تعهد أبرز فرقاء النزاع الليبي رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج وقائد قوات شرق ليبيا المشير خليفة حفتر الثلاثاء في فرنسا العمل معًا لإخراج بلادهما من الفوضى، ودعيا إلى وقف إطلاق نار لا يشمل مكافحة الإرهاب وإجراء انتخابات.

إيلاف - متابعة: إثر اجتماع في منطقة سيل سان كلو في المنطقة الباريسية بمبادرة من الرئيس إيمانويل ماكرون، وافق السراج وحفتر على بيان من عشر نقاط تمت تلاوته أثناء مؤتمر صحافي.

أكد نص البيان أن "حل الأزمة الليبية لا يمكن أن يكون إلّا حلًا سياسيًا يمر عبر مصالحة وطنية تجمع بين الليبيين كافةً والجهات الفاعلة المؤسساتية والأمنية والعسكرية في الدولة، التي تبدي استعدادها في المشاركة بهذه المصالحة مشاركة سلمية، وعبر العودة الآمنة للنازحين والمهجرين، واعتماد إجراءات العدالة الانتقالية، وجبر الضرر والعفو العام".

أضاف السراج وحفتر في البيان "اتفقنا على الالتزام بوقف إطلاق النار وبتفادي اللجوء إلى القوة المسلحة في جميع المسائل الخارجة عن نطاق مكافحة الإرهاب وفقًا للاتفاق السياسي الليبي والمعاهدات الدولية، وحماية الأراضي الليبية وسيادة البلاد".

التعهد بانتخابات قريبة
وأكد الطرفان أنهما "يبذلان قصارى جهدهما لإدماج المقاتلين الراغبين في الجيش النظامي" الليبي مع دعوتهما إلى "نزع السلاح وتسريح المقاتلين الآخرين وإعادة إدماجهم في الحياة المدنية". أضاف إن "الجيش الليبي سيتألف من القوات المسلحة النظامية التي تضمن الدفاع عن ليبيا".

يرأس السراج حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من المجتمع الدولي، لكنه يواجه صعوبات في بسط سلطة حكومته خارج العاصمة طرابلس. أما المشير حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا، فإنه يواصل تحقيق الانتصارات العسكرية الميدانية، ويتساءل العديد من المحللين عن طموحاته. وتعهد السراج وحفتر إجراء انتخابات "في أسرع ما يمكن".

وأشاد ماكرون بـ "الشجاعة التاريخية" للخصمين، وكان أكد في وقت سابق أن الانتخابات ستجري "في ربيع" 2018. واعتبر الرئيس الفرنسي أن لدى السراج وحفتر "الشرعية والقدرة على الجمع من حولهما" والتأثير على المجموعات الناشطة في البلد الغارق في الفوضى.

براغماتية
قال مصدر دبلوماسي فرنسي إن ما حدث اليوم "مرحلة (لكن) لم يتم إرساء السلم في ليبيا بعد"، مشددًا على دور المبعوث الجديد للأمم المتحدة لليبيا غسان سلامة، الذي يتولى مهامه خلال هذا الأسبوع، وحضر اجتماعات الثلاثاء في باريس. وكان السراج وحفتر التقيا في بداية مايو في أبوظبي، لكن بدون نتيجة تذكر.

يجسد لقاء الثلاثاء انتصار الخط "البراغماتي"، الذي تقوده فرنسا، والذي يعتبر حفتر إحدى الجهات المتصدية للإرهاب في ليبيا.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الذي تولى وزارة الدفاع في عهد فرنسوا هولاند (2012-2017)، أرسل عسكريين لحفتر، وهو يقيم علاقات ممتازة مع راعييه الإقليميين مصر والإمارات.

وكان خصص أولى مبادراته لدى توليه الخارجية لهذا الملف. غير أن هذا الحراك الفرنسي أثار نوعًا من القلق لدى إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا، والتي تواجه يوميًا وصول مئات المهاجرين القادمين من السواحل الليبية، وتخشى تهميش دورها في الملف الليبي.

لا فجوة أوروبية
وعبّر وزير الخارجية الإيطالي أنجلينو الفانو في مقابلة مع صحيفة ستامبا الثلاثاء عن قلقه من تعدد الوسطاء والمبادرات، داعيًا إلى "توحيد الجهود" حول مبعوث الأمم المتحدة. وقال ماكرون ردًا على سؤال في هذا الشأن "ليست هناك فعليًا أية فجوة بين الموقف الفرنسي والموقف الإيطالي، إنه عمل مشترك، وعمل مشترك مع الاتحاد الأوروبي".

الأمر الآخر المثير للقلق لدى البعض يتمثل في حقوق الإنسان. فقد دعت منظمة هيومن رايتس ووتش قبل الاجتماع الثلاثاء، الرئيس الفرنسي "إلى عدم تجاهل الفظاعات المرتكبة من الأطراف كافة في النزاع الليبي". ويشير البيان المتفق عليه الثلاثاء إلى إقامة دولة قانون "ذات سيادة ومدنية وديموقراطية" في ليبيا. كما يشير إلى احترام حقوق الإنسان.

وغرقت ليبيا، الدولة النفطية، في الفوضى منذ الإطاحة بنظام الراحل معمّر القذافي في أواخر 2011. وتضم حاليًا سلطات ومجموعات مسلحة عدة تتنازع السلطة مع استمرار التهديد الإرهابي وتهريب السلاح والبشر.
&