قال خبراء عسكريون وسياسيون إن الضربات الجوية المصرية لمواقع تابعة للجماعات المسلحة في ليبيا، حققت أهدافها العسكرية، كما إنها تحمل العديد من الرسائل السياسية داخليًا وخارجيًا.&

إيلاف من القاهرة: رأى الخبراء أن الوضع في ليبيا يمثل خطرًا على الليبيين أنفسهم، وعلى الدول المجاورة، بل يمثل خطرًا على السلم والأمن الدوليين. وطالبوا المجتمع الدولي بضرورة إعادة النظر في استيراتيجية الحرب على الإرهاب، لتشمل الجماعات المسلحة في ليبيا.

حققت أهدافها
ردًا على مقتل 28 قبطيًا في محافظة المنيا على أيدي عناصر التنظيم "الإرهابي"، المعروف بـ"داعش"، أعلن الجيش المصري، أن "القوات الجوية نفذت عددًا من الضربات المركزة ليل نهار، واستهدفت عددًا من العناصر "الإرهابية" داخل الأراضي الليبية بعد التنسيق والتدقيق الكامل لكل المعلومات شاركت فيها تشكيلات من المقاتلات متعددة المهام".

وقال المتحدث باسم الجيش العقيد تامر الرفاعي، إن الضربات "أسفرت عن تدمير كامل للأهداف المقررة، والتي شملت مناطق تمركز وتدريب العناصر "الإرهابية" التي شاركت في التخطيط والتنفيذ للحادث "الإرهابي" الغادر، الذي استهدف عددًا من المواطنين في محافظة المنيا"، مشيرًا إلى أن "القوات المسلحة تواصل مهامها للرد بكل قوة لحماية السيادة المصرية وردع أي محاولة للمساس بعزة وكرامة شعبها العظيم"، على حد تعبيره

الحافلة التي كانت تقل الضحايا

ووفقًا لخبراء عسكريين إن الضربات الجوية حققت أهدافها، مؤكدين أنها تحمل رسائل سياسية داخليًا وخارجيًا. وقال قائد سلاح الجو الليبي العميد صقر الجروشي: "إن الغارات التي نفذها سلاح الجو المصري ضد معسكرات الإرهابيين في مدينة درنة، تمت بالتنسيق مع القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية"، مشيرًا إلى أن "6 غارات مركّزة نجحت في تدمير المركز الرئيس لمركز شورى مجاهدي درنة، الذي يعد المعقل الرئيس للتنظيمات الإرهابية في المنطقة".

ليست الأولى
وحسب وجهة نظر اللواء عادل فؤاد، الخبير العسكري، فإن الضربات الجوية المصرية ليست الأولى، بل سبق أن نفذت القوات ضربات ضد معاقل الجماعات "الإرهابية" في ليبيا في أعقاب ذبح 21 قبطيًا في شهر فبراير من العام 2015، كما نفذت القوات البرية عملية أخرى بعد تلك الضربات الجوية.

وأضاف لـ"إيلاف" إن الضربات الأخيرة هي الأقوى، متوقعًا أن يستمر الجيش المصري في توجيه الضربات إلى البؤر الإرهابية في الداخل والخارج، من أجل حماية أمن البلاد القومي.

ولفت إلى أن هذه الضربات تمت بالتنسيق مع ليبيا والمجتمع الدولي، مشيرًا إلى أن مصر أرسلت خطابًا إلى مجلس الأمن لتوضيح وجهة نظرها، وأن ما قامت به هو لحماية أمنها القومي، وحماية أرواح مواطنيها، وأنه فعل يتماشى مع القانون الدولي.

وأشار إلى أن الضربات الجوية حققت أهدافها، لكنها لن تقضي على مراكز التدريب ومخازن التسليح، ولن تقضي على الجماعات الإرهابية في ليبيا، لافتًا إلى أن الحسم في ليبيا يحتاج تكاتف المجتمع الدولي ورفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي.

رسائل مزدوجة
وأفاد أن الضربات المصرية تحمل رسائل إلى الداخل والخارج، موضحًا أن الرسائل الداخلية تقول إن الجيش المصري لن يتهاون في حماية أمن البلاد، وإنه يلاحق عدوًا مدعوم من الخارج، ولديه ملاذات آمنة في دول أخرى.

ولفت إلى أن الرسائل الخارجية، تقول إن من حق مصر الدفاع عن أمنها القومي وحماية مواطنيها، حتى ولو تطلب الأمر توجيه ضربات إلى دول خارجية ترعى الإرهاب، وأنه يجب على دول العالم أن تتكاتف معها في تلك الحرب. فالوضع في ليبيا أصبح مصدر تهديد للأمن القومي المصري، بل والأمن والسلم الدوليين.

وقال اللواء محمد عبد الرحمن، الخبير العسكري، لـ"إيلاف" إن مساحة الأراضي الليبية شاسعة وترتبط بحدود واسعة مع دول أخرى ليست مستقرة، منوهًا بأن الميليشيات المسلحة والمتطرفة في ليبيا تمثل خطرًا شديد، ليس على ليبيا فقط، بل على جيرانها، ومنهم مصر وتونس، بل إنها صارت تمثل خطرًا على دول أوروبا وباقي دول العالم.

خطر عالمي
وذكر أن الأراضي الليبية تحوّلت إلى مركز دولي لتدريب وتسليح الجماعات الإرهابية، وبؤرة انطلاق إلى باقي أنحاء العالم، مدللًا على ذلك بأن منفذ تفجيرات مانشستر في بريطانيا تلقى تدريبات في ليبيا، وقضى فيها أسابيع عدة.

وقال "يجب على المجتمع الدولي إعادة النظر في استراتيجية الحرب على الإرهاب، وألا يتم إغفال الوضع في ليبيا، لأنه يمثل خطرًا على السلم الدولي".

ولفت إلى أنه من هذا المنطق جاءت الضربات الجوية المصرية لمعاقل الجماعات المسلحة في ليبيا، مشيرًا إلى أنها تحمل رسائل إلى الخارج، تؤكد من خلالها على أن الوضع في ليبيا يمثل خطرًا على مصر ودولًا أخرى. ونبه إلى أن الرسائل التي بعثت بها الضربات تشير إلى ضرورة تكاتف دول العالم من أجل تطهير ليبيا من الميليشيات المسلحة، ودعم الجيش الليبي، ودعم عودة مؤسسات الدولة إلى العمل.

رد على السيسي
بينما ترى النائبة الدكتورة عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية في البرلمان أن الحادث "الإرهابي" الذي أودى بحياة 28 قبطيًا، له علاقة بكلمة الرئيس السيسى في القمة الإسلامية الأميركية في الرياض عن الإرهاب، مشيرة إلى أن هذا الحادث مدبّر ومدروس خاصة وأنه تم في منطقه ليست فيها أكمنة أمنية.

وطالبت عضو اللجنة التشريعية في البرلمان في تصريح لـ"إيلاف" مجلس الأمن بضرورة الإعلان عن الدول التي تموّل الإرهاب وتحتضن "الإرهابيين"، وأن يتم اتخاذ أقصى العقوبات ضدهم، ولفتت إلى ضرورة أن يعيد المجتمع الدولي النظر في استراتيجية عمل التحالف الدولي ضد الإرهاب، ليشمل الجماعات في ليبيا، إلى جانب العراق وسوريا.

وقتل 28 شخصًا ينتمون إلى الأقباط في مصر، الجمعة الماضية، أثناء رحلة لهم في محافظة المنيا إلى دير الأنبا صموئيل، ومن بين الضحايا أطفال ونساء.

وتبنى تنظيم ما يعرف بـ"داعش" العملية، وقال إن مجموعة من عناصره نفذوا الهجوم، وقتلوا الضحايا بالرصاص، بينما قال شهود عيان إن الجناة استولوا على متعلقات الضحايا من مجوهرات وأجهزة موبايل وأموال، قبل قتلهم بالرصاص في الرأس والعنق.
&