ضربت مدينة هيوستن في ولاية تكساس الأمريكية عاصفة غير مسبوقة وصفها مسؤولون في الولاية بأنها أكبر عاصفة في تاريخها.

وقد وصل معدل هطول الأمطار في المدينة في أعقاب إعصار هارفي إلى نحو 75 سنتمتراً من الأمطار، ما حول شوارعها إلى ما يشبه الأنهار في تدفق المياه فيها.

وتشير التقديرات إلى أن الأمطار التي هطلت في هيوستن خلال أسبوع عادلت ما يهطل فيها من أمطار خلال عام كامل. وقد لقي خمسة أشخاص مصرعهم جراء الإعصار، فيما انتشلت الطائرات المروحية بعض الضحايا من على أسطح المنازل.

وقد استُنزفت خدمات الإنقاذ بسبب استمرار هطول الأمطار، ما دفع الكثيرين للاعتماد على أنفسهم من أجل النجاة.

وقد أُخليت كافة المستشفيات وانقطع التيار الكهربائي في آلاف البيوت، كما أُغلق العديد من المدارس، والمطاران الرئيسيان في المدينة بعد أن غمرت مياه الأمطار مدرجاتهما.

وكان إعصار هارفي صُنّف مساء يوم الجمعة الماضي في الفئة الرابعة على سلم الأعاصير، وخفضت درجته لاحقاً ليصنف كعاصفة استوائية.

وقد أنقذ ما يصل إلى ألفي شخص في محيط وداخل هيوستن، التي تعد رابع أكبر مدينة في الولايات المتحدة.

كما تم إجلاء منزل لرعاية المسنين في منطقة ديكينسون، على بعد نحو 50 كم جنوب شرق هيوستن، باستخدام طائرة مروحية، بعد أن انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي صورة لعدد من السيدات المسنات، يجلسن في صالة وقد غمرت المياه أجسامهن حتى منطقة الخصر.

وتقول دائرة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية إن هذه الظروف "غير مسبوقة". وقد أعلنت حالة "طوارئ الفيضانات" في جميع أنحاء هيوستن، خاصة وأن التنقل في المدينة بات شبه مستحيل.

ثلاثة أشخاص في سيارة يحاولون عبور الشوارع الغارقة في مياه الفيضانات
Reuters
بدت الحاجة إلى خدمات الإنقاذ أكبر من قدرة كوادرها وحاول بعض الأهالي الاعتماد على انفسهم في الخروج منها

مدينة في أزمة

جيمس كوك - بي بي سي نيوز

غمرت مياه الفيضان مقاطعات كاملة وأغلقت المحال التجارية والطرقات المؤدية إلى المدينة وحتى مطاراتها، كل هذا يجعل من الوصول اليها والتنقل فيها أمراً مستحيلاً.

وأخليت مستشفيات بكاملها، وبدأ مهندسون متخصصون بفتح بوابات المياه في بعض السدود في المدينة لتقليل منسوب المياه في خزاناتها، وحذروا العائلات التي تعيش بجانب أحد السدود لأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة فيضانات قالوا إنها ستحدث في غضون ساعات.

وكان بعض سكان المنطقة انتقدوا الاستعدادات التي اتُخذت لمواجهة هذه العاصفة التي زادت حدتها بسرعة كبيرة في خليج المكسيك الأسبوع الماضي.

وغضب سكان حي واحد على الأقل جراء التوجيهات التي أعطيت لهم بالبقاء في منازلهم، لكنهم فوجئوا مع هبوط الليل بالمياه تدخل منازلهم ويرتفع منسوبها بسرعة كبيرة، لدرجة أعاقتهم عن الخروج.

رسم تحليلي لكمية الأمطار المتوقعة في المناطق التي ضربها الإعصار
BBC

هل هنالك ما يشير إلى بدء انحسار الفيضانات؟

لا يبدو أن الفيضانات ستنحسر خاصة مع استمرار العواصف التي تضرب جنوب شرق ولاية تكساس، وارتفاع منسوب مياه الأنهار التي تتسبب بسيل يتوجه إلى هيوستن.

وقال عمدة هيوستن سيلفستر تيرنر للسكان: "لا تخرجوا إلى الطرقات، ولا تفترضوا أن هذه العاصفة قد انتهت".

وقد صدرت تعليمات لعشرات الآلاف من السكان بمغادرة أجزاء من مقاطعة "فورت بيند" الواقعة على بعد 55 كيلومتراً جنوب غرب هيوستن، إذ من المتوقع أن تصلها الفيضانات هذا الأسبوع. لكن السلطات في هيوستن لم تصدر أمراً بإجلاء السكان.

لماذا لم تصدر السلطات أمراً بإجلاء كل السكان ؟

دافع العمدة تيرنر يوم الأحد عن القرار بعدم تنفيذ خطط إجلاء أكثر من مليوني شخص واصفاً إياها بـ"الجنونية".

واستشهد تيرنر بالفوضى العارمة التي شهدتها هيوستن عندما تم إجلاء السكان من قبل في إعصار ريتا في سبتمبر / أيلول عام 2005. وظل الناس حينها عالقين لأكثر من عشرين ساعة على طريق مكتظ، ما أدى إلى مصرع العشرات.

لكن إعصار ريتا، الذي كان من المتوقع أن يصل إلى هيوستن، مرّ إلى الجهة الشرقية من المدينة.

وأشار مراقبون أيضاً إلى الإجلاء الكارثي الذي تم قبل إعصار كاترينا، الذي ضرب مدينة نيو أورليانز في آب / أغسطس من ذلك العام، وقد أمضى آلاف الأشخاص أياماً ضمن ظروف مزرية في ملعب المدينة حيث عانوا أيضاً من شح المياه.

عناصر الإنقاذ يحملون امرأة لينقذوها من الفيضانات
EPA
ارتفع منسوب مياه الأمطار ليغمر بيوت المدينة

ما هي العواقب الاقتصادية؟

يعد ساحل خليج تكساس المركز الرئيسي لصناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة، وقد توقف بعض أكبر مصافي تكرير النفط في البلاد عن العمل.

وقد أثار ذلك مخاوف بشأن نقص الوقود وارتفاع الأسعار في محطات المحروقات. ويجري حالياً تقييم حجم الأضرار الاقتصادية التي تسبب بها الإعصار هارفي، على نطاق واسع.

ونقلت وكالة أنباء رويترز عن خبراء في مجال التأمين قولهم إن حجم الدمار الذي خلفه هارفي قد يساوي حجم الدمار الذي خلفه الإعصار كاترينا في عام 2005، والذي يعد أكثر الكوارث الطبيعية كلفةً في تاريخ الولايات المتحدة.

وقد وصلت كلفة الأضرار جراء الفيضانات التي تسبب بها الإعصار كاترينا في ولايتي لويزيانا وميسيسيبي، لنحو 15 مليار دولار أمريكي.