عبد الحفيظ سجال من الجزائر: أثارت موافقة وزيرة التربية نورية بن غبريت على حذف البسملة من الكتاب المدرسي موجة اسهتجان واسعة ضدها في الجزائر، زاد من التهم التي توجه لها في كل مرة بتنفيذ برنامج يسعى إلى تغريب المدرسة الجزائرية وسلخها من هويتها العربية والإسلامية.

 ولم وأكدت نورية بن غبريت في إجابتها على أسئلة الصحافيين أنها لم تمانع إقدام بعض دور النشر المكلفة بطباعة الكتاب المدرسي بحذف البسملة منه، على عكس ما كان جاريا في السنوات الماضية.

استثناء

وقالت الوزيرة إن وجود البسملة إجباري فقط في كتاب التربية الإسلامية، غير أنه ليس إلزاميا في باقي الكتب المدرسية.

 وأضافت أن وجود البسملة في كتب المواد التعليمية الأخرى يبقى ضمن حرية الناشر المكلف بطبع كتاب معين، فله الحق أن يبقي البسملة أو يحذفها دون تدخل من وزارة التربية.

وتعرف السنة الدراسية الجديدة في الجزائر التي انطلقت الأربعاء إدخال تغييرات على مناهج الطور الثاني من التعليم (الثالثة والرابعة ابتدائي والثانية والثالثة متوسط)، بالإضافة إلى توفير 70 مليون كتاب من بينها 40 مليون كتاب جديد.

ومنذ بداية تطبيقات إصلاحات الجيل الثاني في قطاع التربية التي انطلقت السنة الماضية، وجهت للوزيرة نورية بن غبريت اتهامات قاسية تتلخص في إدخال برامج تهدف إلى النيل من الهوية الوطنية ومحاولة تغريب سلك التعليم بإدخال برامج فرنسية بحتة.

وتستقبل المدرسة الجزائرية هذا الموسم 4373222 تلميذ في الابتدائي و 2820172 في الطور المتوسط،و1222687 تلميذ في الثانوي.

وأعلنت الوزيرة أن الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية وضع تحت تصرف التلاميذ 30 كتابا مدرسيا جديدا و 6 كراريس للتمارين تخص الطورين الثاني من التعليم الابتدائي والمتوسط (السنتان الثالثة والرابعة ابتدائي والثانية والثالثة متوسط)، وذلك استكمالا لما تسميه "التحسينات" في المناهج التربوية التي انطلقت السنة الماضية.

ولم تخف الوزيرة "رفض لجنة المطابقة والمتابعة للكتب المدرسية اعتماد سبعة كتب جديدة كانت موجهة لتدريس تلاميذ الطور الثاني من التعليم المتوسط (السنتان الثانية والثالثة متوسط) كونها لم تكن في المستوى المنتظر".

وقالت إنه من بين الأسباب التي استندت إليها اللجنة هو أن "محتوى بعض هذه الكتب أعلى من مستوى التلاميذ وأخرى أقل منه، مما تطلب عدم إدراجها هذه السنة، وتم تحيين الكتب القديمة للتدريس بها هذه السنة".

وأشارت بن غبريت إلى أن عملية تقييم ومراجعة الكتب الجديدة "تستغرق ما بين خمسة وثمانية أشهر، كما تتطلب مراجعتها تجنيد 15 متدخلا في كل مادة، علما أن الإطارات المعنية بمراجعة الكتب يتم اختيارهم على أساس الكفاءة في مهنة التدريس في قطاعي التربية والتعليم العالي".

لكن الرافضين لعمل الوزيرة يقولون إن عملية اختيار اللجنة المكلفة بإعداد الكتب المدرسية تتم في غالب الأحيان حسب الإيديولوجيات التي ينتمون إليها، والتي يفضل فيها من تتطابق آراءهم مع فكر الوزيرة العلماني ذي التوجه الفرانكفوني.

اعتداء

وفي رد فعل لها، استهجنت جمعية العلماء المسلمين موافقة وزارة التربية على حذف البسملة من الكتب المدرسية، واعتبرته اعتداء على حقوق الطفل الجزائري.

وقال رئيس الجمعية عبد الرزاق قسوم في تصريح مكتوب لـ"إيلاف" "لقد آلمتنا قضية حذف البسملة من كتبنا المدرسية، وخاصة كتب المرحلة الابتدائية، باسم ما يسمى بالإصلاح، وحيث إن البسملة جزء من هويتنا، ومن عقيدتنا، فإن حذفها يمثل اعتداء على عقول أطفالنا، ومساساً بشخصيتنا وهويتنا".

وذكر قسوم أن "الدستور وهو المرجعية العليا للبلاد يبدأ بالبسملة، ويؤكد على ثوابت الأمّة، وبيان أول نوفمبر، وهو المرجعية الثورية العليا، لسيادتنا، يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم، ويؤكد على ثوابت وهوية الوطن، وخطابات رئيس الجمهورية تبدأ بالبسملة، وتؤكد على المرجعية الدينية، وآخرها خطابه بمناسبة إحياء ذكرى استرجاع الاستقلال، والعيد الوطني للشباب".

وأضاف أن "كل المؤلفات المدرسية منذ أربعة عشر قرناً، على اختلاف تخصصاتها، تبدأ بالبسملة، وفي ضوء هذا تطرح في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين،أسئلة مثل هل تمت استشارة وزارة الشؤون الدينية، والمجلس الإسلامي الأعلى، وجمعية العلماء، في حذف البسملة؟ ولماذا التركيز على أطفالنا في الابتدائي ومحاولة تنشئتهم، على قيم لائكية غير دينية، وهو ما يعمل على إفساد ما تبنيه لديهم الأسرة من قيم وأخلاق؟

وأردف متسائلا" ما هو الهدف من حذف البسملة الآن، وأية أجندة يخدمها مثل هذا الإجراء؟ وهل ينقص البلاد - مشاكل - حتى نظيف إليها مشاكل أخرى، ونشغلها بمثل هذه القضايا؟ وهل من الإصلاح حذف البسملة، وفي المرحلة الابتدائية؟"
وقال قسوم "لذا فإننا نندد بمثل هذا الإجراء، ونعده عدواناً على عقول أطفالنا، وعلى هوية شعبنا".