لندن: يقول علماء إن كوننا متعدد الأكوان، مشيرين إلى أنّ المقصود بالتعدد عدد لا نهائي. وتوجد هذه الأكوان التي لا تُحصى جنباً إلى جنب في أبعاد أعلى لا تستطيع حواس الانسان ان تدركها بصورة مباشرة. 

ويعود الفلكيون وعلماء الكون بصورة متزايدة إلى نظرية تعدد الأكوان لتفسير ظواهر محيرة. وبحسب العلماء، فإن كل كون من هذه الأكوان المتعددة له نسخة خاصة به من الواقع. 

قد يبدو هذا ضرباً من الخيال. ولكن الجمعية الفلكية الملكية البريطانية توصلت إلى احدث دليل يسند نظرية الأكوان المتعددة. ونشرت الجمعية دراسة عما يُسمى "البقعة الباردة" وهي رقعة باردة بصفة خاصة من الفضاء تُشاهد في الإشعاع المنبعث من نشوء الكون قبل اكثر من 13 مليار سنة. 

وكان احد الاقمار الاصطناعية التي اطلقتها وكالة الفضاء الاميركية "ناسا" رصد البقعة الباردة أول مرة في عام 2004 ثم أكدتها المركبة الفضائية "بلانك" التي اطلقتها وكالة الفضاء الاوروبية في عام 2013.

وهي ظاهرة يقف امامها العلماء حائرين. إذ يعتقد غالبية الفلكيين والكوزمولوجيين ان من المستبعد ان تكون ولادة الكون هي التي اوجدت هذه البقعة، لأن من الصعب على النظرية الشائعة، المعروفة باسم نظرية التضخم، ان تفسرها رياضياً. وتقول الدراسة الجديدة انها تستبعد التفسير القائل إن البقعة الباردة خداع بصر ناجم عن عدم وجود مجرات متدخلة. 

وقال البروفيسور توم شانكس من جامعة درام وأحد المشاركين في الدراسة إن هناك تفسيرات لأصل البقعة الباردة غير التفسير الذي يستند إلى نظرية الانفجار الكبير وان أكثر هذه التفسيرات إثارة هو "ان سبب البقعة الباردة اصطدام بين كوننا وكون فقاعي آخر، وإذا ثبت ذلك بمزيد من التحليل الأكثر استفاضة فإن البقعة الباردة يمكن ان تعتبر أول دليل على تعدد الأكوان". 

ولكن المفارقة تتمثل في انه إذا كانت هناك أكوان متعددة، سيتعين على العلماء الإقرار بأن هدف الفيزياء النهائي وهو تفسير نشوء الكون بهذا الشكل قد يكون عصياً على التحقق إلى الأبد. 

فالغاية النهائية من علم الفيزياء هي ان تقدم سبباً لنشوء الكون بشكله هذا. ولتقديم مثل هذا التفسير يجب ان تبين سبب القيم التي تمتلكها بعض الكميات الأساسية مثل سرعة الضوء وكتلة الالكترون وقوة تفاعل الجاذبية. 

ولكن إذا كانت هناك اكوان متعددة، فإن هدف الفيزياء هذا محكوم عليه بالفشل. ومثلما ان هناك عدداً لا نهائياً من الأكوان المتشابهة لكنها مختلفة اختلافاً طفيفاً في ما بينها، سيكون هناك عدد لا نهائي تكون قوانين الفيزياء الأساسية مختلفة فيه. 

واللافت ان من أعلى الاصوات المعارضة لنظرية تعدد الأكوان واحد من اوائل مهندسيها وهو بول ستينهاردت من جامعة برنستون الذي أسهم في تطوير نظرية التضخم لتفسير نشوء كوننا. وهي النظرية ذاتها التي تلاقي صعوبة في تفسير البقعة الباردة مؤدية في الوقت نفسه إلى نشوء أكوان متعددة، لأن رياضيات النظرية تقول ان الكون ما ان يبدأ بالنشوء حتى يطلق ولادة عدد لا نهائي من الأكوان. 

ولكن ستينهاردت انقلب على نظريته ذاتها. وقال لمجلة "ساينتيفسك اميركان" العلمية "إن كوننا المرصود إمكان واحد من طيف متصل من المآلات ولهذا نحن لم نفسر أي سمة من سمات الكون بطرح نظرية التضخم بل نقلنا مشكلة نموذج الانفجار الكبير الأصلي (وهي كيف نستطيع ان نفسر كوننا البسيط في حين ان هناك امكانات مختلفة لا نهاية لها تقريباً يمكن ان تنبثق من الانفجار الكبير؟) إلى النموذج التضخمي كيف نستطيع ان نفسر كوننا البسيط في حين ان هناك امكانات مختلفة لا نهاية لها تقريباً يمكن ان تظهر في أكوان متعددة"؟

بعبارة أخرى ان تعدد الأكوان لا يبدو نظرية جذابة فهو يقوض الغاية من علم الفيزياء ذاته. والطبيعة لا تكترث بذلك. فالكون قد يكون فعلا على هذا الشكل وما علينا إلا القبول به. ومن المؤكد ان هناك كثيرين مستعدين للدفاع عن نظرية تعدد الأكوان بوصفها اتجاهاً سليماً في التفكير. 

إذا كنا حقاً نعيش في أكوان متعددة، فإننا نستطيع الاطمئنان إلى أنّ هناك في مكان ما نسخة من كل واحد منا اكتشفت ذلك، ونالت جائزة نوبل تقديراً لجهودها. 

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.theguardian.com/science/across-the-universe/2017/may/17/multiverse-have-astronomers-found-evidence-of-parallel-universes?CMP=share_btn_fb