إيلاف من الجزائر: يلتقي الرئيس الجزائري الأربعاء طاقم حكومة الوزير الأول أحمد أويحيى في اجتماع مجلس الوزراء الذي يخصص لعرض مخطط عمل الحكومة وبعض مشاريع القوانين المنتظر عرضها على البرلمان الذي هاجم رئيسا غرفتيه المعارضة الداعية إلى تطبيق المادة 102 من الدستور بسبب وضع بوتفليقة الصحي.

وافتتح البرلمان الجزائري الاثنين دورته الخريفية التي ستعرف مناقشة عدة مشاريع قوانين أبرزها مخطط عمل حكومة أحمد أويحيى الجديدة ومشروع قانون المالية 2018 الذي ينتظر ان يراعي تراجع مداخيل البلاد المالية بسبب تواصل تراجع سعر برميل النفط الذي يعتمد عليه الاقتصاد الجزائري بأكثر من 90 بالمائة.

مخطط

وقال أويحيى للصحافة إن اجتماع مجلس الوزراء الذي يعقد الأربعاء سيكون برئاسة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وأضاف أن من بين النقاط المدرجة في اجتماع مجلس الوزراء مناقشة والمصادقة على مخطط عمل الحكومة الذي "سيتم عرضه أمام أعضاء المجلس الشعبي الوطني في غضون ما يقارب عشرة أيام، حيث سيتم إرسال المخطط إلى المجلس في نهاية هذا الأسبوع" في حالة المصادقة عليه من طرف مجلس الوزراء ليتسنى للنواب دراسته.

ولمواجهة الأزمة المالية التي قد تعصف بالبلاد، أعلن أويحيى عن التحضير لمشروع قانون يعدل قانون النقد والقرض الحالي بهدف فتح الباب أمام مصادر التمويل غير التقليدية المحلية في الاقتصاد الجزائري 

وأوضح أنه "سيتم عرض مشروع هذا القانون أمام مجلس الوزراء وسيتم الكشف عن حيثياته في غضون الأسبوع المقبل".

ويعول الوزير الأول على مساهمة هذا القانون في تمويل الاقتصاد الوطني من المصادر غير التقليدية المحلية .

غير أن الكاتب الصحافي امين لونيسي لا يتوقع أن يحدث برنامج عمل حكومة أويحيى تحولا اقتصاديا لافتا في الجزائر، بالنظر إلى أن " البلاد مرتهنة للنفط في دعم مداخيل الخزينة العمومية، ولم تتخلص بعد من التبعية له".

وقال لونيسي لـ"إيلاف" إن "أي مخطط عمل في الوقت الراهن لن يكون بإمكانه امتصاص صدمة الإجراءات التقشفية ومضمون قانون المالية لـ2018، لذلك تحاول الحكومة اليوم امتصاص صدمات السخط الشعبي باستعجال قانون النقد والقرض"

انزعاج

يشكل اجتماع مجلس الوزراء فرصة للرئيس بوتفليقة للظهور إعلاميا بعد أن صار ذلك نادرا منذ إصابته بنوبة أفقارية ربيع 2013، والتي كانت السبب وراء وضعه الصحي الحالي الذي حال دون قيامه بنشاطاته التي اعتاد القيام بها قبل هذه النوبة.

وتطرح المعارضة الجزائرية في كل مرة صحة الرئيس بوتفليقة كموضوع يجب النظر فيه من قبل المجلس الدستوري عبر تفعيل المادة 102.

وتنص المادة 102 أنه "إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع.‬ يُعلِن البرلمان، المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا، ثبوت المانع لرئيس الجمهوريّة بأغلبيّة ثلثي (2/3) ‬أعضائه، ويكلّف بتولّي رئاسة الدّولة بالنّيابة مدّة أقصاها خمسة وأربعون (45) يوما رئيس مجلس الأمّة الّذي يمارس صلاحيّاته مع مراعاة أحكام المادّة ‬104 ‬من الدّستور".‬

وتقول المادة ذاتها أنه "وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء خمسة وأربعين (45) يوما، يُعلَن الشّغور بالاستقالة وجوبا حسب الإجراء المنصوص عليه في الفقرتين السّابقتين وطبقا لأحكام الفقرات الآتية من هذه المادّة".‬

لكن الحديث عن هذا الموضوع أزعج رئيس المجلس الشعبي الوطني السعيد بوحجة المنتمي لحزب جبهة التحرير الوطني الذي يرأسه الرئيس بوتفليقة.

وقال بوحجة في افتتاح الدورة البرلمانية "إن الأصوات التي تصدر الأحكام الخاطئة وتتجاوز حدود الأخلاقيات السياسية، وتحاول يائسة التشكيك في مؤسسات الدولة وضرب مصداقيتها، إنما تتجاهل عمدا ولغايات مشبوهة، المنطق الدستوري". 

وبحسب بوحجة، فإن الهدف الواضح لهذه الأصوات هو "إضعاف المؤسسات الدستورية والعودة بالبلاد إلى الوراء، بكل ما يعنيه ذلك من مغامرة في المجهول". 

وأكد بوحجة أن "الجزائر ماضية بثبات ورصانة في مواصلة مسارها الإصلاحي والتنموي بقيادة رئيس الجمهورية المجاهد عبد العزيز بوتفليقة الذي يجسد وحدة الأمة، ويسهر على تنفيذ برنامجه الطموح لتحقيق ما يصبو إليه الشعب الجزائري من أمن واستقرار وتطور وازدهار". 

وأشار بوحجة إلى أن رئيس الجمهورية "منتخب شرعيا من الشعب الجزائري في انتخابات شفافة وديمقراطية وهو الضامن للدستور وهو خط الأمان وأساس الاستقرار".

وأوضح أمين لونيسي أن هذه القضية ليست بالموضوع الجديد في النقاش السياسي الجزائري.

ولفت في حديثه مع "إيلاف" إلى أن "القضية طرحت في أكثر من مناسبة لكن اللافت هذه المرة ترسانة الردود من الموالاة التي أرادت توجيه رسائل واضحة بكون لا وجود لترتيب انتخابات رئاسية مسبقة، مثلما فعل الرئيس السابق اليمين زروال في 1998 .

وأشار إلى أن " الأطراف ذاتها التي أخرجت بن صالح وبوحجة عن صمتهما أخرجت أيضا المؤسسة العسكرية عن صمتها التي أكدت تمسك الجيش بحدوده الدستورية، مع تزايد الضغوط لإجراء الانتخابات الرئاسية في 2018 وليس في 2019 كما هو مقرر".

نغمة مستهلكة

على المنهج نفسه، سار رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الذي وجه انتقادات لاذعة للمطالبين بتفعيل المادة 102 من الدستور.

وقال " تصاعدت في الآونة الأخيرة، في الداخل للأسف، بعض الأصوات النشاز التي راحت تطالب في خطاباتها بتفعيل أحكام محددة من الدستور لكنها ترمي في الواقع للترويج لتأويلات خاطئة صادرة عن أمزجة أصحابها، أفكارهم نابعة من رغبات ذاتية غير بريئة". 

ووصف بن صالح مطالب المعارضة بـ" النغمة المستهلكة"،وقال إن عودتها في " التعاطي السياسي والمنطلقة من قراءات وتحاليل مغالطة للحقيقة وغير دقيقة تخل أساسا بمصداقية الأداء السياسي لأصحابها و تفتقد إلى النزاهة و تتعارض مع الفهم الصحيح لمضمون الدستور وتتنافى مع المسار الديمقراطي التعددي الهادف إلى ترسيخ النظام الجمهوري وتثبيت شرعية المؤسسات، يجعل من تلك الخرجات نشازا غير منطقي و غيرمقبول قانونيا و مرفوض أخلاقيا". 

وأكد رئيس مجلس الأمة أن "شرعية رئاسة هرم الدولة فقد تم الحسم فيها في انتخاباتها الرئاسية لسنة 2014". 

وبحسب بن صالح، فإن"رئيس الجمهورية بخير وهو يمارس صلاحيته الدستورية عاديا، و المطلوب في هذا الظرف الالتفاف حوله للدفاع عن الشرعية الدستورية وتثبيت الوحدة الوطنية وتعزيز البناء المؤسساتي و تقوية أركانه والانصراف نحو معالجة المشاكل الحقيقية للبلاد و المتمثلة في تحقيق التنمية الاقتصادية ومواجهة التحديات الأمنية والاهتمام بقضايا المواطن الاجتماعية الأساسية".