«إيلاف»&من الجزائر:&بعثت الاتصالات التي قامت بها الرئاسة الجزائرية مع حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إخواني) بشأن الانضمام للحكومة المقبلة الخلاف من جديد بين المؤيدين للمشاركة في التشكيلة الوزارية المنتظرة الذين يقودهم الرئيس السابق للحركة أبو جرة سلطاني، وبين الرافضين لأي تطبيع مع الحكومة بقيادة عبد الرزاق مقري الذي يتولى رئاسة الحزب حاليا.

وأكدت تقارير متطابقة أن حركة مجتمع السلم تلقت اتصالات من رئاسة الجمهورية تقترح عليها العودة من جديد إلى الحكومة التي غادرتها في 2012.

&ويسعى الرئيس بوتفليقة إلى أن تكون الحكومة المقبلة التي ستعين عقب تنصيب المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) الجديد توافقية تضم أكبر عدد من الأحزاب.

&رفض

ويرفض رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري العودة إلى الحكومة، خاصة بعد ما أسماه "التزوير" الذي طال الانتخابات التشريعية والذي سطا على مقاعد اكبر حزب إخواني في الجزائر.

&ولم يخف مقري ميوله إلى البقاء في المعارضة لاحتواء من يقاسمونه الآراء فيها، غير أنه أشار إلى أن قرار العودة إلى الحكومة& من عدمه مرتبط بالقرار الذي سيخرج به مجلس الشورى والذي سيجتمع بعد إصدار المجلس الدستوري قراره النهائي المتعلق بنتائج التشريعيات.

وينتظر أن يصدر المجلس الدستوري النتائج النهائية لتشريعيات 4 مايو قبل نهاية الشهر الحالي.

وبرأي مقري أن شروط التوافق مع أحزاب السلطة غير متوفرة بعد تزوير الانتخابات، إضافة إلى أن حركة مجتمع السلم ترفض خطاب الحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني الذي يقول إنه يرحّب بجميع التحالفات، لكن على الجميع أن يعلم مسبقا أن "برنامج الرئيس بوتفليقة خط أحمر غير قابل للمناقشة".

ورد مقري على هذا الخطاب قائلا إن حركته لا تعترف بأي خطوط حمراء، وترفض هذا الكلام.

مصلحة وطنية

لكن& يبدو أن آراء مقري لا تتوافق مع وزير الدولة الأسبق ورئيس حركة مجتمع السلم السابق أبو جرة سلطاني أبرز المرحبين بالعودة إلى الحكومة، وتطليق مقعد المعارضة.

وقال أبو جرة لـ "إيلاف" إن "المصلحة الوطنيّة اليوم تقتضي دعم البرلمان الفسيفسائي الجديد بحكومة سياسيّة قويّة واسعة القاعدة، تتشكّل أساسا ممّن احتلّــوا المراتب الأولى في الاقتراع الانتخابي الوطني الأخير، مع ضرورة إشراك بعض التكنوقراط وبعض الكفاءات الوطنيّة لمواجهة التحدّيات القائمة والقادمة".

ويظهر من كلام أبو جرة انه يرغب في عودة التحالف الرئاسي السابق بالنظر إلى أن المراتب الثلاث الأولى تعود لحركته ولحزبي السلطة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.

&ويبرر أبو جرة رؤيته بالحديث على أن هذه الحكومة ستعمل على "استبعاد توتّريْن ضاغطيْن سيصيران بعد حين من الماضي ؛ فالجـزائر فوق الرؤوس والرؤساء، وهما ضغط نتائج تشريعيات 5 مايو المخيّبة لآمال البعض، وضغط دعاة التغيير العاجل بالنيّات التي تعوزها الإمكانيات، ودعاة رفض الواقع بخطاب عار من الواقعيّة، وضغط الذين عجزوا عن تحريك أشواق 64.63 بالمائة من المستقيلين من الحياة السياسيّة".

وحول إمكانية تأثير دعوة سلطاني على داخل حركة مجتمع السلم، أكد عبد الرزاق مقري في تصريحات صحافية أنه " لا يوجد& من هو أكبر من مؤسسات الحركة مهما ادّعى ذلك، ومهما حاول أن يظهر نفسه في وسائل الإعلام أن له القدرة على التأثير داخل الحركة، فذلك كذب و افتراء، لأنه لم يستطع طيلة 4 سنوات أن يؤثر قيد أنملة في سير قرارات الحركة".

حكومة بأربعة أضلاع

&وفي تصوره للحكومة التي يريدها، قال أبو جرة لـ"إيلاف" إنّ "تجربتي المتواضعة في هذا المضمار تسمح لي بأن أتصـوّر إطارا واقعيّا لشكل الحكومة المرتقبة ذي أربعة أضلاع متكاملة وطنيّا ولكنها غير متساوية سياسيّا"

&وأشار إلى "ضلع الاستمرارية، لضمان الاستقـرار والأمن العامّيـن وتأمين السلم الاجتماعي وحماية الوطن من التهديدات الخارجيّة ، واستكمال برنامج التنمية ، والإبقاء على دور الجزائر المحوري في شمال أفريقيا والمحافل الإقليميّة والدوليّة، وهي الأوليات التي على أساسها يتم انتقاء أعضاء الجهاز التنفيذي".

&وتحدث سلطاني أيضا عن " ضلع المواءمة بين السياسي والتكنوقراطي، بإشراك الأحزاب الفائزة بالمراتب المعتبرة سياسيّا ، مع مراعاة الكفاءة والخبـرة والتنـوّع .. لانتقاء " منتخب وطني " قويّ ومنسجم وقادر على مواجهة ضغط الجبهة الاجتماعيّة وإدارة تقلبات السوق النفطيّة واستيعاب انتظارات الشعب وطموحات الشباب".

وشدد وزير الدولة السابق في حديثه مع "إيلاف" على أن تراعي الحكومة المقبلة "ضلع رجال الدولة الذين يكونون خارج منطق الأغلبيّة الحزبيّة والمحاصصة الانتخابيّة، لتتكامل الكفاءات الوطنيّة مع طموحات الشباب لمواجهة التململ الاجتماعي، والمحافظة في الوقت نفسه على الاستمرارية التي تعمل الحكومة على ترسيمها كآليّة لمواجهة التحديات التي يرتقبها المجتمع الجزائري خلال سنتيْ 2018 ـ 2019".

أما آخر الأضلع فهو "ضلع التوازنات الكبرى التي دأب رئيس الجمهوريّة، منذ استلامه مقاليد الحكم سنة 1999 على مراعاتها تكريسا لسياسة& " لكل مواطن فرصتُه في خدمة الجزائـر"،& وقد سبق له أنْ جمع في حكومة واحدة مختلف ألوان الطيف السياسي من الجبهة إلى التجمّع، ومن النهضة إلى حمس إلى الأرسدي . إلى بعض التكنوقراط وبعض رجال الدولة من الخبراء وأهل التجربة، من أركان الوطن الأربعة".

السيناريـو الراجح

وحسب الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، فإن "المؤشّرات كلّها تؤكد أن خيار الاستمراريّة هو السيناريـو الراجح على باقي السيناريوهات المراهنة على التغيير الطفـراوي غير الواقعي حاليّا، بسبب الوضع الاقتصادي الهشّ، والجبهة الاجتماعيّة المتوترة، والشركاء السياسيين الذين اتفقـوا على ألاّ يتفقــوا، ولكنهم متفقون ـ من حيث المبدأ ـ على حماية ثوابت الأمة وعلى وحدة الجزائر وأمنها واستقرارها وسيادتها: ورفض كل أشكال التدخّل الخارجي، واستكمال بناء الدولة الوطنيّة التي رسم معالمها بيان أول نوفمبر 54".

وأضاف "كلها مكاسب تاريخيّة وإنجازات سياسيّة وإرث مشترك بين جميع الجزائريين، تُشكـر عليه الموالاة والمعارضة والمشاركون والمقاطعون والعازفون، وسائـر أفراد الشعب بمـن فيهم جاليتُنا في الخارج، وعلى الفريق الحكومي القادم أن يعي هذه الحقائق" .