إيلاف من الرباط: قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إن تشكيل هذه الاخيرةً " جاء بعد مخاض عسير وتحديات سياسية واجتماعية صعبة وفي محيط يغلي"، مؤكدا أن أطرافا لم يذكرها بالاسم كانت "لا تريد لهذه الحكومة أن تخرج".

وأضاف العثماني، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السابع لمنظمة التجديد الطلابي، الذراع الطلابية لحركة التوحيد والإصلاح الإسلامية، الذي انطلقت أشغاله اليوم الجمعة بالرباط، أن تلك الأطراف سعت إلى عرقلة تشكيل الحكومة "أثناء تكليف الأستاذ عبد الإله ابن كيران، أو لما عينت من قبل جلالة الملك، ولا يزالون يكيدون لها وأقلامهم وتصريحاتهم وتصرفاتهم وردود أفعالهم لاتزال مستمرة".

وزاد رئيس الحكومة موجها خطابه لشباب المنظمة الطلابية القريبة من حزب العدالة والتنمية، أن التحدي الذي كان مطروحا على الحزب خلال المرحلة التي وصفها ب"الصعبة"، هو "كيف يمكن أن نخرج وطننا وتيارنا من هذه التحديات ونستمر في بر الأمان؟"، واسترسل قائلا: "نحن هنا لنساهم بطريقة إيجابية لتقدم بلادنا، ونحن واعون كوزراء من هذا التيار في هذه الحكومة بأننا في لحظة ينبغي أن نقوم بدورنا".

ومضى العثماني قائلا: "وجودنا في الحكومة ليس طمعا في الكراسي والمناصب والوزارات كما يروج البعض، بل حزبنا انتدبنا لهذه المسؤولية، وهي مسؤولية ملقاة على عاتقنا وليس أي شيء آخر، ويوم يقول لنا الحزب انسحبوا سننسحب ونعود إلى أماكننا"، الأمر الذي يمثل ردا مباشرا على منتقديه.

العثماني وعبد الرحيم شيخي رئيس حركة التوحيد والإصلاح المغربية 

كلام رئيس الحكومة لم يقف عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى الرد على متهمي حكومته بالكلية والصورية من أبناء الحزب والحركة، حيث قال "غير صحيح أن الحكومة تتخلى عن مسؤوليتها في أي شيء وستبين الأيام صدق ذلك، صحيح عشنا احتكاكات والحكومة جاءت في ظرف صعب ولكن دائما بنفس إصلاحي ولن نتراجع عن مكتسباتنا الديمقراطية مهما كان".

 "نحن تيار وجد بمبادئ ناظمة يجمع بين الجرأة في القيام بالمسؤولية والجرأة في الانتقاد عندما يستلزم الأمر ذلك، ومن حقكم أن تنتقدوا لكن ينبغي أن يكون ذلك بمسؤولية"، يضيف رئيس الحكومة في رسالة عتاب لمنتقديه من شباب التنظيم.

وأكد العثماني أن رسالة منظمة التجديد الطلابي في عمقها هي البحث العلمي والمعرفة العلمية، لافتا الى أنه سيكون سعيدا "لو تعطينا المنظمة أناسا تكون لهم براءات اختراع .،آنذاك ستكون ناجحة"، مشددا على أن البلاد في حاجة إلى "نفس علمي معاصر للنهوض العلمي ببلادنا، والخروج من التخلف يحتاج منهجية صارمة جدا".

جانب من ضيوف المؤتمر الوطني السابع لمنظمة التجديد الطلابي

وسجل رئيس الحكومة بأن منظمة التجديد الطلابي "يمكنها اليوم أن تفخر بأن من بين من عملوا داخلها يتحملون مسؤوليات عديدة إما برلمانيين أو رؤساء جهات وجماعات أو وزراء"، مؤكدا أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو "كيف استطاعت هذه المدرسة أن تحافظ على توازنها في تفاعلها مع الواقع وقدرتها في الإسهام في الإصلاح؟ وما الأسس الفكرية والمنهجية التي جعلتها في عموميتها تنجح؟"، معتبرا أن الجواب على هذا السؤال "هو الذي سيجعل مساهمة هذا التيار في المستقبل مستمرة بنفس القدر الذي ساهمت به طيلة هذا المسار".

أما عبد الرحيم شيخي، رئيس حركة التوحيد والاصلاح، فاعتبر في كلمة بالمناسبة، أن اختيار المنظمة لشعار "صمود وكفاح .. دفاعا عن مغرب الكرامة والاصلاح" للمؤتمر "خيار موفق".

وأضاف شيخي موجها كلامه لشباب وطلاب حركته "ما زلنا نحتاج اليوم إلى مجهود تجديدي قوي لهذه المرجعية للاستجابة ليس فقط لبعض الحلول ولبعض الاشكالات، ولكن لنعيش بهذا الدين بمبادئه وقيمه في هذا العصر على مستوى الوطن والعالم وعلى مستوى الإنسانية". 

وذكر رئيس حركة التوحيد والإصلاح أن هذا الأمر يتطلب "انفتاحا وتجديدا أكبر وهذا من معالم المنهج التي تعتقده وتتبناه منظمة التجديد الطلابي وتمارسه"، وذلك في إشارة واضحة منه الى شباب المنظمة وما يقومون به داخل الجامعات المغربية.

وحذر شيخي شباب المنظمة من فقدان الأمل في الإصلاح، مشيرا إلى أن هناك "جهات وفاعلين لا يعتمدون مقاربة إيجابية للاصلاح ويريدون لهذا الشباب وخصوصا الشباب المتعلم الواعي بالجامعة أن يفقد الأمل في الإصلاح"، مطالبا بالمزيد من الصبر والصمود حتى تحقيق النجاح والهدف المطلوب.

من جهته، سجل ضيف شرف الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، بأن الفساد في المغرب عم جل المؤسسات، حيث اعتبر أنه "يوجد في جميع مناحي الحياة والمؤسسات، حتى الجامعة باعتبارها منارة للعلم والتحصيل لم تسلم من هذه الآفة".

وأفاد نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بأن الفساد الموجود بالجامعة "تتزعمه لوبيات متنوعة ومختلفة"، متهما بعض "الأساتذة والأطر الإدارية والمسؤولين بمختلف مناصبهم بالضلوع في الفساد داخل الجامعة".

وأوضح الريسوني أن الفساد "بدأ يهدد بالدخول إلى الجامعات أيضا"، مطالبا أعضاء منظمة التجديد الطلابي بالمزيد من الصمود والتصدي للفساد الجامعي وفضح رموزه وممارساته، مسجلا أن غياب الأساتذة عن الحصص الدراسية يشكل أدنى مراتب الفساد الجامعي.

وأشاد الريسوني بما حققته منظمة التجديد الطلابي في الجامعة المغربية، معتبرا أنها "جاءت لتتجاوز بعض السلوكات المشينة بالجامعات"، حيث كان الحرم الجامعي في وقت من الأوقات منبرا لممارسة "الديكتاتوريات الإيديولوجية، حيث كان الطالب الملتزم بمبادئ الإسلام يتعرض للاضطهاد ويتم التضييق على الطالبة المحتجبة، وعلى من يفتتح كلامه ببـسم الله الرحمن الرحيم"، لافتا إلى أن "السنة النضالية بامتياز كانت بالنسبة للطلبة هي السنة البيضاء، في حين أنها كانت سنة سوداء بالنسبة للطلبة أنفسهم وللعائلات وللدولة أيضا".

واعتبر رئيس منظمة التجديد الطلابي، رشيد العدوني، في كلمة بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أن ما يجري في المغرب في المرحلة الأخيرة "انتكاسة على المستوى السياسي والحقوقي يجعل وطننا في مأزق سياسي حقيقي، ناتج عن ضعف القدرة على تحمل جرعة من الإصلاحات تمت في السنوات الخمس الماضية".

وقال العدوني، إن هذا المأزق "تقدم له فتاوى ووصفات كارثية تروم قتل السياسة وتجميد الديمقراطية "، وأضاف أن المغرب الذي أصبح "نموذجا مشرقا في منطقتنا نتيجة تفاعله الإيجابي مع رياح الربيع الديمقراطي . ها هو اليوم يكاد يتحول إلى سراب نتيجة عودة السلطوية وسعيها الحثيث لإغلاق القوس الذي فتح سنة 2011".

وشدد رئيس منظمة التجديد الطلابي في كلمته على "ضرورة أن تتحمل النخب الملتزمة بهموم المجتمع، والأحزاب الحرة والمستقلة ومختلف المؤسسات والقوى الحية ، مسؤليتها بضرورة استعادة المبادرة واستئناف مسيرة الإصلاح السياسي والبناء الديمقراطي"، مؤكدا أن الحاجة "ملحة لصيانة التعاقدات السياسية الكبرى من أجل الحفاظ على مصداقية المسار برمته الذي قطعته بلادنا منذ سنوات".

وسجل العدوني بأن الحل "يوجد في السياسة، وفي السياسة الحقيقية بالتحديد، وليس السياسة المبنية على آراء التكنوقراط والأمنيين وأصحاب الأموال"، معتبرا أن "هؤلاء دورهم مهم بالنسبة لأي دولة، لكن أن يوكل لهم أو لبعضهم كل شيء فتلك مخاطرة حقيقية وعواقبها غير مضمونة، نقولها بقلب صادق وغيرة وطنية على بلدنا وحرص على ضمان الاستقرار والأمان لشعبنا ووطننا".

وجدد رئيس التجديد الطلابي التأكيد على أن الديمقراطية هي "الخيار الوحيد لرفعة المغرب ولن يتحقق ذلك إلا عبر وفاق تاريخي وتعاقد سياسي جدي بين مختلف المؤسسات الفاعلة والقوى الحية".

وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر الوطني السابع لمنظمة التجديد الطلابي، الذي انطلقت أعماله اليوم الجمعة، سيتواصل إلى غاية يوم الأحد، في ظل نقاش فكري وطلابي يلامس قضايا وهموم الجامعة المغربية والتحديات التي تعيشها، فضلا عن انتخاب قيادة جديدة للمرحلة المقبلة بعدما قضى رئيسها الحالي رشيد العدوني، ولايتين متتابعتين.

سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية