«إيلاف» من بغداد: اعرب الكثير من العراقيين عن تأييدهم التام لاستقلال اقليم كردستان عن العراق، باعتباره حقًا مشروعًا لهم، واستفتت (ايلاف) أكثر من 200 مواطن عراقي من مختلف الشرائح، جاءت النسبة الاكبر أنهم مع استقلال الاقليم، فيما كانت نسبة ضئيلة ترفض ذلك باعتبار المحافظات الكردية جزءاً لا يتجزأ من العراق التاريخي، وان الشعب الكردي يفتخر بعراقيته، واكد الكثيرون انهم تلقوا قرار اقليم كردستان باجراء استفتاء الانفصال بالارتياح والتأييد، واكدوا انهم سيقدمون للشعب الكردي التهاني والتبريكات بنيلهم حقهم المشروع في تأسيس دولتهم المستقلة. لكن ذلك لم يمنع من تساؤل بعض المؤيدين: لماذا برزت دعوات كوردستان بالانفصال بوقت الانتصار على داعش؟

 يذكر أن أحزاباً كردية عقدت اجتماعًا، في 7 يونيو 2017 في أربيل ترأسه رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني وسط مقاطعة بعض القوى السياسية، واتفقت تلك الأحزاب على إجراء الاستفتاء الشعبي على مصير الإقليم في الخامس والعشرين من سبتمبر المقبل، كما اتفقت أيضا على إجراء الانتخابات البرلمانية وانتخابات رئاسة الإقليم في السادس من اكتوبر المقبل.

فيما قرر "المجلس الأعلى للاستفتاء" في إقليم كردستان، الأحد 30 يوليو 2017، تفعيل برلمان الإقليم خلال اسبوعين للعمل على دعم الاستفتاء، كذلك قرر تكليف رئيس الإقليم مسعود البارزاني والنائب الأول للأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني كوسرت رسول بتشكيل وفد لإجراء الحوار مع بغداد بشأن الاستفتاء.

نعم لاستقلال الإقليم

المحلل السياسي ابو فراس الحمداني أكد انه مع استقلال الاقليم، وقال لـ "إيلاف"، "يجب دعم حركة التحرر الكردية ونضال شعب كردستان من اجل الاستقلال، وانا اوجه دعوة لكل النخب والاحزاب العراقية لدعم استقلال الاقليم ، بإختصار شديد ، بغداد لن تخسر شيئًا من هذا القرار، الاقليم حاليا بمثابة دولة صامتة، يسيطر على حكومته وبرلمانه ونفطه وجيشه وحدوده وعلاقته الخارجية واتفاقياته المشتركة ومناهجه التعليمية، ولهذا فإن الاقليم مستقل عن العراق مئة بالمئة، ويأتي سياسيوه الى بغداد ليتشاركوا في كل شيء وليوظفوا التناقضات الطائفية والقومية للحصول على المكاسب".

واضاف الحمداني: " بصراحة كل امراض التوافق والمحاصصة والنسب الطائفية وضعها الكرد في الدستور، ولايمكن تصحيح مسار العملية السياسية الا بتغيير هذا الدستور البائس، ولايمكن ذلك الا بخروج الكرد من المعادلة ليتسنى لعرب العراق سنة وشيعة وأقليات ان يكتبوا دستوراً جديدا يعزز قيِّم المواطنة ويغير نظام الحكم الى رئاسي بدلاً من النظام البرلماني الحالي الذي يضع السلطة التنفيذية تحت سيطرة الاحزاب وعرضة لإبتزازها" .

وتابع: "مثلما نجح الكرد بسنتهم وشيعتهم ان يتوحدوا ويؤسسوا نظاماً مدنياً قوياً بدستور متطوِّر بعيداً عن التعصب والتطرف ،علينا ايضاً كعرب العراق (سنة وشيعة) أن نسعى لتغيير الدستور ونظام الحكم من برلماني الى رئاسي، ولن نستطيع تحقيق ذلك الا بانفصال كردستان وخروج سياسييهم من بغداد ليكونوا بمواجهة استحقاق الاستقلال مع تركيا وإيران" .

وختم بالقول : "دعوتنا لمساندة استقلال الاقليم تأتي لدعم تطلعات الشعب الكردي الشقيق وترتيب العلاقة المستقبلية معه على اساس التعاون والتعايش السلمي.

 مصيره الفشل

الصحافي مهدي العامري، قال " إن الاستقلال الكردي مصيره الفشل، وبين لـ "إيلاف" أن مع كل نظام سياسي عراقي يطرح اﻻكراد انشاء دولة كردية . وقد جوبهت هذه الدعوات باقتتال وتمرد وهجرة طيلة عشرات السنين، وخلال فترات حكم العراق انفرد اﻻكراد بتشكيل مجموعات ضغط للانفصال عن الدولة اﻻم من خلال الدعم الخارجي تارة والرغبة الداخلية، وهو ما دعا الى تشكيل احزاب قومية ذات طبيعة انفصالية ،وبالمرور على تاريخ اﻻكراد نجد ان ما يوحدهم اكثر مما يفرقهم، لكن اﻻمر ليس سهلا الى هذه الدرجة التي يتصورها اﻻكراد" .

 وأضاف ان فكرة القومية لم تنجح بها امة العرب فكيف باﻻكراد، اﻻستقلال القومي مصيره الفشل مع تطور الدول والشعوب .

وتابع: "انا معهم في مطلبهم إن كانوا حقيقيين ومؤمنين بمطلبهم، ولكنني اتصور ذلك فسرعان ما سيعودون الى انتمائهم للعراق، وذلك ما يحدث مع كل مشكلة بينهم وبين الحكومة المركزية، حيث يبعثون وفدا الى بغداد من اجل حل المشاكل وينسون انهم من تسبب بهذه المشاكل" .

رغبة الشعب الكردي 

اما الكاتب والمحلل السياسي جرجيس كوليزادة (كردي) فقد أكد رغبة الشعب الكردي بارادته الحرة في الانفصال، ولكن، وقال : "مصلحة العراق واقليم الكردستان تقضي استقلال الاقليم، وانا مع هذا الرأي، لان الكرد كشعب من شعوب المنطقة من حقه حق تقرير المصير حسب المواثيق واللوائح الدولية الصادرة من الامم المتحدة، والاستقلال يمنح الشعب الكردي السيادة والحرية للتصرف بحقوقه السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويمنحه حق التصرف السيادي الكامل والشامل بمصادره وموارده وثرواته الطبيعية والمعدنية لخدمة ابناء واجيال الاقليم".

واضاف: " ولكن تظل نقطة مهمة في مسألة الاستقلال هل ان الشعب الكردي يمتلك قيادة وطنية حكيمة قادرة على ايصال الشعب والاقليم الى بر الامان مع تبني وتحقيق نظام سياسي يوفر العدالة الاجتماعية والاقتصادية والمساواة وتكافؤ الفرص امام الجميع ؟ وللاجابة على هذا السؤال نقول إن القيادة الحالية التي تقود السلطة في الاقليم فاسدة ومارقة وخالية من المبادئ والمفاهيم والعناوين الانسانية، وهي تقود الكرد منذ عقدين ونصف من الزمن وخلال كل هذه السنوات لم ترتكب غير الاختلاس والسرقة والنهب للموارد الاقتصادية والمالية، ولهذا إن اراد الكرد تحقيق الاستقلال لابد ان يكون تحت ادارة قيادة وطنية، وليس تحت هذه القيادة الحالية الفاسدة من رأسها الىى اخمص قدميها".

وتابع :" أما بخصوص انفصال الاقليم عن بغداد، فاعتقد أن الاغلبية العظمى من كرد العراق تدعم هذا الخيار بمحض ارادتها الحرة بعيدا عن التاثيرات الديموغائبة للاحزاب والشخصيات المتسلطة على حكم الاقليم، ويبدو ان هذا الدافع الوطني والقومي ليس وليد اليوم، وانما له جذور تعود الى عقود طويلة الى زمن بدايات الحرب العالمية الاولى، ولكن الظروف السياسية التي مرت بها دول وشعوب منطقة الشرق الاوسط لم تسمح بتحقيق هذا المطلب، وبفضل تغيّر النظام السياسي في العراق عام الفين وثلاثة، وارساء مبادئ حقوق الانسان في الدستور العراقي الدائم، تهيأ الظرف المناسب للكرد للتعبير عن مطالبهم المشروعة بحرية ومشروعية، والانفصال رغية حقيقية لتحقيق الهوية الكردية ضمن كيان سياسي مستقل".

 تشجيع تقرير المصير

حسام هادي، طالب جامعي، قال لـ "إيلاف" إنه يفرح لفرح الاكراد باستقلالهم، "انا بصراحة اؤيد واشجع الاخوة الكرد في تقرير مصيرهم وتكوين دولتهم المستقلة على الرغم من انني واثق مليون بالمئة أن العالم يرفض هذا ليس لان ايران وتركيا ترفضان هذ،ا بل لان كردستان لا تمتلك مقومات دولة ولا يمكنها ان تشبه اسرائيل التي يقتدي بها الاكراد". 

واضاف إن الاخوة الاكراد يريدون أن ينفصلوا عن العراق وهذا حقهم ومثلما هم يريدون ان يستريحوا، فالعراقيون ايضا يريدون ان يستريحوا من المشاكل التي بين العرب والكرد، واتمنى ان يحقق الاكراد طموحاتهم ويعيشون بسلام وسوف افرح لفرحهم .

أما محمد سليم عباس، موظف، فقد أكد أن الاكراد يستحقون دولة مستقلة، وقال "أنا مع استقلال كردستان واتمنى ان يكون اليوم قبل الغد، ولكن هل سيكونون جيرانًا طيبين لنا ولن تكثر المشاكل اكثر مما هي عليه الان؟،انا ارى انهم غير صادقين وخاصة السياسيين الذين يحاولون الحصول على مكاسب من مشاكلهم مع الحكومة المركزية".

واضاف:" لديّ العديد من الاصدقاء الكرد في بغداد وكلهم يرفضون استقلال الاقليم لانهم يرون انه سيكون قنبلة موقوتة في المنطقة مثلما سيكون مكاناً للصراع بين الاحزاب الكردية".

وتابع:" أنا ادعو وارجو الحكومة العراقية ان توافق على اجراء الاستفتاء ومن ثم الاستقلال فليذهبوا الله معهم ويكفونا مشاكلهم عسى ان يهدأ العراق بعد ان يجد السنة والشيعة انفسهم في مصير واحد ولا ثالث لهم ليخرب ما بينهم" .

مشاكل 

من جهته، اكد سعد كاظم، محامٍ، أن سروره يتعاظم مع انفصال كردستان، وقال "إن الشعب الكردي الطيب البسيط تعرض لشتى المصائب بسبب ساسته الذين لا يشبعون من اثارة المشاكل. 

واضاف: "ان الانفصال لم ولن يكون ولكن الساسة الاكراد يتمنون ذلك عسى ان يتحقق لهم مشروعهم القائم على تدمير العراق وتقسيمه، ولكنني اريدهم ان ينفصلوا وان يعرفوا كيف ستكون اوضاعهم من دون العراق العظيم وسط دول كالذئاب، خاصة ان الكرد سيشجعون الاكراد في الدول الاخرى على الانفصال، هذا ما يخلق مشاكل كبيرة" .

 تركمانية: مع استقلالهم بشرط

من جانبها، قالت فاطمة شهيد (تركمانية) : "انا مع استقلال الاقليم بشرط ان يحتفظوا بمحافظاتهم الثلاث فقط، ولأا يتحدثوا عن كركوك او المناطق المتنازع عليها ولا المناطق التي حررتها البيشمركة ،انا سأرفع يدي عالياً من اجل تحقيق حلمهم بالانفصال عن العراق" .

واضافت: "الاكراد للاسف لايريدون الامور ان تهدأ، ولا يريدون للعراقيين ان يعيشوا بسلام ومطالبهم تكثر سنة عن سنة، واعتقد ان الحل الامثل ان تكون لهم دولتهم المستقلة ويتركون العراقيين يرتبون بيتهم بينهم، وصدقني سيتصافى السنة والشيعة ويعيش العرب والتركمان والشبك والمسيحيين والصابئة وغيرهم بأمان ووئام" .

كردي: لن ينفصلوا!

اما هشام عبد الله (كردي) فقال : انا اعيش في بغداد منذ ولادتي فيها ولم اذهب الى كردستان الا لزيارة بعض الاقارب هناك او السياحة في بعض الاحيان ، انا اعيش مثل أي عراقي ولا فرق بيني وبين أي عربي أو غيره واعمل في التجارة والحمد لله ، ولكن ارفض بشدة استقلال كردستان لان الشعب الكردي لا يستطيع ان يعيش من دون العراق لاسباب كثيرة، واذا حدث استفتاء فإنه سيكون مزورا لانني متيقن ان الشعب الكردي لا يريد الانفصال عن بغداد .

واضاف: السياسيون الكرد هم من يختلق المشاكل لمصالحهم الخاصة ولا يفكرون بالشعب الذي مرت عليه الكثير من المشاكل وما وجدوا لها حلولاً ، اقول ان اغلب السياسيين الكرد لا يفكرون بالمستقبل والا بالله عليك قل لي أي دولة من دول الجوار الكردستان ستوافق على الانفصال واي دولة تحب الكرد ؟ ليذهب فلان وعلان ليعلن دولته والله انه يكذب لانه يعرف ان المشاكل ستأتيهم من الداخل والخارج .

وختم بالقول:" سأختصر لك حقيقة كل ما يحدث ان السياسيين الكرد يريدون ابتزاز الحكومة العراقية وتحقيق مكاسب اكثر فقط" .

 يذكر أنه جرت تحركات دبلوماسية كبيرة سعت خلالها العديد من الدول إلى إقناع كردستان العراق بإلغاء أو على الأقل تأجيل الاستفتاء، وهذا ما حاول وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس فعله أيضاً، عبر إقناع المسؤولين الأكراد في زيارته إلى اربيل التي نقل خلالها مخاوف واشنطن من أن هذه العملية تشكل عائقاً أمام الحرب ضد داعش.

بدورها، جددت تركيا معارضتها الشديدة لهذه الخطوة التي تعتبرها خاطئة، وأعلن وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو عن توقعاته بأن تلغي حكومة أربيل الاستفتاء.

غير أن أربيل وعلى الرغم من الضغوطات الإقليمية والدولية تبدو ماضية في إجراء الاستفتاء المثير للجدل.