فجأة اختفى آخر وزير داخلية في عهد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، بعد تأييد حكم ضده بالسجن لمدة سبع سنوات في قضية تتعلق بالفساد، وتتردد أنباء تفيد بهروبه للخارج، بينما تنفي الجهات الأمنية أن يكون قد فرّ خارج البلاد، مؤكدة أنه هارب في الداخل. بينما كشف الرئيس عبد الفتاح السيسي أن العادلي كان يتجسس على قادة الجيش المصري في عهد مبارك.

إيلاف من القاهرة: بعد أن كان يقيم في منزله الفخم في مدينة السادس من أكتوبر على أطراف القاهرة، اختفى اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، وآخر وزير داخلية في عهد الرئيس المصري حسني مبارك، والذي كان يعد الرجل القوي في نظام مبارك.

وجاء الاختفاء المفاجئ للعادلي بعد ساعات من إصدار محكمة جنايات القاهرة، قرارًا برفض الاستشكال المقدم منه، لوقف الحكم الصادر ضده، بالسجن لمدة سبع سنوات، في تهمة تتعلق بالفساد، وإلزامه برد مبلغ 195 مليون جنيه.

وكانت محكمة جنايات القاهرة، أصدرت في 15 أبريل الماضي، حكمًا بمعاقبة حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، و12 آخرين من قيادات وزارة الداخلية، من بينهم: نبيل سليمان خلف رئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية في وزارة الداخلية، وهو شاعر غنائي معروف، غنى له مطربون من مختلف أنحاء الوطن العربي منهم وائل جسار ونانسي عجرم، وأحمد عبد النبي موج كبير باحثين في الإدارة المركزية للحسابات والميزانية، بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات لكل منهم، وإلزامهم برد مبلغ 195 مليونا و936 ألف جنيه بالتضامن في ما بينهم، وتغريمهم مبلغًا مساويًا بالتضامن في ما بينهم في قضية تتعلق بالاستيلاء على أموال وزارة الداخلية.&

وبعد تأييد الحكم أصبح واجب النفاذ، وطلبت النيابة العامة من وزارة الداخلية القبض على العادلي، وتقديمه إلى السجن، لقضاء فترة العقوبة ورد الأموال التي قضت المحكمة بردها، وتبلغ 195 مليون جنيه.
وبعد عدة أسابيع أعلنت الجهات الأمنية اختفاء حبيب العادلي، وقالت إنه غير موجود في منزله في مدينة السادس من أكتوبر، وأرسلت وزارة الداخلية خطابًا رسمياً إلى النيابة العامة، قالت فيه إنها أرسلت عدة مأموريات للقبض عليه من منزله، إلا أنه غير متواجد فيه.

لا أحد فوق القانون

وترددت أنباء تفيد بأن العادلي هرب خارج البلاد، إلا أن الجهات الأمنية تنفيها، وتقول إنه متواجد في الداخل. وحسب تصريحات مصدر أمني لـ"إيلاف" فإن وزارة الداخلية كلفت عدة دوريات أمنية بالقبض على العادلي، لتنفيذ حكم السجن بحقه. وقال المصدر إن أعلى الجهات في الدولة متهمة بالقضية، أصدرت تعليمات بضرورة القبض عليه، مشيرة إلى أنه لا أحد فوق القانون.

وقال إن العادلي لم يهرب للخارج، مشيرًا إلى جميع المنافذ سواء البرية أو البحرية أو المطارات لم تسجل خروجه منها قبل أو بعد الحكم بسجنه، وأضاف أنه سيتم القبض عليه قريبًا.

ومن جانبه، نفى محمد الجندي، محامي وزير الداخلية الأسبق، معرفته بمكان تواجد العادلي، سواء في القاهرة أو خارج نطاقها داخل الحدود المصرية، مستبعدًا أن يكون &هرب إلى خارج البلاد.

وقال الجندي &في تصريحات له، إنه لا يتعامل بشكل مباشر مع العادلي رغم كونه محاميه في القضية، وتابع: "لا أتعامل معه بشكل مباشر، لكن ما لدي من معلومات هو أنه يعاني من أمراض وظروف صحية صعبة ألمّت به قد تمنعه من الحركة، إلا أن موكلي لم ولن يهرب خارج مصر".

وعن السر وراء تيقنه من عدم هروب العادلي، قال الجندي: "اللواء حبيب العادلي لا يهرب، لأنه عرض عليه الهروب عقب ثورة 25 من يناير 2011، مباشرة قبل محاكمته، إلا أنه رفض"، مشيرًا إلى أن إحدى دول الخليج عرضت استقبال العادلي ومنحه جنسيتها، إلا أنه رفض، &بحسب تصريحات الجندي.

وبدأت أحداث قضية الاستيلاء على أموال وزارة الداخلية المصرية في العام 2012، واتهم فيها نحو مائة من قيادات الوزارة، واستبعد قاضي التحقيق العشرات منهم، بعد أن أثبتوا أنهم حصلوا على الأموال بحسن النية، ورد بعضهم نحو 150 مليون جنيه إلى خزينة الدولة.

وأحال قاضي التحقيق في أغسطس 2015، وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و12 مسؤولا رفيعًا في وزارة الداخلية للمحاكمة الجنائية لاتهامهم بالاستيلاء على 2.3 مليار جنيه من أموال وزارة الداخلية. وأصدرت محكمة الجنايات حكمًا بسجنهم لمدة سبع سنوات مع إلزامهم برد مبلغ 195 مليون جنيه.

يتنصت على قيادات المجلس العسكري

وفي السياق ذاته، كشف الإعلامي وائل الإبراشي، نقلًا عن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن "العادلي كان يتنصت على قيادات المجلس العسكري ويسجل مكالماتهم".

&وأوضح الإبراشي في برنامجه "العاشرة مساء" على فضائية "دريم" أن "السيسي كشف له ولآخرين كيف أن وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، كان يسجل المكالمات الهاتفية لأعضاء المجلس العسكري إبان حكم حسني مبارك".

وقال الإبراشي: "بعد الثورة (25 يناير 2011)، نظم المجلس العسكري عددا من الجلسات مع بعض الإعلاميين، وكان الفريق السيسي وقتها مديرا للمخابرات الحربية، وقد أطلعنا على نص تسجيلات الشرطة، يعني أن حبيب العادلي كان يسجل للقادة العسكريين، وهذا ما كان يؤلم أعضاء المجلس العسكري جدا".

وأضاف: "أطلعنا (السيسي) على نماذج بسرعة، وكيف كان يتم التسجيل لقادة الجيش من قبل وزارة الداخلية، وهذا ما سبَّب لهم آلاما شديدة جدا؛ لأن التسجيل كان يتعرض حتى للحياة الخاصة للقادة العسكريين وأسرهم".

كما أدين العادلي في قضية فساد أخرى تعرف باسم "سخرة المجندين"، وأيدت محكمة النقض حكمًا بسجنه لمدة ثلاث سنوات، قضاها بالفعل في السجن.

بينما حصل العادلي على أحكامٍ بالبراءة في قضايا: "قتل المتظاهرين"، و"التربح وغسيل الأموال"، و"الكسب غير المشروع"، و"اللوحات المعدنية للسيارات".