بروكسل: ابلغ الاتحاد الاوروبي بريطانيا بصراحة الاثنين ان عليها البدء في التفاوض بجدية بشأن خروجها من الاتحاد الاوروبي ومعالجة القضايا الرئيسية في عملية بريكست اولاً قبل الحديث عن أية علاقة مستقبلية لها مع الاتحاد. 

وقال الاتحاد الاوروبي انه يجب تحقيق "تقدم كافٍ" في القضايا الرئيسية -- الفاتورة التي يتوجب على المملكة المتحدة دفعها عند مغادرتها الاتحاد ومصير المواطنين الاوروبيين على الارض البريطانية ومستقبل الحدود بين ايرلندا وايرلندا الشمالية -- قبل ان يتم الحديث عن ترتيبات ما بعد بريكست. 

وفي البداية، تبادل ميشال بارنييه المكلف المفاوضات باسم الاتحاد الاوروبي التحية مع نظيره البريطاني ديفيد ديفيس، إلا أنه غيّر لهجته بسرعة ليطالب لندن بتقديم ردود مفصلة على مواقف بروكسل. 

وقال "بصراحة أنا قلق. الوقت يمر بسرعة .. يجب أن نبدأ التفاوض بجدية". 

واضاف "نرحب بالاوراق التي قدمتها بريطانيا مؤخرًا، وقرأناها بشكل دقيق .. ولكن علينا ان نبدأ بالتفاوض جديًا". 

واضاف "نريد ان تكون الاوراق البريطانية واضحة. كلما استعجلنا في ازالة الغموض، كلما كنا في وضع يؤهلنا لمناقشة العلاقة المستقبلية والفترة الانتقالية". 

بدوره، تلا ديفيس بياناً صدر في وقت سابق الاثنين قال فيه ان بريطانيا عملت بجد على هذه الاوراق. 

ودون الرد مباشرة على تصريحات بارنييه، قال ديفيس إن الوثائق البريطانية كانت "نتاج عمل شاق وتفكير دقيق قمنا به خلف الكواليس ليس فقط في الاسابيع القليلة الماضية بل لفترة 12 شهراً". 

وأكد ان تلك الاوراق أساس "لما آمل أن يكون اسبوعًا بناء من المحادثات بين المفوضية الاوروبية وبريطانيا". 

وأضاف ان التقدم يتطلب "المرونة والخيال من الجانبين .. ونحن مستعدون لأن نشمر عن سواعدنا ونبدأ العمل مرة أخرى". 

فجوة كبيرة جدا

تقول لندن إن اصرار الاتحاد الاوروبي على الترتيب القاضي بتسوية الطلاق وبعد ذلك البحث في القضايا المستقبلية، ربما يأتي بنتائج عكسية. 

وتؤكد انه في حال تم التفاوض على المسألتين بالتوازي فربما يساعد ذلك في حل القضايا المستعصية مثل مستقبل الحدود بين الاتحاد الاوروبي وبريطانيا في ايرلندا الشمالية. 

والاسبوع الماضي، رفض مسؤولون في الاتحاد الاوروبي مثل هذا الربط وقللوا من توقعات بأن "فجوة كبيرة جداً" يمكن ان يتم سدها قبل ان يتحدث بارنييه وديفيس للصحافيين مرة أخرى الخميس. 

وحذر الجانبان مرارًا من ان الوقت يمر حتى المهلة النهائية لبريكست في مارس 2019. 

وتجري المحادثات على خلفية حالة عدم وضوح سياسي عميق في بريطانيا، فقد بنى حزب العمل البريطاني المعارض موقفًا أكثر ميلاً إلى اوروبا من موقف رئيسة الحكومة المحافظة تيريزا ماي، داعيًا الى البقاء في السوق الاوروبية الموحدة لفترة انتقالية بعد بريكست.

وكانت ماي قالت انها ترغب في خروج بريطانيا من السوق الموحدة بشكل قطعي، الا ان موقفها تعرقل منذ الانتخابات التي جرت في يونيو وافقدتها غالبيتها البرلمانية. 

وحذر مسؤولو الاتحاد الاوروبي الاسبوع الماضي من ان عملية السلام في ايرلندا الشمالية يمكن ان تستخدم كورقة مقايضة. 

وفي ورقة أخرى، قالت بريطانيا ان محكمة العدل الاوروبية يمكن ان يكون لها تأثير غير مباشر مستمر بعد بريكست في تليين لموقفها السابق بأن المحكمة لن يكون لها أي تأثير في بريطانيا. 

الا ان مسؤولي الاتحاد الاوروبي قالوا ان ذلك غير كافٍ، نظرا لأن حقوق أكثر من ثلاثة ملايين من مواطني الاتحاد الاوروبي الذين يعيشون في بريطانيا ومليون بريطاني يعيشون في اوروبا تنبثق من قانون الاتحاد الاوروبي، ولذلك فإن المحكمة سيبقى لها تأثير. 

وقال مسؤول "لا يوجد أي احتمال آخر". 

اما بالنسبة لفاتورة الطلاق التي يتعين على بريطانيا دفعها، والتي يقدرها الاتحاد الاوروبي بنحو 100 مليار يورو، بينما ذكرت تقارير في لندن ان قيمتها لا تتعدى 40 ملياراً، فقد قال مسؤولو الاتحاد الاوروبي إن المحادثات لا تتعلق بالرقم ولكن بالاتفاق على كيفية دفع الفاتورة. 

وذكر مسؤول في الاتحاد الاوروبي "يجب أن تكون لدينا منهجية مفصلة بشكل كافٍ حتى يتم احترام الالتزامات التي قطعت لمختلف المستفيدين من ميزانية الاتحاد".