«إيلاف» من باريس: بدأت الأحزاب الفرنسية التحضير للإنتخابات التشريعية في&يونيو القادم، التي يسعى من خلالها الرئيس الفرنسي المنتخب ايمانويل ماكرون للحصول على الغالبية البرلمانية مستفيدًا من تراجع الأحزاب الجمهورية الكبرى، حيث بات الحزب الإشتراكي مهددًا بالزوال بفعل الانشقاقات داخله، فيما يعاني حزب «الجمهوريين» من تراجع في شعبيته على خلفية المتاعب القضائية التي لاحقت مرشحه في الإنتخابات الرئاسية، في مشهد يعيد إلى الأذهان الأسباب التي ادت إلى زوال الجمهورية الرابعة ونشأة الجمهورية الخامسة عام 58.&

معالم عهد ماكرون الرئاسي&

وضع الرئيس الفرنسي المنتخب معالم عهده الرئاسي، وقال إن رئيس الحكومة الذي سيعلن عنه بعد مراسم التسلم والتسليم في 14 من الجاري، يجب ان يكون ملمًا بالحياة السياسية ومؤسسات الدولة وقادرًا على قيادة الأغلبية البرلمانية، ما يعني أن رئيس الحكومة الفرنسي المقبل ستُلقى عليه مهمةُ قيادة حزب الرئيس « الجمهورية إلى الأمام » الى حصد غالبية مقاعد البرلمان الجديد، وتطرح 8 شخصيات لرئاسة الحكومة الجديدة منها جان لوي بورلو، الوزير الأسبق وزعيم تيار الوسط الذي دعم الرئيس المنتخب بعد غياب اعلامي دام اكثر من ثلاث سنوات، وهو أمر رأى فيه قياديون من حزب الحمهوريين&أن ما تحقق ضربة سياسية &لليمين الفرنسي، ودعا الان جوبيه القيادي في حزب الجمهوريين&الرئيس الفرنسي الجديد إلى أن يختار رئيس &الوزراء من اليمين كبادرة حسن نية، ومن الشخصيات اليمينية المرشحة لتولي رئاسة الوزراء نجد اكزافييه برتران رئيس منطقة haut De seine &وادوارد فيليب، عمدة مدينة لو هافر، ولا يُغيبُ عن هذه اللائحة ريشار فران أمين عام تيار ماكرون السياسي 'ماضون قدما'، ويرى البعض في هذا الخيار تفاديًا للصراع المعتاد بين رئيسي الجمهورية والوزراء، إضافة إلى عمدة مدينة ليون جيرار كولومب وزعيم تيار الوسط فرانسوا بايرو، الذي وقع تحالفًا مع ماكرون في الحملة الانتخابية ووزير الدفاع جان إيف لودريان الذي يملك خبرة سياسية لكنه لا يمثل التجديد الذي يسعى الرئيس الفرنسي الى اضفائه على الحياة السياسية، ولا تغيب&عن آخرين&إمكانية ان يقع اختيار الرئيس الفرنسي على امرأة لقيادة الحكومة الجديدة لما يمثله هذا الخيار من تجديد وحداثة للحياة السياسية مثل أن ماري إيدراك، رئيسة شركة السكك الحديدية الفرنسية السابقة، التي لعبت دورًا في حملة ماكرون الإنتخابية، والنائبة الأوروبية سيلفي غولار.&

يقول أوليفييه دالاج، رئيس التحرير في إذاعة فرنسا الدولية لـ «إيلاف» : «إن ما هو معروف حتى الآن أن ماكرون &سيسمي رئيسًا للوزراء من اليمين المعتدل لإضفاء نوع&من المساواة لأن الرئيس الجديد يأتي من اليسار المعتدل وهي خطوة إن ما تحققت فهي تهدف الى جذب ناخبي اليمين، ولكن في كل الأحوال سيمتد عهد رئيس الوزراء القادم شهرًا واحدًا إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية في&يونيو، لأن رئيس الوزراء الذي سيطبع عهد ماكرون الرئاسي سيكون مرتبطًا بالنتائج التي سيحصل عليها حزب ماكرون في الانتخابات البرلمانية».&

واقع الأحزاب الفرنسية&

تعمل الأحزاب الفرنسية الكبرى على إعادة صياغة تحالفات جديدة، بعد النتائج الكارثية، التي حققها الحزبان الجمهوريان الكبيران في الانتخابات الرئاسية، التي حملت إلى قصر الإليزيه زعيم تيار سياسي رأى النور منذ عام.

الحزب الاشتراكي، الذي حكم مرتين في ظل الجمهورية الخامسة، يبدو مهددًا بالانهيار والعودة إلى المرحلة التي سبقت توحيد الحزب على يد الرئيس الاشتراكي الأسبق فرانسوا ميتران، وفي هذا الإطار أعلن المرشح الرئاسي السابق عن الحزب الاشتراكي بنوا هامون تشكيل تيار سياسي جديد يقوم على الشفافية في مهمة إعادة بناء اليسار.&

يشرح اوليفييه دالاج الوضع السيئ&للحزب الاشتراكي، لأن مرشحه إلى انتخابات الرئاسة لم يحصل سوى على 6.35 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، إضافة إلى هرولة العديد &من الشخصيات &داخل الحزب الاشتراكي إلى انشاء عدة تيارات جديدة ، دون الحديث عن أن العديد من نواب الحزب الاشتراكي ومناصريه سيلتحقون بحزب الرئيس الفرنسي المنتخب 'الجمهورية إلى الأمام'.

حزب الجمهوريين، اليميني، يراقب تطورات المرحلة بعد ان استُبعد مرشحه في سابقة بتاريخ الجمهورية الخامسة عن الدورة الثانية وتعارض رؤى العديد من قياداته، حيث يطالب البعض باعتماد سياسة يمينية كالقيادي لوران فوكييز أو بريس أورتوفو او فرانسوا باروان، وهناك من ينادي بسياسة وسطية كالقيادي الان جوبيه الذي قد يعلن دعمه للرئيس الجديد دون ان يوقع معه تحالفًا سياسيًا.

&اما حزب الجبهة الوطنية، اليمين المتطرف، فبدأت فيه مرحلة إعادة بناء وصوغ سياسة جديدة له، بعد خسارته الانتخابات الرئاسية، وسط تصاعد الخلاف بين جبهتين، بين فريق في الجبهة الوطنية يرى ضرورة في التخلي عن إشكالية الخروج من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي لما كان لها من نتائج كارثية على الاقتصاد الوطني، فيما يقود فلوريان فيليبو، نائب زعيمة الجبهة الوطنية، الفريق الثاني الذي يرى في مبدأ الخروج من الاتحاد الأوروبي أساسًا في سياسة الجبهة الوطنية.&

يرى اوليفييه دالاج أن تأهل زعيمة الجبهة الوطنية إلى الدورة الثانية أتى بنتائج معاكسة، لأنه عوض أن يعزز الآمال في إمكانية فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2022، حصل ما هو العكس وهو يمر اليوم بأزمة على خلفية الأداء السيئ&لمرشحته مارين لوبان في المناظرة التلفزيونية الأخيرة التي سبقت جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، لأنهم كانوا يعولون على حصد 40 بالمئة من إجمالي أصوات الناخبين، وأتت النتائج مخيبة إذ لم تحصل لوبين سوى على أقل من 35 بالمئة'.

وعود ماكرون الانتخابية&

يقول أوليفييه دالاج إن عهد ماكرون الرئاسي مليء بالوعود، ولكنه من الصعب اليوم معرفة إن كان سيستطيع تنفيذها لأسباب عدة، منها ان عليه أولاً الحصول على غالبية برلمانية تدعم برنامجه الرئاسي وهو ما ليس مؤكدًا حتى الآن، لعدة اسباب منها ان عليه صوغ تحالفات مع اليمين واليسار وثانيًا لأن &برنامجه الاقتصادي لتعديل قانون العمل سيواجه العديد من ردود الفعل الغاضبة خاصة من قبل بعض النقابات العمالية التي يمكن ان يكون &لها وزن كبير، وثالثًا صحيح ان العديد من الدول الأوروبية رحبت بفوز ايمانويل ماكرون ولكن برنامجه الاقتصادي لأوروبا ليس مطابقاً لرؤية ألمانيا في الجانب الذي ينادي فيه بتعيين وزير اقتصاد لمنطقة اليورو ونحن في بداية عهد رئاسي، نرى ان الآمال كبيرة لكن أقول إن الوقت سيحين حيث سيعبر البعض عن خيبة أملهم'.

وضع فرنسا اليوم&

يرى اوليفييه دالاج أن وضع فرنسا اليوم لا يشبه أي وضع مرت فيه الجمهورية الفرنسية الخامسة، لأن كل ما نعيشه جديد على الحياة السياسية، ولكن الشخصيات والبرامج المطروحة ليست جديدة لأنها مرتبطة بأشخاص طبعوا الحياة الفرنسية في السنوات الماضية، ولم يحدث في تاريخ الجمهورية الخامسة أن وصلت شخصية الى سدة الرئاسة دون ان تُنتخب &سابقًا، وان يكون لديها حزب سياسي وراءها، وهو حال الرئيس الجديد وما نعيشه اليوم مرحلة انتقالية لأن الوقت يمر والشباب لن يظلوا شبابًا ويقارن البعض بين انتخاب ماكرون والرئيس الأسبق فاليري جيسكار ديستان عام 74، وفي المقابل لا أحد يستطيع توقع إلى أين نسير اليوم، كما لم يتوقع أحد منذ اشهر ما حملته الانتخابات الرئاسية.&

&

&