لندن: مع تقدم العمر تقلّ ساعات النوم ويصبح النوم العميق أكثر صعوبة. ولكن باحثين يقولون إن الأرق كما يسميه البعض هو في الحقيقة من المخلفات النشوئية وكان آلية ساعدت أسلافنا على البقاء في بيئة خطيرة. 

واكتشفت دراسة للجامعين ـ الصيادين في افريقيا اليوم انه عندما يعيش افراد العائلة على اختلاف اعمارهم في مكان واحد ، تتكفل الاختلافات في أنماط نومهم بأن يكون هناك دائماً واحد منهم على الأقل مستيقظا ينبه الآخرين إذا اقترب أسد مثلا منهم.

وقال البروفيسور تشارلي نان استاذ الانثروبولوجيا النشوئية في جامعة ديوك في ولاية نورث كارولاينا الذي شارك في الدراسة "ان كثيراً من كبار السن يراجعون الطبيب شاكين من انهم يستيقظون في ساعة مبكرة ولا يستطيعون العودة الى النوم. وقد لا يكون فيهم مرض بل ان بعض مشاكلنا الصحية اليوم يمكن ان تُفسر لا على انها اضطرابات بل من مخلفات ماض نشوئي كانت مفيدة فيه".

واشار الى انه أينما تكون هناك مجموعة ذات أعمار مختلفة فان بعض افرادها ينامون في ساعة مبكرة وبعضهم في ساعة متأخرة. وكبار السن يستيقظون مبكراً في حين ان الشباب معروف عنهم السهر والاستيقاظ في ساعة متأخرة.

واضاف البروفيسور نان ان النوم الخفيف يجعل الانسان أكثر تأهباً لأن نوعًا من الخطر في البيئة المحيطة به.

واختبر الباحثون صحة نظريتهم هذه على افراد قبيلة هادزا في شمال تنزانيا حيث ما زالوا يعيشون بالصيد والجمع.

يعيش افراد القبيلة وينامون في مجموعات من 20 الى 30 شخصاً. وخلال النهار يذهب الرجل والمرأة كل في سبيله للبحث عن جذور تؤكل وجمع العسل وصيد الطرائد في احراش قريبة من بحيرة ايساي التنزانية قبل ان يلتم شملهم من جديد في المساء ليناموا خارج اكواخهم أو معاً داخل الاكواخ المبنية من العشب. 

وقالت البروفيسورة اليسا كريتندين التي شاركت في الدراسة من جامعة نيفادا في مدينة لاس فيغاس "انهم حديثون مثلي ومثلك لكنهم يروون فصلا مهماً من قصة نشوء الإنسان لأنهم يعيشون نمط حياة كان معروفاً لأسلافنا الجامعين ـ الصيادين".

 

وفي إطار الدراسة وافق 33 رجلا وامرأة من افراد القبيلة اعمارهم من 20 الى 60 سنة على ارتداء أجهزة توقيت على الرسغ لمدة 20 يوماً من اجل مراقبة حركاتهم اثناء الليل. 

وأظهرت الدراسة ان انماط نومهم نادراً ما كانت متزامنة حيث ينام البعض مبكراً في الساعة الثامنة مساء ويستيقظون في الساعة السادسة صباحاً في حين كان البعض الآخر لا ينامون قبل الساعة الحادية عشرة ليلا. وكان العديد منهم يستيقظون خلال الليل للتدخين أو العناية بطفل يبكي أو قضاء حاجة قبل العودة الى النوم. 

وجد الباحثون ان من بين ما يربو على 220 ساعة من رصد حركاتهم هناك 18 دقيقة فقط كان البالغون جميعهم نائمين في وقت واحد. وفي المتوسط كان اكثر من ثلث افراد المجموعة يقظين أو ينامون نوماً خفيفاً في اي وقت. 

وخلص الباحثون الى ان العيش والنوم في مجموعات ذات اعمار مختلفة وعادات نوم مختلفة كان على امتداد القسم الأعظم من التاريخ البشري يساعد أسلافنا على ابقاء عيون متيقظة تحسباً. وبسبب هذه الصفة النشوئية فان افراد قبيلة هادزا التنزانية لا يحتاجون الى وضع حراس في الليل ، كما وجد فريق الباحثين.

وقال الدكتور ديفيد سامسون الذي شارك في الدراسة من جامعة ديوك "ان الفكرة القائلة بفائدة العيش مع الأجداد والجدات متداولة منذ زمن ولكن هذه الدراسة توسع الفكرة الى اليقظة خلال وقت النوم ليلا".

وتأتي هذه الدراسة بعد ان وجدت دراسات اخرى ان التهاب المفاصل وقصر القامة ايضاً مخلفات نشوئية ساعدت اسلافنا على البقاء في العصر الجليدي. 

 

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط التالي

http://www.telegraph.co.uk/science/2017/07/11/age-related-insomnia-just-body-worrying-lions-prowl-say-scientists/