في اليوم الثاني من المحادثات غير المباشرة في جنيف، التقى موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا الأربعاء وفدي النظام السوري والمعارضة، غداة اقتراح تقدّم به يقضي بالعمل على إعداد دستور جديد لسوريا.

إيلاف - متابعة: التقى دي ميستورا الأربعاء وفد النظام برئاسة السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، ووفد الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم أبرز مجموعات المعارضة.

إضافة إلى الوفدين السوريين، التقى دي ميستورا الأربعاء هنري أينشر السفير الأميركي لدى المنظمات الدولية، ونائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، الذي كان التقاه أيضًا الثلاثاء.

وبعد لقاءين عقدهما دي ميستورا الثلاثاء مع وفدي النظام والمعارضة، قدّم إليهما وثيقة تدعو إلى بدء العمل على إعداد دستور جديد لسوريا. واستمرت المحادثات حتى وقت متأخر مساء الثلاثاء.

وقال مصدران في المعارضة لفرانس برس، إنّ دي ميستورا قدّم وثيقة إلى وفد المعارضة تقترح تشكيل فريق من الناشطين في المجتمع المدني والتكنوقراط يتم تكليفهم تمهيد الطريق أمام إعداد دستور جديد.

آلية تشاورية
تنصّ الوثيقة على "آلية تشاورية" تعمل على "رؤى قانونية محددة، وكذلك ضمان عدم وجود فراغ دستوري أو قانوني في أي وقت خلال عملية الانتقال السياسي التي يتم التفاوض عليها".

إلا أنّ المتحدث باسم الهيئة العليا للانتخابات منذر ماخوس قال: "لدينا تحفظات كثيرة" على الوثيقة، وهي لا تزال قيد الدرس.أضاف "لا تزال قيد النقاش... هذه الورقة كانت مفاجئة. لم تكن مبرمجة أصلًا".

وتجنب أعضاء الوفد الحكومي السوري التعليق على المعلومات بشأن هذه الوثيقة، إلا أن مصدرًا قريبًا من الوفد أكد أنه تلقى أيضًا نسخة من اقتراح دي ميستورا. وهي الجولة السادسة من المفاوضات التي تجري بإشراف الأمم المتحدة في محاولة جديدة للتوصل إلى حل سياسي لنزاع أوقع أكثر من 320 ألف قتيل.

تركز محادثات جنيف على محاور أربعة: مكافحة الإرهاب، نظام الحكم، الدستور الجديد، وتنظيم انتخابات. لكن لم يتحقق أيّ تقدّم في هذه المجالات منذ تحديد هذه الموضوعات الأربعة في الجولة السابقة التي عقدت في مارس. ويتمسك وفد الهيئة العليا بمطلب تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة في المرحلة الانتقالية، وهو ما ترفضه دمشق، وتعتبره غير قابل للنقاش أصلًا.

إحراق الجثث
ولا تزال الآمال بتحقيق اختراق ضئيلة، خصوصًا بعد اتهام واشنطن لدمشق بإحراق جثث في سجن صيدنايا في شمال العاصمة.

وكشفت الخارجية الأميركية صورًا التقطتها الأقمار الاصطناعية رُفع طابع السرّية عنها، ويظهر فيها الثلج وهو يذوب على سطح مبنى وأجهزة تهوئة ضخمة في المجمع العسكري، تدعم على ما يبدو تقارير سابقة لمنظمة العفو الدولية بأن النظام يستخدم السجن لتصفية المعتقلين.

سارعت دمشق إلى النفي، وأعلنت وزارة الخارجية أن هذه "إدعاءات عارية من الصحة... اعتادت (الإدارة الأميركية) على إطلاقها قبيل أي جولة سياسية سواء في جنيف أو أستانة". وطالب المتحدث باسم وفد الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط، بـ"خطوة" من جانب المجتمع الدولي.

وقال لفرانس برس "الأميركيون يعلمون ما يحصل في سوريا حاليًا. يجب أن تكون هناك خطوة من جانب الولايات المتحدة، من جانب أصدقائنا، لإنقاذ الأرواح".&

"شهيد" يتنفس!
وتجمّع عدد من أهالي المحتجزين في سجون النظام أمام مقر الأمم المتحدة في جنيف حاملين صور أقرباء لهم. وقالت آمنة خولاني (42 عامًا)، التي كانت بين المتجمعين، لفرانس برس، "الموجودون خارج سوريا يعتقدون أن المعتقل السوري يجلس في غرفة إلى جانب سرير وطعامه مؤمّن، ولا يعرفون أن المعتقل في سوريا يعيش في قبر، وهو شهيد، مع أنه يتنفس".

وأوضحت أنها تسعى إلى إطلاق سراح ثلاثة من أقاربها من سجن صيدنايا، علمًا أنّ زوجها اعتُقل في السجن نفسه مدة سنة قبل بدء الأحداث في سوريا عام 2011. وقالت "في حال تأمّنت زيارة للسجين، غالبًا ما يكون غير قادر على المشي، وبالكاد يتعرّف إليه أهله، ويكتفي الطرفان بالبكاء من وراء ساتر حديدي".

معلّقًا على الموضوع نفسه، قال يحيى العريضي الناطق باسم وفد الهيئة العليا للمفاوضات: "الموقوفون عند النظام هم في مقابر الأحياء، والدليل القاطع هو إنشاء محارق للسجناء".

الأسد منتقدًا
وتطغى محادثات أستانة، إضافةً إلى إخفاقات الفصائل المعارضة العسكرية الأخيرة على الأرض، على جولة المفاوضات الحالية.
وتسعى الأمم المتحدة إلى الاحتفاظ بدورها، بعد اتفاق موقّع في أستانة في 4 مايو يهدف إلى إقامة "مناطق لتخفيف التصعيد" في سوريا والحدّ من إراقة الدماء.

واعتبر دي ميستورا الإثنين أنه بعد هذا الاتفاق باتت مفاوضات جنيف "ملحّة"، مؤكدًا أن "تخفيف التصعيد" لا يمكن أن يطبّق "بلا أفق سياسي". وأضاف "نحن نعمل بالتكامل" مع مسار أستانة. وقال في الأسبوع الماضي في جنيف إن جولة المفاوضات الجديدة ستكون "قصيرة" مقتصرة على أربعة أيام بهدف "طَرق الحديد وهو حام".

وكان الأسد وصف مفاوضات جنيف بأنها "لقاء إعلامي". وعلّق دي ميستورا الإثنين متسائلًا، ما الذي يدفع الأسد إلى إرسال وفد "من 15 إلى 18 شخصًا" إلى جنيف، إذا لم يكن "مهتمًا ومنخرطًا في العملية السياسية؟".