«إيلاف» من برلين: تشير وزارة الصحة الألمانية إلى وجود مليوني مدمن على الكحول، وترتفع نسبتهم بين الشباب إلى 12%، ما يقارب 1.8 مليون مدمن على التدخين من بين 15.5 مليون مدخن، وكل هؤلاء يكلفون الدولة الملايين في دورات إعادة التأهيل والتخلص من الادمان. فهل من الممكن معالجتهم بطريقة أيسر؟

يقول الأطباء الألمان ان ذلك ممكن بفضل ألعاب كومبيوتر خاصة تحفز مراكز المقاومة وتعزيز الإرادة في قشرة الدماغ في الفص الأمامي. ويذهب هؤلاء العلماء إلى ان تحفيز هذه المناطق لدى المسنين، الذين تنخفض فعالية هذه المناطق لديهم طبيعياً بتأثير تقدم العمر، يمكن ان يستفيدوا من هذه الألعاب لتعزيز قدرتهم على السيطرة على أفعالهم ونشاطاتهم.

أجرى الدراسة حول علاقة ألعاب الكومبيوتر بالادمان أطباء من جامعة هامبورغ-ايبدنورف، يساعدهم علماء من "شاريتيه برلين" في جامعة هومبولدت البرلينية. ونشرت الباحثة البروفيسورة سيمونه كون الدراسة في العدد الإلكتروني من المجلة العلمية" نيوروماغازين" مع الإشارة إلى ضرورة إجراء دراسات أخرى للتأكد من الموضوع.

تحفيز«كوابح» الادمان في الدماغ

عمدت كون وفريق عملها إلى تحفيز مناطق معينة في مقدمة قشرة الدماغ يعرف العلم انها المسؤولة عن تعزيز الإرادة ضد الإدمان. وفعلاً نجحت ألعاب كومبيوتر صممت خصيصاً لهذا الغرض في تحفيز هذه المناطق التي تعمل بمثابة"كوابح" للإدمان. 

وكتبت الباحثة كون ان المقصود في"الكوابح" هي المناطق المسؤولة عند الإنسان عن الشروع في عمل معين أو التوقف عن مواصلته بعد الشروع فيه. وأكدت الباحثة ان هذا ينعكس على فعل التمتع بالتدخين أو بالكحول قبل الشروع فيه أو بعده.

أجرى الباحثون تجاربهم على 20 امرأة ورجل من أعمار تتراوح بين62-78 سنة. وكان على المتطوعين اللعب على ألعاب كومبيوتر صممها العلماء بالضبط للتأثير في المناطق الدماغية المذكورة. ووقع على المتطوع يومياً طوال15 دقيقة، على مدى شهرين، الاختيار تحت ضغط الوقت بين أشياء"مسموح بها" واخرى "غير مسموح بها". وأن ينقلوا الاشياء المسوح بها من"البوفيه" إلى سلة افتراضية.

وفضلاً عن مجموعة العشرين متطوعاً، استخدم العلماء54 امرأة ورجلاً في مجموعتين اضافيتين. لعب أفراد المجموعة الثانية خلال نفس الفترة على ألعاب كومبيوتر تنمي قدراتهم العقلية عموماً، في حين لعب أفراد المجموعة الثالثة على ألعاب كومبيوتر عادية بمثابة مجموعة مقارنة.

ألعاب الكومبيوتر احدثت تغييرات في تركيبة الدماغ

فحص الباحثون بعد شهرين من اللعب التغيرات التي طرأت على"الكوابح" باستخدام أجهزة الاشعة بالرنين المغناطيسي، كما فحصوا التغيرات على السلوك المباشر للأفراد. وظهر من الفحوصات ان مناطق الدماغ المسؤولة عن كبح الرغبات كانت انشط بالمقارنة مع أفراد المجموعتين الثانية والثالثة. وهذا يعني ان ارادة الكبح، أو لنقل التوقف عن عمل المحظورات كانت أقوى لدى الذين لعبوا على ألعاب الكومبيوتر الخاصة.

وظهر أيضاً ان قشرة الدماغ الأمامية، في المناطق المسؤولة عن الكبح، صارت اكثر سماكة من قبل. وأصبحت هذه المناطق أكبر واسمك في المجموعة الأولى كلما زادت ساعات اللعب على ألعاب الكومبيوتر الخاصة التي تم توفيرها للمتطوعين.

وفي خطوة لاحقة، يخطط فريق العمل بقيادة كون إلى إجراء تجارب لاحقة على مدمنين على الكحول والسجائر للتأكد من النتائج.

وغير معروف ما إذا كان تحفيز"الكوابح" بواسطة ألعاب الكمبيوتر يمكن أن ينجح مع المدمنين على الاشياء الأخرى مثل ادمان المخدرات وادمان ألعاب الكومبيوتر وادمان الجوال وادمان الميسر. وسبق لمارلين مورتلر، مفوضة شؤون الادمان في حكومة المستشارة انجيلا ميركل، ان تحدثت بإحصائية رسمية عن أكثر من نصف مليون مدمن على الموبايل والانترنت وألعاب الكومبيوتر. ولا يبدو ان الادمان يقتصر على الأطفال والمراهقين في هذا المجال، لأن هذه الاحصائية تشمل المواطنين من سن14-64 سنة.

وهناك في ألمانيا 300 ألف مدمن على القمار، ونحو200 ألف مواطن من المترددين يومياً على أجهزة اللعب الإلكترونية، وهم أفراد في طريقهم إلى الادمان، أو انهم على حافة الادمان. وتبلغ نسبة المهاجرين بين المدمنين نحو40% رغم أن نسبتهم إلى السكان في ألمانيا لا تتجاوز8,3%.. فالإدمان على القمار ينتشر بين ذوي الدخول المحدودة وبين أقل فئات المهاجرين قدرة على التأقلم مع المجتمع.