القاهرة: تلوح بوادر أزمة طائفية جديدة في مصر، بسبب منع مجموعة من الأقباط من أداء الصلاة في مبنى كنسي غير مرخص في محافظة المنيا. وأثار القرار الكثير من الغضب في أوساط المسيحيين، وطالبوا الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل.

تسيطر حالة من الغضب على الأقباط، في أعقاب منع قوات الأمن أهالي قرية الفرن التابعة لمحافظة المنيا من الصلاة.

وروى مجدي منيا، أحد الأقباط في القرية تفاصيل الواقعة، وقال لـ"إيلاف" إن القرية بها مبنى تحت الإنشاء مخصص للكنيسة، منذ عدة سنوات، مشيرًا إلى أن أهالي القرية المسيحيين توجهوا إلى المبنى أمس في تمام الساعة السادسة، لأداء قداس الأحد، وتصدت لهم مجموعة من أهالي القرية المسلمين وقوات الأمن ومنعوهم من أداء الصلاة. على حد تعبيره.

وأضاف أن قوات الأمن فرقت المسلمين المتجمهرين، وفرضت طوقًا أمنيًا على المبنى، ومنعت الأقباط من أداء الصلاة، مشيرًا إلى أن الأقباط تجمهروا أيضًا وطالبوا بحقهم في أداء الصلاة، ولكن دون جدوى.

ولفت إلى أن قوات الأمن أجبرت المسيحيين على العودة إلى منازلهم، خشية وقوع مصادمات مع المسلمين، وحررت محضرًا ضد بعض الأقباط، متهمة إياهم بإقامة شعائر دينية في منزل من دون تصريح.

وذكر أن عدد المسيحيين في القرية يبلغ نحو 300 شخص، وليس لديهم كنيسة للصلاة.

وتساءل: كيف تضم محافظة المنيا أكثر من 70 قرية، وليس هناك قرية واحدة بها كنيسة؟ وتابع: لكي نصلي نحتاج إلى مسيرة عدة كيلومترات، للوصول إلى المطرانية في أبو قرقاص"، لافتاً إلى وجود أكثر من 15 كنيسة مغلقة في المنيا، لأنها لم تحصل على التراخيص اللازمة بسبب تعنت الجهات الرسمية في الدولة.

وبالمقابل، قدم رئيس مركز ومدينة أبو قرقاص، العميد محمد صلاح، رواية مختلفة، وقال، إن بعض المواطنين الأقباط في عزبة الفرن في مركز أبو قرقاص حاولوا الصلاة في منزل أحد المواطنين بحضور أحد القساوسة ما دفع بعض الأهالي المسلمين لاعتراضهم ومنعهم لعدم الحصول على ترخيص بالصلاة.

وأضاف في تصريح رسمي، أن الأجهزة الأمنية تدخلت لمنع وقوع اشتباكات بين الطرفين، مشيرًا إلى أن قوات الأمن حررت محضر شرطة ضد أحد المسيحيين، اتهمته فيه بمحاولة إقامة شعائر دينية دون ترخيص.

وحسب تصريحات صلاح، فإن بعض المسيحيين يصطحبون أحد القساوسة، يوم الأحد من كل أسبوع، لمحاولة إقامة الشعائر الدينية في بعض المنازل غير المرخصة للصلاة، نافيًا إلقاء القبض على أي من الأقباط ضمن هذه الواقعة.

وقال اللواء عصام البديوي، محافظ المنيا: "هناك نوع من أنواع التوتر والارتباك بين المسلمين والمسيحيين في بعض الأماكن في المحافظة"، مشيرًا إلى أن هناك خطة شاملة من الدولة لاقتحام المشاكل الاجتماعية والثقافية التي تؤدي إلى ظهور الأزمات الطائفية.

وأوضح لـ"إيلاف"، أن بعض المسلمين في المحافظة يرفضون إقامة صلوات المسيحيين في أماكن غير مرخصة، لافتاً إلى أن المسيحيين يتقدمون بطلبات لترخيص أماكن خاصة لهم للصلاة، ويتم الاستجابة لهم في بعض الأوقات أو نقل المبنى المراد الترخيص له لمكان آخر أو رفض الطلب.

تقصير من قبل أجهزة الدولة

وأضاف أن هناك تقصيرًا من قبل أجهزة الدولة في اتخاذ بعض القرارات بشأن الأقباط، متابعا: «"من حق كل شخص أن يؤدي الصلاة في المكان الذي يراه مناسبًا له، ونهدف إلى تدشين حملة ثقافية ودعوية ودينية لاقتحام القرى".

وحسب الرواية الرسمية في محضر الشرطة، فإن "اللواء ممدوح عبد المنصف، مدير أمن المنيا، تلقى إخطارًا من العميد منتصر عويضة، مدير مباحث المديرية، يفيد بتجمع عدد من أهالي عزبة سامح موسى، في مركز أبو قرقاص، أمام منزل "يني بابوي"، اعتراضًا على قيام الأخير بتحويل منزله لكنيسة، وحضور كاهن لأداء الشعائر".

وأضاف المحضر: "تدخلت قوات الأمن، وقامت بصرف المجتمعين، ومنع حدوث أية مناوشات، وفرض كردون أمني، حتى أصبحت الحالة الأمنية هادئة تمامًا".

وفي محاولة من الأقباط لحل الأزمة، طالبوا الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل، ومنحهم الحق في إقامة الصلاة، وأرسل مسيحيو "عزبة الفرن" ببرقية إليه، حملت توقيعات 44 شخصًا.

روى الأهالي في برقيتهم ما حصل، وقالوا: "نحن أهالي عزبة الفرن التابعة لمركز أبو قرقاص في المنيا، مصريو الجنسية، لقد تعرضنا صباح اليوم 20 أغسطس لإهانات بالغة وتم منعنا من الصلاة، وإقامة الشعائر الدينية كالمعتاد".

وأضاف الأقباط في رسالتهم للسيسي: "فوجئنا بوجود قوات من الشرطة بمداهمة ومحاصرة القرية لمنع الأقباط المصريين من الصلاة وإقامة الشعائر الدينية ومنعنا الخروج من منازلنا قسرا والتعدي بألفاظ لا تليق بالمواطن المصري وفقا لما تؤكدونه سيادتكم في كل اللقاءات، ولكننا وجدنا اليوم تنفيذ عكس توجهات سيادتكم وكأننا مجرمون أو خارجون على القانون مطلوب تقديمنا للمحاكمة بتهمة إقامة شعائر الدينية، وهل إقامة الشعائر الدينية جريمة؟ أين المساواة إذن؟ نلجأ لسيادتكم مستغيثين لوقف تلك التصرفات التي تمارس ضدنا ومنعها".