، مراسلًا رياضيًا صغيرًا لجريدة سعودية، لكنه سرعان ما صنع اسمًا لنفسه».&

صاحب الرؤية

يستعيد فلاناغان في مقالته تاريخ العمير بشكل مقتضب. وبحسبه، في عام 1980، عُين العمير رئيس تحرير صحيفة "اليوم" ليصبح أصغر رئيس تحرير في تاريخ السعودية. كما تولى مناصب عديدة في صحيفة "الجزيرة"، وعمل رئيس تحرير مجلة "المجلة" وصحيفة "الشرق الأوسط"، شقيقة "عرب نيوز".&

في عام 2001، أطلق العمير "إيلاف"، أول جريدة إلكترونية في العالم العربي، التي سرعان ما أصبحت من أكبر البوابات الإخبارية في المنطقة؛ إذ أدرك بسرعة إمكانات الإعلام الإلكتروني، لكنّ زملاءه في المهنة لم يكونوا كلهم مقتنعين برؤيته وقتذاك.&

وينسب فلاناغان للعمير قوله: "الجميع ضحكوا عليّ حينها، معتقدين أنها فكرة مجنونة، وقالوا إن الناس لن يقرأوا الأخبار من ماكنة. ولم يخطر ببالهم أن الاعلام الجديد سيكون هو الحل".&
لكن، في حين أن ثورة الاعلام الالكتروني رسخت مواقعها، جاءت معها بمجموعة من التحديات ايضًا، في السياسة والأرباح على السواء.&

صحافة نوعية

تعمل جريدة "إيلاف" الإلكترونية من لندن، ولا تخضع للقيود الشديدة على حرية الصحافة، التي نراها في العديد من مناطق العالم التي تغطيها بتقاريرها. لكن الموقع يُحجب مع ذلك في بعض البلدان. وقال العمير إن تحقيق إيرادات من موقع اخباري سياسي ليس سهلًا. وينقل فلاناغان عن العمير: «واجهتُ مشكلات عديدة مع حكومات بلدان عديدة. فإن امتلاك جريدة سياسية ليس سهلًا، وإذا نظرتم إلى جميع الصحف السياسية سترون أنها في الحقيقة ليست مربحة، ويتعين امتلاك مشروع آخر لدعمها».

لهذه الغاية، تتوسع "إيلاف" في مجالات أخرى: إطلاق بوابة إخبارية في المغرب موجهة نحو المرأة والشباب وسوق البضائع الفاخرة، بحسب فلاناغان، «فهذه هي الطريقة للبقاء والاستمرار، على ما أظن، مع جريدة أو مجلة سياسية».&

لكن، إذ يتوافد قادة الاعلام من كل أنحاء العالم على دبي للمشاركة في منتدى الاعلام العربي، الذي يُقام سنويًا، ثمة قضايا جدية للنقاش. وقال العمير إن نوعية الصحافيين وحرية التعبير المحدودة في مناطق عديدة من الشرق الأوسط من بين أشد القضايا إلحاحًا. وتابع: "اعتقد أن لدينا ما يكفي من الصحافة العربية في كل مكان، وما نحتاج إليه الآن هو النوع أكثر من الكم.. إننا نحتاج إلى اشخاص نوعيين، إلى صحافيين نوعيين".&

إعلام اجتماعي

لكن الصحافة التقليدية تواجه تحديات الإعلام الاجتماعي، الذي لا يخضع للقيود نفسها على حرية التعبير، كما أشار العمير، قائلًا لـ «عرب نيور»، إن الإعلام «يقف الآن مشلولًا أمام الإعلام الاجتماعي، وسيزداد شلله إذا لم يشجع المجتمع والحكومة الإعلام التقليدي على أن يكون حرًا. فنحن بحاجة إلى حرية التعبير».
&&
هذه القضية لا تشكل تحديًا لـ «إيلاف» المستقرة في لندن، كما يقول فلاناغان. كان العمير تابع مشهد الإعلام البريطاني عبر محطات بارزة بينها نزاع وابينغ في عام 1986، حين أقدم قطب الإعلام روبرت مردوخ حينذاك على نقل الصحف التي يملكها إلى منطقة وابينغ شرق لندن مسرحًا كل من رفض العمل بالتكنولوجيا الجديدة، ليشعل معركة قاسية مع النقابات.&

كانت تلك فترة حاسمة لكنها شهدت في النهاية انتصار مردوخ وحكومة مارغريت ثاتشر.&

قال العمير: «أنا كنتُ مع ثاتشر، وكنتُ اعتقد أن ذلك هو الاتجاه الصحيح لتغيير وجه الإعلام البريطاني، وبخلافه سيكون الإعلام البريطاني مثل الإعلام الأوروبي الذي لا يرقى في الحقيقة إلى المستوى نفسه».&

قصص كثيرة

كانت ثاتشر من أولى الشخصيات التي قابلها العمير، وما زال يحتفظ بصورة فوتوغرافية لها تحمل توقيعها. كان اللقاء المشهود الآخر مع هيلموت كول، المستشار الألماني السابق.&

قال العمير إنه أجرى حديثًا مع كول ليس للنشر، لكنه ترك آلة التسجيل مفتوحة بطريق الخطأ. وحين أنصت إلى الشريط سمع الزعيم الإلماني يوجه انتقادات لاذاعة إلى رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر. وكتب العمير عن ذلك من دون أن ينسب الأقوال إلى كول مباشرة. لكنه فوجئ باتصال من السلطات الألمانية في اليوم التالي تنفي أن تكون تلك وجهة النظر الالمانية الرسمية.&

يختم فلاناغان مقالته بالقول: «في جعبة العمير حكايات كثيرة يمكن أن يشاركنا إياها لكنه لم يفعل خلال لقائنا معه. فهو يريد أن يوفر بعضها للمذكرات التي يعتزم كتابتها. وينتاب المرء إحساس بأن في جعبة هذا الصحافي الأسطوري، بعد 50 عامًا قضاها في المهنة، الكثير من القصص التي يمكن أن يرويها».

أعدّت «إيلاف»&هذا التقرير عن «عرب نيوز». الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.arabnews.com/node/1093326/media

&

&

&

&