نصر المجالي: انطلقت رسميا، اليوم الاثنين، مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وطغت تصريحات كبار المفاوضين في الجلسة الأولى على الهجوم الارهابي الاخير الذي ضرب لندن خارج مسجد فينسبري بارك، مع تأكيد تصميم بريطانيا على بناء "شراكة قوية وخاصة" مع الاتحاد الأوروبي.

وجاء انطلاق المفاوضات التي ينتظر أن تكون شاقة في بروكسل لوضع النقاط على الحروف في عملية مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، وذلك بعد مرور عام على استفتاء "بريكسيت" الذي جاءت نتائجه أشبه بزلزال هزّ أوروبا والغرب عموما. 

ويقود المفاوضات عن الجانب البريطاني وزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيس وعن الجانب الأوروبي ميشال بارنييه الذي كان عمل وزيرا لخارجية فرنسا. 

وستحدد هذه المفاوضات مستقبل بريطانيا عندما سينتهي هذا الماراتون السياسي الذي يتوقع أن يستمر حتى مارس 2019، وستكون لنتيجة هذه المفاوضات آثار على مستقبل النظام السياسي الغربي برمته الذي قد يهتز بقوة في حال الفشل في التوصل إلى اتفاق.

الوفد البريطاني 

 

شراكة راسخة

وكان المفاوض البريطاني وزير بريكست ديفيد ديفيس استبق بدء المفاوضات في بروكسل ببيان قال فيه "الطريق طويل أمامنا، إلا أن وجهتنا واضحة - شراكة راسخة ومميزة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. اتفاق لا مثيل له في التاريخ". وأضاف "اتطلع إلى بدء العمل على هذا المستقبل الجديد".

أما وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون فعبر عن تفاؤله بشأن المفاوضات عند وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل بالقول "أعتقد أن كل العملية ستؤدي إلى نهاية سعيدة ستكون مشرفة ومربحة للطرفين".

وفي الخطوط العريضة لمشروع الحكومة البريطانية لـ"بريكسيت"، أكد وزير الخزانة البريطاني فيليب هاموند الأحد أن الخطة تتضمن الخروج من الاتحاد الأوروبي والوحدة الجمركية والسوق الأوروبية المشتركة. إلا أنه حذر من أنه "علينا أن نتوصل إلى ذلك بسلاسة وليس بـ (اعتماد سياسة) حافة الهاوية".

3 موضوعات 

ومن المنتظر أن تتركز المفاوضات على ثلاثة مواضيع رئيسة، قبل التطرق إلى مستقبل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أو أي اتفاق تجاري محتمل. وهي أولا: كلفة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي تقدرها بروكسل بحوالى 100 مليار يورو (112 مليار دولار). 

وثانيا: حقوق قرابة ثلاثة ملايين من الرعايا الأوروبيين المقيمين في بريطانيا ومليون بريطاني مقيمين على أراضي الاتحاد، وستقدم تيريزا ماي ستقدم عرضا سخيا للاتحاد في هذه النقطة لكن ناصحيها دعوها لتأجيل طرح العرض على الطاولة لأنها إن فعلت الآن فإنها ستستبق وستذهب لمناقشة قضايا شائكة سابقة لأوانها حسب تقارير حول خطة الحكومة البريطانية للبريكسيت.

أما الموضوع الثالث الذي يصرّ الاتحاد على مناقشته في البداية فهو: مسألة الحدود بين إيرلندا الشمالية (أراضي بريطانيا) وإيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. ومن المرجح أن يضع الطرفان المواضيع الخلافية جانبا خلال جولة المفاوضات الاثنين.

كبيرا المفاوضين ديفيد ديفيس وميشال بارنييه

 

قمة الخميس

ويقول تقرير لـ(فرانس برس) إن أوساطا في بروكسل تخشى من عدم وجود استراتيجية بريطانية حقيقية، وهو ما يتناقض مع ضرورة "إعادة بناء الثقة" و"هي "الطريقة الأمثل لقضاء هذا الأسبوع"، حسب مصدر أوروبي. الذي سينتهي بحضور تيريزا ماي قمة الاتحاد في بروكسل ما سيمكنها من شرح خطتها للبريكسيت يوم الخميس المقبل.

ووضعت الحكومة استراتيجية "بريكست شاق" لخفض أعداد المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي على حساب عضوية بريطانيا في السوق الأوروبية المشتركة والوحدة الجمركية.

إلا أن تساؤلات بدأت تُطرح بشأن هذه المقاربة عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو وخسرت بنتيجتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي الغالبية التي كان يحظى بها حزب المحافظين.

هناك ما يوحدنا

 وإلى ذلك، قال كبير المفاوضين البريطانيين ديفيد ديفيس عندما وصل الى بروكسل ان هناك "المزيد يوحدنا عن تقسيمنا" وقال إن بريطانيا مصممة على بناء "شراكة قوية وخاصة" مع الاتحاد الأوروبي.

وقال إنه سيدعو خلال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي إلى "صفقة لا مثيل لها في التاريخ"، واضاف أن "أمامه طريقا طويلا"، لكنه توقع "شراكة عميقة وخاصة". 

نموذج مفضل

وإلى ذلك، قالت (بي بي سي) إنها علمت من مصادر في الاتحاد الأوروبي أن المفاوضات ستتبع النموذج المفضل لدى الاتحاد، وهو مفاوضات الخروج أولا، ثم يُبحث مستقبل العلاقات بين الجانبين، بما في ذلك اتفاق التجارة الحرة الذي تهدف إليه بريطانيا، في وقت لاحق.

ودعت خمسة اتحادات تجارية بريطانية إلى استمرار النفاذ إلى السوق الأوروبية الموحدة، حتى إتمام الاتفاق النهائي لخروج بريطانيا من الاتحاد.

وفي خطاب مشترك إلى وزير الدولة لشؤون قطاع الأعمال غريغ كلارك، حثت تلك المؤسسات الحكومة على "وضع الاقتصاد أولا".

ووقع على الخطاب اتحاد الغرف التجارية البريطانية، واتحاد الصناعات البريطانية واتحاد المصنعين، واتحاد المشروعات التجارية الصغيرة ومعهد المديرين.

تحذير قوي

وعشية المفاوضات، أطلق وزير المالية البريطاني فيليب هاموند تحذيرا قويا، من عواقب خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى اتفاق.

وقال هاموند لبي بي سي إن عدم التوصل إلى اتفاق سيكون "نتيجة سيئة جدا جدا بالنسبة إلى بريطانيا"، لكنه أضاف أن اتفاقا يهدف إلى "سحب شريان الحياة من اقتصادنا لفترة من الزمن سيكون أسوأ".

ودعا هاموند إلى التوصل إلى اتفاق انتقالي، من أجل تجنب تأثر الشركات بسيناريو "حافة الهاوية" عند خروج بريطانيا. وقال هاموند إن بريطانيا يجب "أن تعطي أولوية للحفاظ على كل من الوظائف والنمو الاقتصادي والرفاهية".