دعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى حوار مشروط مع السعودية وحليفاتها التي قطعت علاقاتها بالدوحة منذ نحو شهرين، من دون أن يُعلن موافقته على مطالب هذه الدول، ما يقوّض الآمال بحل قريب للأزمة الخليجية، بحسب عدد من المحللين.&

إيلاف - متابعة: خطاب الأمير تميم هو الأول منذ 5 يونيو، حين قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها بقطر واتهمتها بدعم "الإرهاب"، والتقرّب من إيران، الخصم الإقليمي الرئيس للسعودية.

وقال الشيخ تميم في خطاب متلفز: "نحن جاهزون للحوار والوصول إلى تسويات"، مشددًا في الوقت نفسه على أن "أي حل لا بد أن يقوم على مبدأين"، هما "احترام سيادة كل دولة (...) وأن لا يوضع (الحلّ) في صيغة إملاءات، بل كتعهدات متبادلة ملزمة للجميع".

وفي أوّل ردّ فعل رسمي على هذا الخطاب، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجيّة أنور قرقاش، إنه كان يأمل في أن تُجري الدوحة "مراجعة" لسياستها. وكتب قرقاش على تويتر: "تمنيت أن يكون خطاب الشيخ تميم مبادرة مراجعة ودعوة تواصل، المواقف باتت معروفة، وتكرارها يعمّق الأزمة، الحوار ضروري ومطلوب، ولكن عموده المراجعة".

وأشار المحلل السياسي الكويتي عبدالله الشايخي إلى أنّ خطاب أمير قطر "لم يأتِ بجديد، والأمير عاد إلى طرح الموقف الذي تتبناه قطر منذ بداية الأزمة".

من جهته، لم يخفِ المحلل الإماراتي عبد الخالق عبد الله خيبة أمله إزاء ذلك، وكتب عبر "تويتر": "‏قبل خطاب أمير قطر كنت أظن أننا تقدمنا خطوة نحو حدوث انفراج في الأزمة مع قطر". لكن بعد سماعه، "أعتقد (أن) الأزمة عادت خطوات عدة إلى الوراء".&

نحو المجهول
انعكست شكوكه في الصحف الإماراتية، لا سيما "الخليج"، التي عنونت بالخط الأحمر العريض: "تميم ينزلق بقطر إلى المجهول".&

على الضفة الأخرى في الدوحة، رأت صحيفة "الراية" القطرية أن الخطاب جسّد بمضامينه "رسالة حاسمة في رفضه للغة التهديد وأسلوب الوصاية ومحاولة انتقاص السيادة وسلب الإرادة التي حاولت دول الحصار فرضها على قطر".

وفرضت الدول العربية الأربع عقوبات اقتصادية على الدولة الصغيرة الغنية بالغاز، شملت خصوصًا إغلاق مجالها الجوّي أمام الطيران القطري وإغلاق منفذ قطر الحدودي الوحيد مع السعودية.&

في 22 يونيو، تقدّم رباعي المقاطعة بلائحة مطالب لإعادة العلاقات مع الدوحة، تضمنت 13 مطلبًا، بينها إغلاق القاعدة العسكرية التركية، وخفض العلاقات مع إيران وإغلاق قناة "الجزيرة". إلا أن الدوحة رفضت كلّ هذه المطالب، التي اعتبرت أنها تنتهك سيادتها.&

وانتقد الشيخ تميم في خطابه "الشروط التي حاول البعض فرضها علينا، ولاسيما التحكم بعلاقاتنا الخارجية، وتحديد استقلالية سياستنا، وإغلاق وسائل الإعلام، والتحكم بحرية التعبير في بلادنا"، وذلك في إشارة واضحة إلى رفضه مطلب إغلاق قناة الجزيرة.&

وأقرّ بوجود اختلاف في وجهات النظر بين الدوحة وبعض الدول بشأن مصادر الإرهاب، مؤكدًا أنّ "الفقر والطغيان والاحتلال من أهم مصادر الإرهاب" ومصرًّا على أنّ بلاده "تكافح الإرهاب بلا هوادة وبلا حلول وسط". واتهم الدول الأربع بمحاولة "فرض الوصاية" على بلاده.&

أزمة قد تطول
في السياق، رأى الشايخي أنّ "الخطاب لم يتطرق إلى المطالب وإلى اتفاق الرياض". وقال "ما زلنا في المربع الأول، وهذا يصعب مهمة الكويت"، التي تولّت الوساطة، في مسعى إلى احتواء الأزمة الداخلية الأسوأ التي تعصف بمجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه عام 1981.

يأتي خطاب الشيخ تميم غداة إصداره مرسومًا يتعلّق "بقانون تعريف الإرهابيين واستحداث نظام القائمتين الوطنيتين للأفراد والكيانات الإرهابية"، في خطوة كان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش قد وصفها سابقًا بـ"الإيجابية".

يحدد المرسوم إجراءات إدراج الأفراد والكيانات على أي من القائمتين مع منح المشتبه بهم حق الطعن في قرار إدراجهم عليها.
صدر المرسوم بعدما وقعت الولايات المتحدة مع قطر "مذكرة تفاهم لمكافحة تمويل الإرهاب" أثناء زيارة لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى المنطقة.

خلال استقباله نظيره العماني يوسف بن علوي بن عبدالله، الذي بقيت بلاده على الحياد في النزاع الخليجي، قال تيلرسون: "نحن راضون عن الجهود" التي بذلها القطريّون لحل الأزمة الخليجية.&

وعبّر الوزير الأميركي عن ترحيبه بتنفيذ الدوحة "بطريقة ديناميكيّة جدًا" الاتفاق، الذي وقعته مع واشنطن، "لتهدئة المخاوف في ما يتعلّق بالإرهاب وتمويله ومكافحته"، معربًا عن أمله في أن ترى الدول الأربع المقاطعة "في ذلك مؤشّرًا إلى نيّة طيّبة وترفع الحصار الذي له آثار سلبية حقًا على الشعب القطري".&

لكنّ الشيخ تميم أكد في خطابه أنّ "الحياة تسير بشكل طبيعي منذ بداية الحصار"، الأمر الذي اعتبره الشايخي تلميحًا إلى أنه يقول "(نحن) مستعدون (لاستمرار الأزمة) لفترة طويلة".