الصويرة: انطلقت عشية أمس (الخميس)، بمدينة الصويرة المغربية، فعاليات الدورة الـ20 من "مهرجان كناوة وموسيقى العالم"، بموكب استعراضي أخذ عنوان "كرنفال الحواس"، شاركت فيه فرق "كناوة" و"حمادشة" و"عيساوة" و"هوارة"، جاب معظم أزقة المدينة، انطلاقاً من باب دكالة، وصولاً إلى ساحة مولاي الحسن، حيث أعطيت الانطلاقة الرسمية للتظاهرة بحفل افتتاح مميز، نشطه كل من فنانيْ "كناوة" سعيد ومحمد كويو ورائد الإيقاعات البرازيلي كارلينوس براون، في حضور نوعي، تقدمته أسماء محسوبة على عوالم السياسة والاقتصاد والثقافة والفن، بينها أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لــ"جمعية الصويرة موغادور"، ومحمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، ومحمد ساجد وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، ولمياء بوطالب كاتبة الدولة لدى وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي ، ونائلة التازي منتجة المهرجان، وادريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

وتتميز دورة هذه السنة من المهرجان، التي تتواصل على مدى ثلاثة أيام، بتخصيص احتفالية بوصول المهرجان إلى محطته العشرين.

قصة صمود

تتذكر نائلة التازي، منتجة "مهرجان كناوة وموسيقى العالم"، أنه "قبل 20 سنة، شكل إحداث هذا المهرجان رهاناً على قدر كبير من الطموح، وكان مجازفة جريئة، في مناخ مختلف تماماً عن الوضع الراهن، حيث كان المغرب لا يزال مثقلاً بأعباء الماضي، وتقاليد عتيقة تخص المهرجانات"، منتهية إلى أن "لهذا المهرجان قصة تستحق أن تروى. إنها، فضلاً عن الترفيه، قصة إيمان ومقاومة. إننا فخورون بوجودنا معًا هنا، بعد مرور 20 سنة، ونأمل أن نلتقي مجددًا بعد 10 سنوات، بل وبعد 20 أو30 سنة".

من جهته، استحضر محمد الطوزي، أستاذ العلوم السياسية، تحت عنوان "الصويرة الكناوية من شكوى المنفِيِّ إلى النشيد الكوني"، علاقة الصويرة بـ"كناوة"، منتهياً إلى أن المهرجان، الذي ينظم بصورة منتظمة منذ سنة 1998 إلى يومنا، "لم يعد فقط نشيداً للحرية والحميمية والكونية والأخوة ... ولا مجرد ذاكرة فاعلة وفضاء للخلق والإبداع الثقافي فحسب، بل أصبح تحدياً للفهم السائد: حضور ما يزيد على 300 ألف شخص من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية في احتفال طيلة ثلاثة أيام، بنسبة قياس درجة الأمن (عون أمني / عدد رواد المهرجان) الأكثر انخفاضاً في العالم، وطاقة إيجابية تجعل جدران الصويرة ترد صدى الأنغام وتسحر الموسيقيين وعشاق الموسيقى".

جمهور خاص

أكد الحضور الغفير والمتعطش، الذي استمتع بمشاهد من الفروسية التقليدية، وتابع فقرتي الموكب الاستعراضي وحفل الافتتاح الرسمي، أن الجمهور يبقى خير سند ودافع لاستمرار فعاليات مهرجان "كناوة". ويمكن القول إن جمهور هذه التظاهرة الفريدة من نوعها يتميز عن جمهور باقي التظاهرات الفنية عبر العالم، في أنه جمهور خاص، عاشق لهذا الفن الغني بمخزونه الحضاري ورمزيته الثقافية، متنوع اللغات والجغرافيات والأعمار، حيث الكل يتوحد في عشق هذه "الريح الفنية" التي تهب كل سنة على "مدينة الرياح"، لكنها ريح تتطلب من عشاقها ومريديها أن يقبلوا عليها متخففين من رسميات اللباس، وربما بتسريحات شعر فيها شيء من "صخب" سبعينيات القرن الماضي وكثير من "دوخة" الألفية الثالثة.

وإلى جمهور المهرجان، تستقبل المدينة المغربية زوارها، في أيام المهرجان، بموسيقى ظلت تبني إيقاعاتها على آلات لم تتأثر، بعد، في مكوناتها، بالتكنولوجيا، محافظة على طبيعة ابتكارها، من قبيل آلتي "الكنبري" و"القراقب".

طبق موسيقي متميز

تتواصل فعاليات التظاهرة، في شقها الموسيقي، بمشاركة عدد من نجوم موسيقى البلوز وكناوة، حيث المزج الموسيقي والتبادل في صلب الإبداع، بينهم لوكي بتيرسون (الولايات المتحدة)، واسماعيل لو (السنغال)، وبيل لورانس (المملكة المتحدة)، وعبد السلام عليكان (المغرب)، وراي ليما (الكونغو)، ولوي إغليش (فرنسا)، وهندي زهرة (المغرب)، وسبيد كارافان (فرنسا)، وتيتي روبين (فرنسا) ولمعلم بوسو (المغرب) وحميد القصري (المغرب) وعبد الكبير مرشان (المغرب) وسعيد أوغسال (المغرب) وعزيز باقبو (المغرب) وعمر حياة (المغرب).

فضاءت المهرجان

تتوزع المهرجان، في دورة هذه السنة، خمسة فضاءات، تشمل منصة مولاي الحسن، بمضمون "لقاء كناوة مع العالم"، ومنصة الشاطئ بمضمون "اكتشاف موسيقى أخرى"، ودار لوبان بمضمون "الروحانية في الموسيقى"، وبرج باب مراكش بمضمون "تحت النجوم"، والزاوية العيساوية بمضمون "تقاليد وذاكرة".

منتدى الإبداع والسياسات الثقافية

تتواصل اليوم (الجمعة) وغدا (السبت) فعاليات منتدى حقوق الإنسان، في دورته السادسة، والذي تنظمه إدارة المهرجان بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في موضوع "الإبداع والسياسات الثقافية في العصر الرقمي".

وتتوزع المنتدى أربعة محاور، بمشاركة متدخلين، من المغرب ومصر وفلسطين وفرنسا والسنغال والنرويج وبلجيكا ولبنان، تشمل "الفنون الحية، النشر، السينما، الموسيقى... ماذا يتغير مع المجال الرقمي؟"، و"المجال الرقمي في خدمة التنوع"، و"نحو بروز تخصصات فنية جديدة"، و"أي سياسات عمومية؟ وأي تدابير تقع على عاتق مجموع الفاعلين؟".

شجرة كلمات وورشات

فضلاً عن فقراته الموسيقية وفقرة المنتدى، يتضمن برنامج المهرجان فقرات متعددة، تؤكد "روح التبادل" التي تميز التظاهرة، بينها "شجرة الكلمات"، التي تشكل "لحظة هدوء" خصصت، منذ 2006، "للحوار والتبادل"، فضلاً عن ورشات مخصصة لشباب الصويرة حول الموسيقى، مع دعوة فناني المهرجان ليتقاسموا معهم مواهبهم، تتوزعها "ورشات تصوير" و"ورشات "باتوكادا" والقرع البرازيلي"، و"ورشات "القراقب" ورقص كويو"، و"ورشات تقاسم التجارب".

ندوات ومعارض

سيراً على عادته، يقترح المهرجان لقاءات ثقافية ومعارض فنية، بينها ندوة "دين الحب" يشارك فيها كل من ثريا إقبال ومحمد فانسان وفائزة التيجاني، ومعرض "صور صحفيين"، الذي يجمع حوالي 25 مصورا _ مراسلا من الصحافة الوطنية، لأن صورة المراسل، كما يقول المنظمون، "لا تقتصر على تزيين وسيلة إعلامية ما بالصورة، بل هي قبل كل شيء انفعال في عين المصور". كما يقترح المهرجان معرضاً لفاطمة &الزهراء أمحزون، وآخر لنجية مهادجي تحت عنوان "كناوة ساول" أو "روح كناوة"، الذي يقدم لوحات تشكيلية تشير ألوانها إلى اللون الأحادي لنظام كناوة الرمزي، وكذا إلى الصدح القوي لطبلهم والإيقاع المدهش للكمبري والحركية الدائرية للأجساد والاستحضار العجيب للأرواح.