«إيلاف» من القاهرة: أعلن الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم ، عن تطبيق نظام جديد لتقييم نجاح الطلاب في المرحلة قبل الجامعية والمعروفة بالثانوية العامة ، وشدد الوزير ، على أن النظام التعليمي الجديد سيشمل أنواع التقييم المختلفة منها "التقييم التراكمي"في مرحلتي التعليم الثانوي والفني ويبدأ تطبيقه بداية من العام الدراسي 2018-2019 م بعد إعداده من كل الجوانب، والذي يقوم على أداء الطلاب في سنوات التعليم الثانوي "الثلاث سنوات مجتمعة".

ملامح النظام الجديد 

وأضاف وزير التربية والتعليم، أن الحصول على شهادة الثانوية العامة أو الفنية لن يعتمد على اختبارات الفرصة الوحيدة في نهاية السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، كما سيتم استخدام نوعين من التقييم في سنوات التعليم الثانوي ،الأول القائم على المشاريع على مستوى المدرسة، والثاني التقييم القائم على أسئلة الاختيارات المتعددة والتي سوف يتم تصحيحها إلكترونيًا.

وأكد وزير التعليم، أن الآثار الإيجابية المترتبة على نظام التقييم المقترح تشمل عودة الطلاب للمدارس، بالإضافة إلى التركيز على أهمية دور المعلم وإثراء تعليم الطلاب وتغيير دور الدروس الخصوصية، حيث تكون داعمة للمدرسة في مساعدة الطلاب على تحقيق نواتج التعلم في ضوء نظام التقييم المقترح سوف يصبح دور الدروس الخصوصية إثرائيًا في عملية التعلم وليس هدفًا للحصول على درجات مرتفعة والحصول على الشهادة.

وكشف وزير التربية والتعليم ، أنه سيتم تغيير اسم وشهادة الثانوية العامة من شهادة إتمام الدراسة إلى شهادة مصر، قائلًا: "الطلاب ليسوا فئران تجارب وهناك فريق عمل متكامل يعمل على وضع منظومة جديدة ".

اعتراض شديد 

علي الجانب الآخر فقد سيطرت حالة من الجدل داخل المجتمع المصري، عقب إعلان الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، عن رؤيته للنظام التعليمي الجديد ، حيث رفض أولياء الأمور النظام الجديد لكونه يزيد من الأعباء الاقتصادية ، حيث سيزيد من الدروس الخصوصية ، بجانب رفع حالة التوتر داخل الأسرة على مدار السنوات الثلاثة ، في حين يرى مؤيدي النظام الجديد أنه الأفضل لمواجهة أزمة تسريب الامتحانات التي انتشرت مؤخرًا وكابوس المجموع الذي يتحكم في مصير التحاق الطلاب بالكليات الجامعية .

في السياق ذاته قال الدكتور عبد المحسن يسري ،عضو المركز القومي للبحوث التربوية ،:" إن الدولة ليست لها خطة واضحة المعالم تجاه تطوير منظومة التعليم في مصر ، لدرجة أن استراتيجية الحكومة لعام 2030 لا تحتوي على أي رؤية بشأن تطوير التعليم ، وبالتالي هناك عشوائية واضحة حول مفهوم تطوير الشهادة الثانوية العامة والقبول بالجامعات" .

وأكد الخبير التربوي لـ"إيلاف" أن النظام الجديد لن يكون الحل الأمثل لأزمة الثانوية العامة ، وسوف يثبت النظام الجديد فشله فور تطبيقه مباشرة ، والحل يكمن في ضرورة أن تكون نتيجة الثانوية العامة بنظام التقديرات مثل الجامعات وليس بالدرجات كما هو متبع الآن ،كذلك إلغاء تقسيم الطلاب إلي علمي و أدبي على اعتبار أننا في عصر فيه العلوم والمعارف متداخلة .

كما طالب الدكتور عبد المحسن يسري بضرورة تعديل نظام القبول بالجامعات ، بحيث يكون دخول الطلاب الكليات بناء على شروط محددة تضعها كل كلية وفقًا لاحتياجات سوق العمل،وعلى أن يتم عمل اختبار قدرات لكل كلية بحيث يدخل الطالب الكلية المناسبة لقدراته و رغباته ، مما يقضي تمامًا على كابوس مجموع الثانوية العامة كل عام .

أزمات أخرى 

وقال الدكتور محمد وهدان الخبير التربوي وأستاذ المناهج والتدريس بجامعة القاهرة:" إن امتحانات الثانوية العامة تصنع صداعًا في رأس الدولة كل عام ، وأصبحت قضية أمن قوي بعد تسريب الامتحانات العام الماضي ؛ لذلك كان من الضروري البحث عن نظام يخرج الدولة من تلك الأزمة حتى لو كان على حساب الطلاب وأولياء الأمور ومستقبل التعليم بشكل عام".

مؤكدًا لـ "إيلاف" أن النظام التراكمي الجديد لامتحانات الثانوية العامة لن يكتب له النجاح على المستوى القريب ، وستلجأ الدولة للبحث عن نظام الجديد كما فعلت على مدار الثلاثين عامًا الماضية . 

مشددًا على أن مشكلات التربية والتعليم في مصر لا تنحصر فقط في نظام الثانوية العامة، وإنما هي أبعد وأعمق من ذلك بكثير، فهناك عجز واضح في عدد الفصول الدراسية، مما كان سببًا مباشرًا في زيادة كثافة الطلاب داخل الفصول، الكارثة الأكبر أن 35 % من طلاب المرحلة الابتدائية لا يجيدون القراءة والكتابة، بجانب تدني مرتبات المعلمين ،كل ذلك يحتاج إلى معالجة حقيقية قبل الحديث عن تطبيق نظام جديد للامتحانات.

تخفيف العبء 

من جانبه يرى عادل عطية ، عضو المجالس القومية المتخصصة أن النظام الجديد للثانوية العامة له مميزات كثيرة من أبرزها : اعتماد جزء من درجات الطلاب التراكمية على الأنشطة ونسبة الحضور والغياب، وكذلك مدى التزام الطلاب وسلوكهم ، في حين سيكون الجزء الآخر من الدرجات للمنهج والاختبارات التحريرية، كما يهدف النظام الجديد إلى عودة الطلاب مجددًا للمدارس بعدما شهدت السنوات الماضية اختفاء المدارس من الطلاب في سنوات الشهادات العامة مثل الشهادة الإعدادية والثانوية العامة .

مشيرًا إلى أن الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه وزارة التربية والتعليم من النظام الجديد للثانوية العامة، هو تخفيف العبء الاقتصادي عن الأسرة المصرية من خلال الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية التي تحولت لكارثة كبيرة على التعليم في مصر، فعلى مدار السنوات الماضية فشلت جميع الحكومات في الحد منها .

وطالب عطية من أولياء الأمور مساندة الوزارة في تطبيق النظام الجديد ، والانتظار لحين نجاح التجربة والحكم عليها على أرض الواقع بدءًا من العام الدراسي القادم. 

وأوضح "لإيلاف" أنه من المستحيل إصلاح النظام الحالي دون إعداد نظام تعليمي جديد مبتكر مع إعادة النظر في كافة العناصر التعليمية بدءًا من إعداد المعلمين وبناء المناهج والتقويم والامتحانات.

مراقبة شديدة

كما أوضح الدكتور محمد السيد، مدير إحدى الإدارات التعليمية بوزارة التربية والتعليم، أن النظام الجديد للثانوية العامة سيحقق المساواة بين كل الطلاب، كما سوف يساهم في إنهاء أزمة انتشار وتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية بشكل كارثي على مدار العشرين عامًا الماضية.

وأكد السيد "لإيلاف" أن الوزارة سوف تقوم بعمل تفتيش دائم على المدارس والمعلمين للتأكد من حسن توزيع الدرجات على الطلاب المحددة للأنشطة والغياب والحضور، بما يقطع أي عملية مجاملات لبعض الطلاب داخل المدارس، كما ستقوم وزارة التربية والتعليم بتقليل كم الدروس داخل المناهج، بحيث يعتمد الطالب على البحث العلمي والتفكير بعيدًا عن الحفظ للمناهج، بجانب أن شكل الامتحانات سوف يتغير تمامًا في النظام التراكمي الجديد، بحيث يعتمد على الإجابات المباشرة بعيدًا عن أسئلة المقال التي تحتاج إلى الحفظ وتزيد من اعتماد الطالب على الدروس الخصوصية، ويزيد هذا النظام الجديد من حرص الطالب على الذهاب إلى المدرسة والتفاعل مع معلميه .