واشنطن: أقرت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) الخميس بأسوأ خطأ ارتكبته خلال الحملة ضد تنظيم داعش وهي مقتل مئة وخمسة مدنيين في قصف في 17 مارس في الموصل، لكنها نسبت هذه الحصيلة الهائلة الى متفجرات مخزنة لدى الجهاديين وليس القصف الاميركي بحد ذاته.

ويأتي هذا الاعتراف بينما تدين منظمات غير حكومية ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في عمليات القصف التي يقوم بها التحالف منذ وصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي وعد بتسريع القضاء على تنظيم داعش.

وتنفي وزارة الدفاع الاميركية باستمرار تسبب عمليات القصف التي تقوم بها بسقوط ضحايا. ويقول العسكريون الاميركيون ان "قواعد الاشتباك" والاجراءات الوقائية لتجنب سقوط قتلى مدنيين، لم تتغير منذ وصول دونالد ترامب الى الرئاسة.

واوضح البنتاغون ان الخطأ الذي وقع في 17 مارس مرتبط خصوصا بسلوك الجهاديين الذين لا يترددون في استخدام المدنيين في تكتيكاتهم القتالية بدون الاهتمام بمصيرهم. ويفيد ملخص التحقيق العسكري الذي نشر الخميس ان القصف كان يستهدف قناصين للتنظيم الجهادي متمركزين في الموصل.

وقد جرى بطلب من القوات العراقية لمكافحة الارهاب التي كانت تقوم باقتحام الحي. ولم ترصد تلك القوات المتمركزة قبلها يومين على بعد اقل من مئة متر، وجود عشرات المدنيين الذين لجأوا الى منزل بدعوة من مالكه.

وكان التحالف الدولي حينذاك محروما منذ يومين من صور الفيديو التي تلتقطها طائرة بدون طيار بسبب الاحوال الجوية السيئة. واتخذ القرار بالقضاء على القناصين بقنبلة خفيفة نسبيا من نوع "جي بي يو-38" تزن حوالى 87 كيلوغراما من معادل التي-ان-تي، يفترض الا تصيب سوى الطابق الذي يتمركزا فيه.

لكن انفجار القنبلة ادى الى "انفجار اضافي" قوي تسبب في انهيار المبنى باكمله. وقد علق مئة شخص وشخص لجأوا اليه واربعة من الجيران، كما كشف التحقيق.

وقال الجنرال مات ايسلر الذي اجرى التحقيق الميداني للتحالف مع خبراء بالاسلحة والهندسة المدنية، للصحافيين انه للتسبب بمثل هذه الاضرار يحتاج الامر الى حوالى 450 كيلوغراما من معادل التي-ان-تي، اي اكبر باربع مرات من القنبلة التي استخدمت.

وتوصل المحققون الى ان تنظيم داعش وضع متفجرات في المنزل، بعدم عثروا على بقايا كيميائية من متفجرات استخدمها الجهاديون مثل النتروغليسرين...

منزل تم تلغيمه عمدا

يشتبه المحققون بدون ان يمتلكوا الادلة، بان تنظيم داعش تعمد تفخيخ المنزل من اجل جذب هجوم للتحالف والتسبب بخطأ.

وقال الجنرال ايسلر ان دفع التحالف الى ارتكاب اخطاء اسلوب تكتيكي معترف به لتنظيم داعش. واكد ان طائرة بلا طيار للتحالف صورت في 28 آذار/مارس محاولة من هذا النوع للجهاديين.

واوضح ان تسجيل فيديو يظهر الجهاديين وهم يقودون بالقوة مدنيين الى مبنى ثم يقومون بلغمه، خصوصا بقارورة من غاز البروبين بهدف زيادة تأثير القصف.

ولم يستبعد الجنرال ايسلر ان تتمكن عائلات الضحايا من الحصول على تعويض من البنتاغون "في تعبير عن التعاطف" معهم امام الخسارة التي منوا بها.

وقال "في بعض الظروف يمكن للقادة العسكريين التفكير" في دفع مثل هذه التعويضات، مؤكدا في الوقت نفسه ان ذلك ل يشكل اعترافا بالمسؤولية.

 وكانت حصيلة المدنيين الذين اعترف التحالف بالتسبب بقتلهم منذ بدء عمليات القصف ضد تنظيم داعش في آب/اغسطس 2014، ارتفعت الى 500 قتيل وقتيل، لكن حوادث عديدة ما زالت تخضع لتحقيقات والحصيلة الواقعية اكبر بالتأكيد.

واطلقت القوات العراقية يساندها التحالف الدولي لمكافحة الجهاديين بقيادة اميركية عملية واسعة في منتصف تشرين الاول/اكتوبر لطرد جهاديي تنظيم داعش من الموصل ثاني مدن العراق.

وقد سيطرت في نهاية يناير على شرق المدينة واطلقت في منتصف شباط/فبراير هجومها على غربها المكتظ بالسكان ويشمل البلدة القديمة.