لندن: في الثامن من يوليو 2017، نظمت " لجنة البيئة و الصحة العراقية في المملكة المتحدة " مؤتمرها العلمي السنوي الثاني في جامعة University College London UCL في لندن، تحت عنوان ”التلوث البيئي في العراق :التحديات والمعالجات “،الذي شارك فيه نخبة من العلماء والأكاديميين والباحثين والأطباء وطلبة دراسات عليا عراقيين في الجامعات البريطانية المختلفة وغيرهم من المهتمين بالمشكلات البيئية والصحية في العراق. 

لقد كرس المؤتمر جلسة خاصة لمناقشة التحديات البيئية بعد داعش ،حيث تزامن المؤتمر الثاني مع الانتصار الكبير والتاريخي الذي حققته القوات والتشكيلات العسكرية المختلفة في تحرير مدينة الموصل و طرد عصابات داعش الإرهابية منها، في ظروف تفاقمت فيها التحديات البيئية والمخاطر على الصحة العامة للمواطنين في المناطق المحررة . 

انطلاقا من الواقع الراهن، لفت المؤتمر الانتباه الى ضرورة الشروع بتقييم شامل لبيئة العراق بعد تحقيق الانتصار المؤزر، يأخذ بنظر الاعتبار التدمير المتعدد الأشكال للبيئة العراقية الذي ارتكبته عصابات داعش، كتخريب المنشئات النفطية والكيمياوية، حيث تم تدمير مصفى بيجي، والهجوم على منشئات كركوك النفطية، وتخريب منشئات الكبريت في المشراق، وحرق 19 بئراً نفطياً في القيارة، استمرت مشتعلة لمدة 6 اشهر حتى تم اطفائها في اذار 2017، وادت الى تلوث الهواء وحصول حالات اختناق كثيرة وسط سكان القرى و مخيمات النازحين،الخ.

كما أن القتال العنيف لطرد الإرهابيين من الفلوجة والرمادي وتكريت والموصل أدى الى دمار عمراني واسع،وخلف تراكم ملايين الاطنان من الأنقاض، وانتشار الغبار، ومضاعفاتها الصحية الوخيمة، إضافة الى جبال من النفايات،هي خليط من النفايات المنزلية والطبية والكيمياوية، في وقت تنعدم فيه الإدارات المحلية والمؤسسات المتخصصة في معالجة هذه التحديات البيئية المزمنة . 

ومن الاخطار الاخرى هو تلوث المياه السطحية و الجوفية الناجم عن الخراب الشامل للبنى التحتية، ويعاني المواطنون هناك من انعدام ماء الشرب الصالح للاستخدام البشري .

لكل هذا وغيره، أوصى المؤتمر وجوب ان يكون في سياقات ما بعد داعش موقعاً مهماً للأولويات البيئية، مقترحاً ومؤكداً على ثلاث مهمات: 

الاولي- ان تحرير الموصل هو انتصار عسكري تاريخي يجب مواصلته بانتصارات اخرى على صعيد الجبهة السياسية والاقتصادية والمصالحة المجتمعية، وتجفيف منابع ومصادر الإرهاب في العراق.والى جانب ذلك،وجوب تحقيق انتصارات على جبهة البيئة العراقية، حيث ترتبط مشكلاتها الساخنة بحياة و صحة المواطن العراقي.

الثانية- ان إعادة إعمار ما خربه الإرهاب من بنى تحتية، كالماء و الكهرباء و الطرق، وازالة النفايات عاجلا، والانطلاق نحو مشروع واسع وكبير لإعادة بناء البنى التحتية و أعمار بيوت المواطنين،وإعادة النازحين الى مدنهم، تتطلب إيلاء الجوانب المتعلقة بضمان بيئة اًمنة و نظيفة اهتماماً انياً واستثنائيا، مع الاهتمام الجدي باحتياجات المواطنين ومصالحهم وتأمين الخدمات العامة لهم، واعتماد التخطيط العلمي لإعادة الاعمار و البناء.

الثالثة- يجب تفعيل دور التحالف الدولي في مرحلة البناء و التعمير والاستفادة من الخبرات و المهارات الفنية والعلمية المحلية والدولية التي تضمن ان تكون إعادة الاعمار في بيئة صحية نظيفة و امنة، عبر التعاون الوثيق مع المؤسسات المحلية و الدولية، والتعاون مع العلماء والمختصين ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بالبيئة، للتخطيط و لتنفيذ مشاريع معالجة التحديات البيئية.

يأمل المؤتمر ان تضع الحكومة العراقية هذه المهمات ضمن أولويات واجباتها !