إيلاف: أعلن برلمانيون شرق أوسطيون، بينهم إسرائيليون وفلسطينيون، ضرورة عدم تسييس الوصول إلى المياه النظيفة، وعدم استخدام هذا الحق في الوصول إلى المياه النظيفة سلاحًا في الصراعات الإقليمية.

وجاء الإعلان في ندوة مستديرة نظمتها لجنة قضايا الشرق الاوسط في الاتحاد البرلماني، توافق برلمانيون من مصر واسرائيل والأردن والمغرب وفلسطين والإمارات العربية المتحدة حول ضرورة اتخاذ اجراءات ملموسة لمعالجة أزمة المياه التي تهدد بتعزيز حال عدم الاستقرار الإقليمي.

عقدت الندوة يومي 6 و7 يوليو الجاري، ضمن سلسلة فعاليات تهدف إلى توحيد الجهود الرامية إلى مواجهة التحدي المحدد في سادس أهداف التنمية المستدامة، الذي يدعو إلى إدارة سليمة للمياه والصرف الصحي. وتُعرض نتائج الندوة، وهي الثانية من نوعها، على أعضاء الاتحاد البرلماني الدولي في اجتماعه في أكتوبر المقبل، مع اتخاذ خطوات واضحة للتنفيذ على أرض الواقع.

تشمل المجالات التي توافق المجتمعون على ضرورة التحرك في إطارها رسم خرائط المجتمعات الأشد تعرضًا لتهديد ندرة المياه، وإنشاء شبكة برلمانية إقليمية مهمتها تنظيم إدارة المياه، ودعم البرلمانيين في سعيهم إلى سنّ تشريعات منصفة ومستدامة، متصلة بإدارة المياه.

عدم تسييس المياه النظيفة

 

تأجيج الصراعات

عمل خبراء من المنظمة الأوروبية للبحوث النووية (سيرن) ومنظمة واترلكس للتنمية وسنكروترون-لايت للعلوم والتطبيقات التجريبية في الشرق الأوسط (سيسام) وهي مجموعة مقرها الأردن تجمع العلماء من مختلف أنحاء المنطقة، لوضع الحلول التقنية الملائمة لسلامة المياه وتوافرها وسهولة الوصول إليها بتكلفة منخفضة.

وقال دينيس باسكال أليندي، رئيس اللجنة منظمة الندوة " ان الشرق الأوسط واحد من أكثر المناطق التي تعاني نقص المياه في العالم. وهذا عامل رئيس يساهم في تأجيج الصراعات هنا. وهدفنا توظيف خبراتنا المشتركة في تقانة إدارة المياه وفي رسم السياسات الملائمة، للمساهمة في تخفيف مصدر رئيسي للتوتر، ونأمل في إنشاء بيئة ملائمة لبناء السلام".

وقال مارتن تشونجونج، أمين عام الاتحاد البرلماني، إن هذه الندوة هي أحدث ثمرة للجهود التى يبذلها الاتحاد لبناء الثقة وتحويل العناصر المسببة للصراع أو تفاقمه إلى أسباب للتعايش الدولي، وأضاف: "تبين النقاشات البناءة غير السياسية بين البرلمانيين والخبراء التي حصلت في خلال هذا الاجتماع أن العثور على الحلول الإقليمية للمشكلات الإقليمية أمرٌ ممكن؛ والأهم من ذلك، يمكن تحويل السلام من مجرد فكرة إلى واقع ملموس، بتوحيد الخبراء والمجتمعات من خلال منظور علمي محايد".

الشرق الأوسط واحد من أكثر المناطق التي تعاني نقص المياه في العالم

المطلوب ابتكارات

وفي إطار موازي، دعا جوزيه غرازيانو دا سيلفا، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، الدول العربية إلى مواصلة سعيها نحو ابتكارات تساعد على تخطي أزمة ندرة المياه، في إطار جهودها لمواجهة تغير المناخ.

وأشاد دا سيلفا بالتقدم الذي حققته دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال تحلية المياه وجمع المياه والري بالتنقيط ومعالجة مياه الصرف الصحي، على الرغم من التحديات فيها. وقال: "ضروري تعزيز طرق الزراعة وإنتاج الغذاء بصورة عامة، حيث يتم استخدام كميات مياه أقل وبكفاءة أكبر. وسيؤدي النمو السكاني وآثار تغير المناخ إلى زيادة الضغط على مدى توافر المياه في المستقبل القريب. ويشكل تغير المناخ، بالتحديد، مخاطر كبيرة جدًا".

وبحسب فاو، تستهلك الزراعة نحو 80 في المئة من عمليات سحب المياه العذبة في المنطقة، والتي تصل ذروتها إلى أكثر من 90 في المئة في اليمن وسورية، ما يجعل تبني ممارسات مستدامة وفعالة لإدارة المياه في الزراعة مسألة مهمة جدًا لتحقيق هدف القضاء على الجوع.

وأدى الاستهلاك غير المقيد للمياه في الزراعة في الشرق الأوسط إلى الإفراط في سحب المياه الجوفية وتدهور التربة، بما في ذلك زيادة ملوحتها. ويُتوقع أن يفاقم التغير المناخي هذه الأوضاع، وسيكون قطاع الزراعة الأكثر تضررًا. كما سيؤدي تكرار موجات الحر الشديد وانخفاض هطول الأمطار إلى انخفاض مواسم الزراعة.

المياه في غزة غير صالحة للشرب نتيجة نسبة الملوحة

وضع مأساوي

من ناحية أخرى، قال جمال الشوبكي، سفير دولة فلسطين ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، في كلمة ألقاها الخميس 6 يوليو الجاري أمام وزراء المياه العرب المجتمعين في الدورة التاسعة لمجلس وزراء المياه العرب في مقر الجامعة العربية، إن المستوطن الإسرائيلي يستهلك من المياه سبعة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني، "والمواطن في الضفة الغربية يحصل على نصف الحد الأدنى من الموصى به من المنظمات الدولية، ويعاني القطاع المائي في قطاع غزة وضعًا مأساويًا".

أضاف: "ثمة تقارير دولية تشير إلى أن المياه في غزة غير صالحة للشرب نتيجة نسبة الملوحة وتسريب المياه العادمة، والقطاع دخل بالفعل مرحلة الخطر، فقد اصبح سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة في وضع كارثي، ستصبِح غزة غير قابلة للحياة في عام 2020، حيث ان اكثر من 97 في المئة‏ من مياه القطاع غير صالحة وفق تقارير الامم المتحدة، وهذا يهدد الحياة بشكل عام والموارد الطبيعية بشكل خاص".

أوضح الشوبكي أن إسرائيل تسيطر على الخزان الجوفي في جنوب غزة كي يبقى القطاع من دون مياه، طالبًا دعم انشاء محطة تحلية للمياه في غزة، تكلفة إنشائها 600 مليون دولار.