لندن: حاول ونستون تشرشل قمع وثائق سرية من الحرب العالمية الثانية تتضمن تفاصيل مؤامرة نازية لتنصيب دوق وندسور ملكاً على بريطانيا في حال هزيمتها امام جيوش هتلر ، كما كشفت ملفات سرية أُفرج عنها حديثاً.

وحث رئيس الوزراء البريطاني شخصياً القادة الفرنسيين والاميركيين على منع نشر برقيات المانية وقعت بأيدي الحلفاء بعد الحرب خشية ان "يسبب ذلك ألماً للدوق" الذي تنازل عن العرش ليتزوج من المطلقة الاميركية واليس سمبسون قبل الحرب.

وفي حين ان تشرشل وصف الوثائق بأنها "دسائس المانية" فانه كان يخشى ان تلقي ظلالا من الشك في ولاء الدوق لبلده.

ونُشرت اليوم الخميس ملفات سرية للغاية كانت محفوظة في الأرشيف الوطني متضمنة تفاصيل المخاوف التي انتابت تشرشل.

وكانت وثائق متبادلة بين وزير خارجية المانيا النازية يواخيم فون ربنتروب وسفيريه في مدريد ولشبونة خلال صيف 1940 ضُبطت في المانيا مع اقتراب الحرب من نهايتها وأُبقيت طي الكتمان.

ولكن تشرشل علم في 1953 بأن مؤرخين رسميين يعتزمون نشرها في السنة المقبلة ضمن برنامج أكاديمي أعده الحلفاء لنشر وثائق نازية بالغة الأهمية.

وكتب تشرشل الى الجنرال دوايت آيزنهاور يحثه على وقف النشر وفي النهاية نجح في مسعاه ونُشرت الوثائق بعد اعوام. ولكن الملفات التي أُفرج عنها حديثاً تكشف محاولته لمنع نشر البرقيات.

ويبدو ان البرقيات المتبادلة بين ربنتروب وسفيريه ترسم الخطوط العامة لمفاتحة دوق وندسور بطريقة لبقة ان يتعاون مع المانيا النازية.

في صيف 1940 ، بعد سقوط فرنسا ، لجأ دوق ودوقة وندسور الى العاصمة البرتغالية لشبونة. وخطط النازيون لاحتجازه في اسبانيا بالقوة إذا اقتضت الحاجة ومنع المسؤولين البريطانيين من نقله الى مكان آمن في منطقة الكاريبي لمباشرة مهام عمله الجديد حاكماً لجزر البهاما.

وتوضح برقية بتاريخ 11 يوليو من فون ربنتروب الى لشبونة "ان الدوق يجب ان يُبلغ في الوقت المناسب في اسبانيا ان المانيا من جانبها ترغب في السلام مع الشعب البريطاني وان طغمة تشرشل تقف عقبة في طريق ذلك وسيكون امراً جيداً ان يهيئ الدوق نفسه لتطورات لاحقة".

واضاف فون ربنتروب "ان المانيا مصممة على إجبار انكلترا على الصلح باستخدام كل الأساليب وهي مستعدة في مثل هذه الحالة لتمهيد الطريق الى تلبية أي رغبة يعبر عنها الدوق وخاصة ما يتعلق باعتلاء الدوق والدوقة العرش الانكليزي".

وتقول برقية أخرى من السفير الالماني في مدريد بتاريخ 25 يوليو ان عميلا في وزارة الداخلية الاسبانية أبلغ الدوق بألا يتوجه الى جزر البهاما وان الدوق "قد يُحتجز للقيام بدور كبير في السياسة البريطانية وربما الجلوس على العرش".

وحين رد الدوق ان الدستور يحظر استعادته العرش بعد ان تنازل عنه قال العميل "ان مجرى الحرب قد يُحدث تغييرات حتى في الدستور البريطاني". ولاحظ العميل في تقريره "ان الدوقة بصفة خاصة كانت مستغرقة في التفكير".

تشرشل من جهته اقترح في مذكرة سرية للغاية الى وزراء حكومته في صيف 1953 أن يؤجَّل نشر هذه البرقيات 10 الى 20 سنة على الأقل بدعوى ان الوثائق مغرِضة ولا يمكن الركون الى صحتها و"من شأنها ان تسبب ألماً لدوق وندسور وتترك في اذهان من يقرأونها انطباعاً لا يتناسب بالمرة مع قيمتها التاريخية".

وكتب تشرشل مذكرة الى الرئيس الاميركي يصف فيها البرقيات بأنها "دسيسة المانية نازية لتوريط أمير ملكي طُرد من فرنسا ولجأ الى البرتغال والنيل منه". واضاف ان نشرها قد يوحي بأن "الدوق كان على صلة وثيقة بعملاء المان ويستمع الى مقترحات ليس فيها ولاء".

ورد الجنرال آيزنهاور من البيت الأبيض بأن النتيجة التي خرج بها فحص الوثائق في عام 1945 هي "انها ليست ذات قيمة ومن الواضح انها مفبركة لترويج دعاية المانية واضعاف المقاومة الغربية وهي ليست منصفة للدوق على الاطلاق".

ولكن آيزنهاور اعترف بأنه لا يعرف ماذا يستطيع ان يفعل بشأن نشرها. وأقر تشرشل لأعضاء حكومته بأن تأجيل النشر سيثير غضباً في الأوساط الأكاديمية.

 

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الديلي تلغراف". الأصل منشور على الرابط التالي

http://www.telegraph.co.uk/news/2017/07/20/sir-winston-churchill-tried-supress-secret-war-documents-detailing/