الرباط: عرفت مدينة الحسيمة يوم عيد الفطر أحداث عنف وشغب، الأكثر حدة منذ اندلاع الاحتجاجات قبل ثمانية أشهر. وانطلقت المظاهرات في المدينة بشكل سلمي صباح العيد، استجابة لدعوات وجهت عبر شبكات التواصل الإجتماعي قبل أسبوع للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الحراك. غير أن المظاهرة سرعان ما تحولت إلى أحداث شغب ومواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن، مخلفةً عشرات الجرحى وخسائر مادية.

وأوضحت السلطات المحلية لمدينة الحسيمة في بيان لها، أن "مجموعة من الأشخاص تضم بين صفوفها أشخاصًا ملثمين، قامت باستفزاز القوات العمومية ومهاجمتها ورشقها بالحجارة، مما أدى إلى إصابة 39 من أفراد هذه القوات بجروح متفاوتة الخطورة، نقلوا على إثرها إلى المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة".

وذكر البيان أن أشخاصًا شاركوا في أحداث الشغب قاموا بمهاجمة مصلحة المستعجلات بالمستشفى الإقليمي، حيث تتلقى عناصر من قوات الأمن، التي أصيبت في المواجهات العلاج والإسعافات، مشيرًا إلى "إلحاق خسائر وأضرار مادية بمرافق المستشفى وبإحدى سيارات الإسعاف التي كانت تقل عنصرين من أفراد القوات العمومية المصابين، حيث تم الاعتداء على عنصري الأمن المصابين اللذين كانا بداخلها. وكذا على عناصر الوقاية المدنية".

وأضاف البيان أن مجموعة من الأشخاص أقدمت على تخريب إحدى سيارات المصلحة التابعة للسلطة المحلية، في منطقة أيت يوسف أوعلي. مضيفة أنه تم توقيف ثلاثة أشخاص اعتدوا بواسطة عبوات الغاز المسيل للدموع على عناصر الدرك الملكي العاملين بحاجز المراقبة الطرقية على مستوى منطقة أجدير.

وعرفت الطرق المؤدية للحسيمة تعزيزات أمنية منذ الساعات الأولى من صباح العيد، حيث أقام الدرك الحربي وقوات الأمن حواجز تحسبًا لالتحاق اشخاص من خارج المدينة بالاحتجاجات المرتقبة، استجابة للإعلانات التي نشرها دعاة الاحتجاج على الشبكات الإجتماعية.

وتعرف منطقة الريف (شمال المغرب)، وخاصة مدينة الحسيمة، سلسلة من الاحتجاجات منذ ما يزيد عن ثمانية أشهر، جراء موت بائع السمك محسن فكري طحناً في حاوية أزبال. ورغم تقديم المتسببين في مقتله للمحاكمة، فإن الاحتجاجات لم تهدأ أو تتوقف. 

وتوجه السلطات المغربية أصابع الاتهام في تأجيج الاحتجاجات وتمويلها إلى جهات خارجية، تسعى للركوب على المطالب الاجتماعية والاقتصادية للسكان واتخاذها مطية لتنفيذ مخطط يهدف إلى زعزعة استقرار المغرب وانفصال المناطق الشمالية عنه. وأكدت هذه الفرضيات التحقيقات التي أجرتها الشرطة القضائية مع بعض معتقلي حراك الريف.

في غضون ذلك، عاد للواجهة إسم الملياردير سعيد شعو، الذي يتحدر من هذه المنطقة ويعيش في هولندا ومتجنس بجنسيتها. وسبق للمغرب أن طالب الحكومة الهولندية بترحيل شعو في 2010 و2015 بتهم تكوين عصابة إجرامية وتورطه في التهريب الدولي للمخدرات. وسبق للأمن الهولندي أن حقق مع شعو في قضية تهريب مخدرات. ويمتلك شعو في هولندا مقاهيَ خاصة، يباع فيها الحشيش في إطار القانون الهولندي الذي يسمح بهذه التجارة في حدود معينة. 

 

 

وسبق لشعو أن ترشح وفاز بمقعد في مجلس النواب المغربي في 2007، غير أنه لم يكمل ولايته النيابية بسبب اعتقال أحد كبار تجار المخدرات في الشمال المغربي، الذي أكد تورط شعو في تجارته غير المشروعة. غير أن هذا الأخير فرّ إلى هولندا قبل أن يصل اليه الأمن المغربي. 

وفي الفترة الأخيرة، تزعم شعو حركة تطالب بانفصال شمال المغرب وتحمل إسم "حركة 18 سبتمبر لاستقلال الريف"، والتي أعلنت عن نفسها خلال لقاء جرى في ديسمبر 2014 بمدينة روتردام الهولندية. كما مول شعو قناة على الانترنت للترويج لهذه الحركة، التي اتخذت رمزاً لها نفس العلم الذي يحمله بعض نشطاء حراك الريف خلال مظاهراتهم.

وتسبب عدم التوصل إلى اتفاق مع السلطات الهولندية بشأن ترحيل شعو إلى المغرب في توتر العلاقات الدبلوماسية بين البلدين واستدعاء الرباط لسفيرها في لاهاي. 

وأشارت وزارة الخارجية المغربية، في بيان لها، إلى أنها راسلت "السلطات الهولندية، ومدتها بمعلومات دقيقة منذ أشهر، حول تورط مهرب المخدرات هذا، في التمويل والدعم اللوجيستيكي لبعض الأوساط شمال المغرب". 

وأضافت أن "المغرب الذي كان دائماً متعاوناً في مجال مكافحة المخدرات، وبطلب ملحٍ من الاتحاد الأوروبي وهولندا، لن يسمح بأن يحظى مهرب مخدرات بوضعية خاصة تسمح له بإعادة خلق ظروف ملائمة لأنشطته الإجرامية".