دبي: أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، "المسرعات الإنسانية" التي تعد الأولى من نوعها في العالم العربي، وتهدف إلى جمع أفضل العقول وتطويع التكنولوجيا المتقدمة لتحقيق قفزات في العمل الإنساني من خلال استحداث أدوات جديدة وحلول مبتكرة للتعامل مع هذه التحديات الإنسانية والتنموية والمعرفية ورفع الكفاءة المالية للمؤسسات التنموية والإنسانية في تحقيق أهدافها بطرق أكثر فاعلية.

وقال الشيخ محمد بن راشد خلال إطلاقه للمسرعات الإنسانية في أبراج الإمارات مساء الجمعة: "نسعى إلى تسريع الخير وترسيخ الكفاءة وتحقيق قفزات نوعية وتقنية في العمل الإنساني".. موضحًا أن "المسارعة والمسابقة والتنافس في خدمة البشر هي أرقى درجات الإنسانية". وأشار إلى تعزيز مكانة الدولة على خريطة العطاء العالمي. وأضاف: "في كل بقعة من العالم سنغرس خيرًا باسم الإمارات".

ونوه بأن "الهدف من المسرعات الإنسانية هو الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتحسين حياة الناس في كل المجالات". وقال إن " التحديات الإنسانية كثيرة ومتعددة، وعلينا أن نفكر دائمًا بطرق مختلفة، لتسريع عمل الخير وتحقيق نتائجه".. مؤكدًا أن عمل الخير مهمة عاجلة، والمسارعة فيه مسألة لا تقبل الانتظار، وديننا حثنا في القرآن الكريم على المسارعة في الخيرات عبر قوله تعالى "واستبقوا الخيرات".

تستند المسرعات الإنسانية إلى مفهوم يقوم على الجمع بين أفضل العقول وآخر تقنيات العلم لمواجهة أهم التحديات الإنسانية وإيجاد حلول لها، ويأتي إطلاقها بالتعاون بين "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية" و"مسرعات دبي المستقبل".

تهدف المسرعات إلى تطويع التكنولوجيا الحديثة لخدمة الإنسانية، وتحقيق نقلات ملموسة في العمل الإنساني باستخدام حلول الذكاء الاصطناعي، وزيادة الكفاءة المالية لكل المؤسسات المعنية بالعمل الخيري والإنساني والمنضوية تحت "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية" إضافة إلى اختصار الوقت ومضاعفة الإنجاز في مجال العمل الإنساني باستخدام أفكار جديدة ورائدة.

ستركز مسرعات الخير على أربعة تحديات رئيسة تواجهها المنطقة.. يتمثل التحدي الأول في البحث عن حلول لتوفير التعليم الإلكتروني وتسهيل أدواته وسبل الحصول عليه للأطفال اللاجئين عبر تطوير آليات جديدة، كمنصات إلكترونية مبتكرة، تتيح للأطفال المحرومين من التعليم الانخراط في نظم دراسية ضمن بيئة تعليمية محفزة تمكنهم من متابعة تحصيلهم العلمي أو جسره لاحقا وربطه بالنظم السائدة في الأماكن المتواجدين فيها.

ثمة معوقات كثيرة تحول دون توفير "تعليم نظامي" لهؤلاء الأطفال، من بينها صعوبة دمجهم في الأنظمة التعليمية المعتمدة في دول اللجوء، وعدم وجود مناهج دراسية بديلة أو معترف بها، تمكن الأطفال اللاجئين من متابعة الدراسة فيها وعدم توافر مدارس لاستيعابهم وصعوبة الوصول إلى المدارس المتاحة في حال وجدت، ناهيك عن شح الأدوات التعليمية والنقص في المعلمين والتربويين المؤهلين وما إلى ذلك من فقر لوجستي ومادي ومعنوي ومعرفي من شأنه أن يقوض مستقبل أجيال من الأطفال والشباب إن لم يتم إيجاد حلول سريعة وجذرية.

يتمثل التحدي الثاني في توفير البحث عن حلول تقنية متقدمة لتوفير مياه نظيفة في الدول الفقيرة وذلك استكمالًا لمسيرة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم، والتي استطاعت توفير المياه لأكثر من 10 ملايين مستفيد في 2016 عبر الحلول التقليدية، علمًا بأن مشكلة المياه النظيفة والصالحة للاستهلاك البشري تعد تحديًا عالميًا، إذ إن نحو 780 مليون شخص لا يمكنهم الحصول على مصدر مياه محسنة.

من الأرقام في هذا الجانب التي تستدعي تحركًا عالميًا عاجلًا أن أكثر من 800 ألف طفل تحت سن الخامسة يقضون نحبهم سنويًا بسبب الإسهال لعدم توافر مياه شرب نظيفة معظمهم في البلدان النامية.

ستسعى المسرعات الإنسانية إلى البحث في حلول لابتكار تقنية ذات كلفة في المتناول لتتم تنقية المياه بكفاءة وسرعة وبكميات كبيرة ليتم توفيرها للمجتمعات الأكثر تضررًا.

أما التحدي الثالث فيتمثل في تمكين اللاجئين وإدراجهم في سوق العمل لتحسين واقعهم المعيشي، إذ تشير الأرقام المسجلة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن نسبة اللاجئين الذين يعيشون تحت خط الفقر في الدول المضيفة ارتفعت من 50 % في العام 2015 إلى 70% في العام 2017، وعليه تطمح المسرعات الإنسانية إلى البحث عن حلول الكترونية لتطوير فكرة سوق عمل إلكتروني للاجئين حول العالم، من خلال بناء منصة للاستفادة من مهاراتهم وطاقاتهم وخدماتهم ومنتجاتهم وتسويقها في الفضاء الإلكتروني، بما يوفر لهم فرصًا اقتصادية حقيقية.

إلى ذلك يشمل التحدي الرابع تطوير المحتوى القرائي باللغة العربية وتوسيع نطاق نشره في ظل ضعف المحتوى العربي على شبكة الانترنت، وسوف تسعى المسرعات الإنسانية إلى ابتكار حلول الكترونية لمضاعفة المحتوى العربي على الانترنت وزيادة جودته.

ستكون المسرعات الإنسانية جزءًا من "مسرعات دبي المستقبل"، والتي تقدم فرصة فريدة إلى الشركات التكنولوجية للعمل مع مجموعة رائدة من المؤسسات والهيئات الحكومية في دبي، والتواصل مع كوادرها المهنية والاستفادة من مواردهم وخبراتهم التخصصية.

ويهدف البرنامج بشكل رئيس إلى توفير بيئة حيوية ومتكاملة تفتح المجال أمام المشاركين والمؤسسات الإنسانية لاستكشاف فرص ومجالات جديدة لتقديم الحلول الابتكارية، والتقنيات والخدمات المتميزة والقادرة على تغيير العالم، بما يسهم في توقيع المشاركين على مذكرات تفاهم أو أي اتفاقيات مشتركة لتمويل تنفيذ المشاريع التجريبية بعد انتهاء فترة البرنامج. وحتى اليوم شاركت 65 شركة دولية في برنامج "مسرعات دبي المستقبل"، فيما تم توقيع 47 مذكرة تفاهم.