الرباط: قالت المديرية العامة للأمن الوطني المغربي إنها تعاملت مع منع عقد نشاط نقابي بالرباط (في إشارة الى مؤتمر الاتحاد العام للشغالين في المغرب، الذراع النقابية لحزب الاستقلال) من منظور قانوني صرف، ومن زاويته القضائية، باعتبارها جهازا مكلفا تطبيق القانون، وذلك بعيدا عن أية خلفية سياسية أو نقابية، وبتجرد تام عن طبيعة النشاط وصفة أطراف القضية.

وجددت المديرية العامة للامن المغربي التأكيد في بيان لها بأن تدخل عناصر القوة العمومية لإيقاف انعقاد هذا النشاط، كان تنفيذا لتعليمات كتابية صادرة عن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، والتي قضت باتخاذ المتعين طبقا لما يقتضيه القانون، من أجل ضمان تنفيذ الأمر الصادر عن وكيل الملك بسلا والقاضي ب"توفير المؤازرة اللازمة للمفوض القضائي تنفيذا للأمر الاستعجالي المرفق".

وأضافت أنه حرصا على تطبيق أوامر النيابة العامة الصادرة في الموضوع، وتنفيذا لمقررات السلطة القضائية، خاصة وأن منطوق الحكم الاستعجالي قضى بإيقاف انعقاد النشاط النقابي المذكور إلى غاية البت في جوهر الدعوى، فقد قامت ولاية أمن الرباط بتوفير عناصر القوة العمومية لمؤازرة مأمور التنفيذ وضمان تنفيذ الحكم القضائي المذكور.

وجاء بيان الادارة العامة للامن المغربي عقب انتقاد وزير الدولة في حقوق الانسان مصطفى الرميد قرار وزارة الداخلية والادارة العامة للامن الوطني التي تدخلت يوم الاحد الماضي في الرباط لمنع حميد شباط امين عام حزب الاستقلال من عقد موتمر استثنائي لنقابة الاتحاد العام للشغالين في المغرب بناء على قرار استعجالي من محكمة في سلا في الوقت الذي رفضت محكمة اخرى بالرباط وقف الموتمر بناء على الطلب الذي وضع النقابي نعمة ميارة ضد شباط.

وقال الرميد في تدوينة على فايسبوك ان تدخل قوات الامن لمنع شباط من عقد مؤتمره قرار لم يكن ملائما ولا ضروريا كما انه يلقي بضلال من الشكوك الكثيفة حول حياد السلطات في نزاع نقابي لا يستدعي هذه التدابير والاجراءات المختلفة.

وفيما يلي النص الكامل لتدوينه الرميد:

السلام عليكم

خلال الأيام الثلاثة الماضية تتبعت باهتمام كبير المنع الذي هم تنظيم المؤتمر الإستثنائي للاتحاد العام للشغاليين بالمغرب يوم الأحد 21 مايو 2017. وبعد استجماع المعطيات الأساسية التي تهم الموضوع يمكن الإدلاء بالملاحظات الأولية التالية :

أولا : إن المنع يعود في أصله إلى نزاع بين طرفين متنافسين داخل النقابة المعنية، دفع أحدهما إلى تقديم طلب رام إلى منع تنظيم المؤتمر الذي كان مقررا عقده يوم الأحد 21 مايو 2017 وذلك أمام المحكمة الإبتدائية بالرباط بتاريخ 17 مايو 2017 حيث قضت المحكمة (القضاء الإستعجالي) برفض الطلب.

انه وفي نفس اليوم الذي قضت فيه المحكمة الإبتدائية بالرباط برفض الطلب وهو 19 مايو 2017 قام نفس الطرف برفع دعوى جديدة أمام المحكمة الإبتدائية بسلا و التي قضت في نفس اليوم بإيقاف انعقاد المؤتمر الإستثنائي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب المزمع عقده بتاريخ 21 مايو 2017 وهنا تثار تساؤلات من قبيل :

السؤال الأول ؛ إن الطرف المدعي في النزاع رفع دعوى ثانية أمام المحكمة الإبتدائية بسلا بعد أن رفض طلبه من قبل المحكمة الابتدائية بالرباط في نفس اليوم ليحصل على أمر استعجالي مخالف للأول بالرغم من تطابق أطراف الدعوى و سببها والطلب المؤسس عليها، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حول مدى مشروعية هذه الصيغة في التقاضي و الظروف التي أحاطت بصدور الأمر الاستعجالي الثاني !!!

السؤال الثاني ؛ أن القضاء الإستعجالي إن كانت له مسطرته الخاصة التي تبررها حالت الاستعجال التي يقدرها القضاء فإن الملاحظ أنه على صعيد المحكمة الابتدائية بالرباط تم إستدعاء الطرف المدعى عليه الذي تقدم بجوابه في حين أن قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية بسلا قدر عدم استدعاء الطرف المدعى عليه وهو ما انعكس على نتيجتي الأمرين الصادرين في القضية نفسها.

فهل يصح استدعاء المدعى عليه في قضية وعدم استدعائه في قضية أخرى مع اتحاد الظروف و المعطيات.

ثانيا : إن الأمر الصادر عن قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية بسلا إذ قضى بإيقاف انعقاد المؤتمر الإستثنائي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب فإنه لم يقض باستعمال القوة العمومية ومع ذلك استعملت هذه القوة في إيقاف أشغال المؤتمر المذكور، وهو ما يطرح سؤال المشروعية القانونية لتسخير القوة العمومية لتنفيذ أمر استعجالي يهم نزاعا نقابيا وظروف هذا التسخير مع العلم أن أقل ما يقال في هذا الباب أن العدالة لم تتعود على هذا النوع من التسخير وبالتالي يطرح السؤال حول ما إذا كان سيصبح بإمكان جميع المحكوم لهم في الحالات المماثلة والمشابهة الاستفادة من تسخير القوة العمومية لظمان تنفيذ الأوامر والأحكام الصادرة لفائدتهم بنفس الطريقة المستعجلة.

ثالثا : إن ما حصل في هذه النازلة لم يكن ضروريا ولا ملائما إذ أنه بالرغم من الظروف التي أحاطت بصدور الأمر الاستعجالي عن المحكمة الابتدائية بسلا فإن هذا الأمر له حجيته في مواجهة الطرف الثاني مادام أنه لم يكن محل إلغاء من المحكمة الأعلى، وبالتالي فإن الطرف الثاني في النزاع حتى ولو نظم مؤتمره الاستثنائي بتاريخ 21 مايو 2017 فإن هذا التنظيم كان سيعتبر لاغيا باعتبار منطوق الأمر القضائي الصادر في الموضوع، لذلك فإن السلطات المعنية كان يمكنها الاستغناء عن اللجوء إلى هذا المنع بهذا الشكل الذي يطرح تساؤلات عديدة ويلقي بظلال من الشكوك الكثيفة حول حيادية سلطات مختلفة في نزاع نقابي لا يستحق هذه الإجراءات والتدابير الإستثنائية.