رغم حالة العداء والصراع المرير بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا أن سائقا فلسطينيا اقدم على إعادة 10 الاف دولار فقدها راكب يهودي متشدد في حافلة في القدس الشرقية.

ويروي السائق الفلسطيني رمضان جمجوم (35 عاماً) أن مسافرا يهوديا اوقع رزمة نقود مربوطة، بينما كان يهم بمغادرة الحافلة.

ويضيف جهاد الذي يعمل سائقا في احدى شركة الحافلات في مدينة القدس: "ناديته (الرجل اليهودي)، لكنه لم يسمعني لأنه كان يتحدث عبر الهاتف، وبعدها ذهبت وابلغت الشرطة وسلمتها المبلغ".

واليهودي المتشدد الذي فقد المال، هو من سكان مدينة بني براك شمال شرق تل ابيب، وهي مدينة تسكنها غالبية من المتطرفين في إسرائيل.

وتقول المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية لوبا السمرى، أن "شرطة تل أبيب تسلمت مبلغ 10 آلاف دولار من سائق باص عربى من حى بيت حنينا فى القدس الشرقية يعمل على الخط الرقم 422 التابع لشركة افيكيممن القدس فى اتجاه مدينة بنى براك".

وأضافت الناطقة أن "السائق عثر على مبلغ المال عند انتهاء رحلته ووصوله إلى مدينة بنى براك، وكان أحد المسافرين قد نسيه فى الباص".

وسلم السائق النقود للشرطة التى نشرت إعلان فى صحيفة محلية. وبعد ذلك تسلمها صاحبها مثنيا على أمانة السائق.

ويقول جمجوم: "النقود لم تغرني، اعدتها لأنها ليست مالي وتفرض على اخلاقى وديني أن اعيدها لأننى أريد الكسب بالحلال فقط".

ولم يتسلم جمجوم أى مكافأة ولكنه حصل على شهادة شكر من شركته.

واعتبرت الشرطة أن "حادث إعادة النقود نادر الحصول وخصوصا أن الفقر ينتشر بكثرة فى القدس الشرقية".

ويخوض الفلسطينيون والإسرائيليون حربًا ديمغرافيّة في القدس، حيث يسعى كل طرف إلى زيادة عدد السكان المنتمين إلى عرقيته ليضمن هيمنته على المدينة، وتعمل الحكومة الإسرائيلية - كما تقول الدكتورة سارة هيرشكوبيتس رئيسة قسم التخطيط الاستراتيجي في بلدية القدس - على ألا تتعدى نسبة العرب بالمدينة 28%.

وتحاول الحكومة الإسرائيلية زيادة عدد اليهود في المدينة بطرق عدة، منها على سبيل المثال العمل على إحلال اليهود محلّ العرب الذين هدّمت منازلهم بحجّة البناء دون تصريح.

وفي سنة 2005، قدم الى المدينة 2,850 مهاجر يهودي جديد من الولايات المتحدة وفرنسا ومن بعض دول الإتحاد السوڤيتي السابق، وبنهاية السنة ذاتها تبيّن أن 16,000 من السكان غادر المدينة.

يرى العديد من الإسرائيليين أن القدس مدينة فقيرة تمزقها النزاعات السياسية والدينية، لذا فهم يفضلون سكن مدن أخرى أكثر أمانًا وغنى، وبالمقابل تستقطب المدينة عددًا كبيرًا من الفلسطينين من سكّان الضفة الغربية وقطاع غزة، كونها تقدم لهم فرص عمل وخدمات صحية أكبر من تلك المتاحة في مدنهم وقراهم.

وقد شجّع الزعماء الفلسطينيون والعرب السكان الفلسطينيين عبر السنين على البقاء في المدينة لتأكيد حقهم بالمطالبة بها، وقد فعل البعض منهم هذا.

 وحسب معطيات الكتاب السنوي الاحصائي للقدس، التي نشرها معهد القدس، فانه بين السنوات 1967 و حتى 2015 ازداد عدد السكان اليهود في المدينة بـ174 الف نسمة، ولكن السكان العرب ازدادوا في هذه الفترة الزمنية ضعفين فأكثر، 372 في المئة. وحسب المعطيات الرسمية، يعيش في القدس اليوم 542 الف يهودي (مقارنة بـ187700 قبل خمسين سنة) و 324 الف عربي (مقارنة بـ86600 قبل خمسين سنة).

وحسب معطيات معهد القدس للبحوث السياسية، فبين اعوام 2012 و2016 بني لليهود في غربي القدس 6750 وحدة سكن بينما في المناطق التي ضمت إلى المدينة في 1967 (دون هار حوما – جبل ابو غنيم) بني 639 شقة فقط. وتعكس المعطيات انخفاضا حادا جدا في بناء الشقق لليهود في الاحياء التي ضمت إلى المدينة في 1967، أحياء يسكن فيها اليوم نحو 205 الف يهودي.