بوزنيقة: بدا إدريس لشكر، الكاتب الأول (الامين العام ) لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي، مرتاحًا وهو يلقي كلمته أمام المئات من مناضلي وضيوف المؤتمر الوطني العاشر للحزب، في الجلسة الافتتاحية التي انعقدت مساء السبت بمدينة بوزنيقة (جنوب الرباط)، تحت شعار"هدفنا مغرب الحداثة والديمقراطية والتضامن".

انتقاد الحكومة السابقة&

وقال لشكر &في كلمته التي حملت رسائل سياسية بعثها في كل الاتجاهات، إذ لم تسلم الحكومة السابقة لعبد الإله ابن كيران، من انتقاداته، بعدما اتهمها بالنيل من فئات واسعة من المجتمع، وقال: "لقد نالت السياسة المتعبة في الحكومة السابقة من مستوى عيش الطبقات المتوسطة ورمت بفئات واسعة من الساكنة في التقهقر الاجتماعي".

لكن لشكر عاد ليناقض نفسه عندما أقر بأن البلاد تعرف "أوراشًا إصلاحية كبرى، تُعيد هيكلة الاقتصاد الوطني نحو الأفضل، وتُدعمه بآليات القدرة على المنافسة من خلال توفير البنيات التحتية اللازمة، وتقديم التحفيزات المناسبة للمقاولات الوطنية، وتبني سياسة مُندمجة للتنمية البشرية"، مؤكدًا أن هذه الأوراش الكبرى "لا يمكن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلا أن ينخرط فيها، ليس فقط من خلال التأييد المبدئي، ولكن أيضًا بالمساهمة على مستوى المؤسسة التشريعية، وعلى المستوى الحكومي".

وحاول لشكر تبرير قرار مشاركة الاتحاد في الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، حيث قال: "هذا ما يُفسر إلى حد كبير، توجهَ حزبنا بخصوص حرصه على المشاركة في تدبير الشأن العام من خلال الحكومة الحالية، إذ اعتبرنا أنه ينبغي أن نكون في صلب الإصلاحات الشاملة وليس على هامشها".&

وأضاف الأمين العام للاتحاد الاشتراكي قائلاً &"إن بلادنا مطالبة بتوسيع مجال المبادرة والتحرر من قيود الهاجس المحاسباتي والمالي الذي يفرض على بلد في طريق النمو مثل المغرب أن تكبل سياسته العمومية باعتبارات ميزانية، وهي اعتبارات أصبحت صدقاً تحد من مجالات الممكن"، وزاد موضحًا "إننا ندق ناقوس الخطر من أن التمادي في السياسة النقدية والمصرفية المالية، قد يؤدي إلى مزيد من عوامل الإفلاس المقاولاتي، وبالتالي من فقدان مناصب الشغل، مع ما يترتب عن ذلك من تقهقر للمستوى المعيشي للأسر المغربية، وتفاقم عجز صناديق الاحتياط الاجتماعي بسبب تراجع نسبة التشغيل".

انتقاد الربيع العربي

وخص لشكر السياق الذي مرت منه الأمة العربية والإسلامية بجزء من كلامه في السنوات الماضية حين قال: "عاشت بلادنا أحداثاً ومحطات مهمة تلت ما اصطلح عليه بـ( الربيع العربي)، إنها أحداث مازالت تداعياتها سارية، تاركة وراءها أجزاء شاسعة من الجسد العربي، تئن من الدمار والاقتتال ومن الصراعات بين أطراف متعصبة، ناسية أو متناسية بأن الهدم سهل والبناء صعب وإعادة البناء أصعب"، مسجلاً أن للتدخل الخارجي "دورًا كبيرًا في ما جرى وما يجري، فعلينا أن ننظر كذلك إلى العوامل الذاتية، التي أوصلت الأنظمة السياسية والأنساق المجتمعية إلى حالة الهشاشة سهُلَتْ معها المخططات التدميرية والانقسامية".

واعتبر لشكر أن "المسلسل التخريبي الذي تعرضت له بلدان وشعوب عربية، بفعل التدخل الخارجي وإذكاء روح الطائفية والإرهاب، ينبغي أن يتوقف"، مطالبًا النخب السياسية والثقافية بـ"تحمل مسؤوليتها في البحث عن حلول سياسية، متوافق عليها، حماية لوحدة بلدانها واستقرارها وأمنها ، كما أعرب في الآن ذاته عن تضامن حزبه مع كل "الأقليات المسلمة، التي تعاني الإضطهاد، ونطالب بحمايتها من طرف المجتمع الدولي".&

رسالة لشكر للجزائر&

وبخصوص قضية الصحراء المغربية، ناشد لشكر الجزائر&التخلي عن دعمها للانفصال، وقال: "أناشد أشقاءنا في الجزائر التخلي عن التوجه المشجع للانفصال وسوء التفاهم بين الشعوب، ففضاؤنا المغاربي جريح وممزق"، مبرزًا أن ما يخدم مصلحة الاتحاد المغاربي هو "المصالحة في ليبيا وتوطيد الدولة الديمقراطية المدنية في تونس والاندماج الاقتصادي من نواكشوط إلى طرابلس وبنغازي عبر الرباط والجزائر"، وزاد مؤكداً أن "فضاءنا المغاربي متصل، ولا يمكن أن يقبل عاقل بالتمادي في إيقاد نار التفرقة"، داعياً إلى التخلي عن "المناورات والحسابات الضيقة التي لا معنى لها اليوم، فهي لا تصبو إلى البناء، بل إلى التفرقة، والحال أن قارتنا وفضاءنا المغاربي في حاجة لتجاوز عناصر التنافر والشقاق والتوتر".

ومضى لشكر في كلمته قائلاً "ألم يحن الوقت لندشن جميعًا مسيرة جديدة، توحد الإرادة وتدمج الموارد، وتخلق لأجيالنا الصاعدة فرص الاندماج الاقتصادي والتمكن من حضارة المعرفة"، مشددًا على أن "مصلحتنا جميعا أن نربيٓ أبناءنا على التآخي، ففي ذلك ربح لمجتمعاتنا ولاقتصادنا".

وأكد لشكر &على موقف الاتحاد الاشتراكي الثابت بخصوص "نزاع الصحراء المغربية المفتعل، ولم يُغير موقفه رغم الضربات الموجعة التي تلقاها خلال سنوات القمع"، وسجل بأنه مع "مبادرة الحكم الذاتي كأساس للتفاوض، ما دام أن هذه المبادرة ليست إلا خير تجسيد لإرادة المنتظم الدولي في اعتماد حل سياسي.. ولا شيء غير ذلك"، مجددًا دعوة حزبه للجزائر لتجاوز الأوضاع ورفع يدها عن الملف، وقال &"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يجدد الدعوة لإخواننا في الجزائر الشقيقة لتجاوز هذه الأوضاع، من خلال رفع اليد عن محتجزي تيندوف، والسماح لهم بالالتحاق بإخوانهم وذويهم، ليعملوا سوياً على إرساء دعائم حكم ذاتي يسمح للساكنة بالمساهمة في إنجاز النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية".&

ضيوف المؤتمر&

وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الوطني العاشر لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي حضور عدد من ممثلي وقادة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وضيوف وممثلي أحزاب اشتراكية من دول أفريقية وعربية، وعاينت "إيلاف المغرب" في الجلسة حضور لحسن الداودي ونجيب بوليف، عن حزب العدالة والتنمية، وحكيم بنشماس رئيس مجلس المستشارين عن حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، بالإضافة إلى وزير العدل محمد أوجار ممثلاً لحزب التجمع الوطني للأحرار، ومحند العنصر أمين عام حزب الحركة الشعبية، ومحمد ساجد الأمين العام للاتحاد الدستوري، فيما بدا لافتًا غياب أي ممثل عن حزب الاستقلال في الجلسة الافتتاحية.