قبيل أيام من استفتاء إقليم كردستان العراق حول الانفصال بدولة مستقلة وصل الأمين العام للجامعة العربية إلى بغداد اليوم للتوسط مع أربيل من أجل تأجيل الاستفتاء، في وقت أعلنت الأحزاب التركمانية العراقية أنها لن تعترف بنتائج استفتاء الانفصال الذي يعتزم الإقليم الكردي إجراءه في 25 من الشهر الجاري.

إيلاف من بغداد: قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إنه استقبل، اليوم، الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط والوفد المرافق له، مبيّنًا أن "الجانبين بحثا تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في العراق والمنطقة، ومحاربة الإرهاب، والانتصارات المتحققة على عصابات داعش الإرهابية".

وبارك أبو الغيط، بحسب البيان، الذي وصلت نسخة منه إلى "إيلاف" الانتصارات التي حققتها القوات العراقية على عصابات داعش الإرهابية، مجددًا "حرص الجامعة العربية على وحدة العراق وعدم إثارة أية إشكالات تزعزع أمنه واستقراره ووحدته، والتركيز على استكمال تحرير أراضيه واعتماد مبدأ الحوار والالتزام بالدستور العراقي لحل أية إشكالات".

وكان الأمين العام ل‍جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط وصل في وقت سابق من اليوم السبت، إلى بغداد، في زيارة رسمية تشمل أربيل أيضًا.

أبو الغيط في أربيل
فور انتهائه من الاجتماع في بغداد مع رئيس الوزراء حيدر العبادي بشأن ردم الهوة وإيجاد حل لمسألة الاستفتاء على الاستقلال الذي يعتزم إقليم كردستان إجراءه توجّه أبو الغيط إلى أربيل لثني القادة الكرد عن إجراء الاستفتاء والدفع باتجاه تأجيله.&كان في استقبال أبو الغيط في مطار أربيل وزير داخلية إقليم كردستان كريم سنجاري ورئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين.

البارزاني مستقبلًا أبو الغيط

وعقد أبو الغيط والوفد المرافق له اجتماع مع رئيس إقليم كرسدتان مسعود البارزاني وأعضاء مجلس الاستفتاء، في مقدمهم وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري والنائب في البرلمان العراقي فيان دخيل والقيادي الكردي سعدي بيرة، وسبق أن أرسل أبوالغيط رسالة إلى بارزاني يطالبه فيها بتأجيل الاستفتاء. ويلعب أبو الغيط دور الوسيط بين بغداد وأربيل لنزع فتيل الخلافات.&

ونقل عن الوزير المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية محمود عفيفي قوله إن "الزيارة تأتي ضمن الجهد الدبلوماسي الذي يضطلع به الأمين العام في إطار اضطلاعه بمسؤولياته من أجل الحفاظ على وحدة أراضي دولة عضو في الجامعة مما يتهددها من أخطار".

وأوضح عفيفي &أن "أبو الغيط يهدف، خلال زيارته، إلى دعم فرص استئناف الحوار المفقود بين بغداد وأربيل لتجاوز عقبة الاستفتاء الذي أعلن إقليم كردستان العراق اعتزامه تنظيمه في 25 سبتمبر الحالي".

وأشار إلى أن أبو الغيط "سيناقش الوضع المتوتر مع إقليم كردستان العراق على خلفية الاستفتاء المزمع تنظيمه هناك حول الانفصال عن الدولة العراقية".&ولفت أيضًا إلى أن "أبو الغيط يعتبر أن الاصطفاف الوطني يعد أمرًا ذا أهمية كبيرة، خصوصًا في مرحلة ما بعد القضاء على داعش، وما تفرضه من تحديات سياسية وتنموية ضخمة، كما يعتبر أن تعزيز وتكريس مفهوم المواطنة ينبغي أن يكون جامعًا لكل العراقيين، باختلاف طوائفهم وانتماءاتهم السياسية والدينية والعرقية، في ظل عراق فيدرالي تعددي ديمقراطي واحد".

وبيّن أن "أبو الغيط سيتوجّه عقب ذلك إلى أربيل للقاء رئيس الإقليم مسعود البارزاني وطرح رؤيته التي ترتكز إلى أهمية استئناف حوار سياسي ناضج وبناء بين بغداد وأربيل في كل الأمور مع استعداد الجامعة للعب دور في هذا الشأن، مع ضرورة التحلي بذهنية الحلول الوسط والمقاربة الهادئة، خاصة في هذه المرحلة الدقيقة، التي يحتاج فيها الوطن العراقي جميع مكوناته، ومعتبرًا أن تنظيم الاستفتاء المزمع لن يزيد الوضع إلا تعقيدًا".

القرار للشعب

وفيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أحمد أبو الغيط، السبت، رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إلى تأجيل الإستفتاء وإجراء الحوار مع بغداد برعاية دولية، فإن البارزاني رفض طلب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، بتأجيل الاستفتاء، كما رفض إجراء الحوار مع بغداد بالصدد نفسه إلا بعد إجراء الاستفتاء.

وقالت رئاسة إقليم كردستان في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه إن "رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني إستقبل الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط"، مبيّنة أن "أبو الغيط أشاد بدور وانتصارات البيشمركة في دحر داعش وتحرير الموصل فضلًا عن الموقع المهم لإقليم كردستان بالنسبة إلى الجامعة العربية".

أضافت الرئاسة أن "أبو الغيط أعرب عن قلقه للبارزاني بشأن إجراء الإستفتاء"، مشيرة إلى أنه "دعاه إلى تأجيل الإستفتاء وإجراء الحوار بين الإقليم وبغداد برعاية دولية".

من جهته، أكد البارزاني أن "قرار اجراء الإستفتاء ليس شخصيًا لكي يتم تأجيله بسهولة"، موضحًا أن "قرار الاستفتاء هو قرار شعب كردستان والقوى السياسية في الإقليم".

جندياني : لماذا يريدون خرق السفينة وإغراقها؟
ودعا القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني آزاد جندياني، السبت، الأطراف والشخصيات السياسية في إقليم كردستان الرافضة لإجراء الاستفتاء إلى إيضاح موقفها أمام الرأي العام.

وقال جندياني خلال ندوة عقدت اليوم بشأن الاستفتاء في ناحية "ميركه سور" التابعة لقضاء سوران في أربيل عاصمة كردستان، "لا نعرف بالضبط ما مصلحة أولئك الذين يخوّفون الكرد من الاستفتاء والاستقلال".

وتساءل بالقول: "لماذا يريدون خرق السفينة وإغراقها؟، ومن المستفيد من ذلك"، ماضيًا إلى القول إن "الانتخابات في كردستان ستجري شهر 11 من العام الجاري، ويستطيع هؤلاء أن يتنافسوا ويصوّتوا لمن يريدون".&أضاف إن "أولئك الذين يقفون ضد استفتاء إقليم كردستان، مبرراتهم منمقة وجيدة، وتلاقي قبولًا لدى بعض الناس، ولكنها كلمة حق يُراد بها باطل".

وشدد رئيس التحالف الوطني عمّار الحكيم ، اليوم، على "الحفاظ على وحدة العراق والتمسك بها، حيث نامل خيرًا في إخوتنا من القيادات الكردية عبر اتخاذ خطوات صحيحة تقوّي كردستان وتقوّي العراق، فإننا نريد العزة والكرامة والقوة لإقليم كردستان، فقوة كردستان قوة للعراق، وعزتها عزة للعراق، وتماسكها يكون بتماسك العراق".

الحزب الديمقراطي: سنطلب من أبوالغيط ضمانات مقابل تأجيل الاستفتاء
وأعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، أنه سيطلب من الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ضمانات عربية ودولية مقابل تأجيل الاستفتاء في الإقليم.

وقالت عضو البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني نجيبة نجيب، السبت، إن "حزبها سيطلب من الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط تقديم ضمانات عربية ودولية مقابل تأجيل الاستفتاء". وأوضحت نجيب أن "إجراء الاستفتاء لا يعني الانفصال عن العراق، بقدر ما هو معرفة آراء شعب كردستان بالبقاء ضمن العراق، أو إعلان الانفصال عنه".

أضافت إن "النتائج إذا كانت مع إعلان الدولة الكردية، فإننا سنعود إلى بغداد من أجل الحوار معها، وسنعمل على استحصال موافقة المجتمع الدولي"، مشيرة إلى أن "عملية تأجيل الاستفتاء أو إلغائه تحتاج تطمينات من قبل الأطراف التي تعمل على ذلك، من أجل ضمان حقوق الشعب الكردي، بعيدًا عن سياسة الإقصاء والتهميش التي نتعرّض لها طوال السنوات الماضية".

وشددت على أن "رئاسة الإقليم ماضية في إجراء الاستفتاء، ولن تلتفت إلى الضغوط التي تمارس عليها من قبل بغداد ودول الجوار وغيرها"، معتبرة أن "الاستفتاء حق كفلته المواثيق والأعراف الدولية في تحقيق مصير الشعوب". وخلصت إلى القول إنه "إذا أراد موضوع تأجيل الاستفتاء، فعليه توفير ضمانات عربية ودولية".

الأحزاب التركمانية: لا نعترف بنتائج الاستفتاء
على صعيد متصل، أجمعت الأحزاب والكتل السياسية التركمانية العراقية اليوم السبت على رفضها إجراء الاستفتاء في كردستان وكركوك بشكل خاص، وأكدت أن التركمان سيقاطعون الاستفتاء، ولن يعترفوا بنتائجه قطعًا.

إرجاء استفتاء كردستان سبب الزيسارة الرئيس

وقال النائب في البرلمان العراقي الاتحادي حسن توران نائب رئيس الجبهة التركمانية، للصحافيين، عقب اجتماع لممثلي الأحزاب التركمانية في العراق، إن "ممثلي التركمان وأحزابهم في كركوك قرروا مقاطعة الاستفتاء وعدم الاعتراف بنتائجه لكونه غير شرعي". وأضاف أن "جميع ممثلي التركمان بأحزابهم وتنوّعهم أكدوا موقفًا واحدًا، هو رفضهم إجراء الاستفتاء".

وأعلن رئيس الجبهة التركمانية العراقية النائب أرشد الصالحي، للصحافيين، في مقر الجبهة في وسط كركوك "رفض التركمان القاطع للاستفتاء والتمسك بوحدة العراق".

وذكر الصالحي أن "ممثلي الجبهة التركمانية العراقية و أحزاب تركمن إيلي والعدالة التركماني العراقي والقرار التركماني والحق التركماني، وحركة الوفاء التركمانية والاتحاد الإسلامي لتركمان العراق وتجمع القوميين التركمان، أكدوا جميعًا رفضهم إجراء الاستفتاء في 25 سبتمبر الجاري لكونه يخالف الدستور العراقي".

جاء ذلك في مؤتمر صحافي في مدينة كركوك مركز المحافظة، التي تحمل نفس الاسم (شمال)، عقده القيادي في الجبهة التركمانية العراقية سامي عبد العزيز البياتي، ومجموعة من قادة أحزاب تركمانية عدة، بينها حزب "تركمن إيلي"، وحزب "التركمان الإقليمي"، وحزب "حقوق التركمان العراقيين".

وقال القيادي في الجبهة التي تعد الممثل الرئيس للتركمان في البلاد إن "الأحزاب التركمانية تعلن رفضها لإجراء الاستفتاء لكونه يخالف الدستور". وأوضح "لن نعترف بنتائج الاستفتاء، ولن نتعامل مع معطياته، وسنعتبره كأنه لم يكن". ولفت إلى أن تقرير مصير كركوك لن يتم إلا بالتوافق والحوار بين مكوناتها، وأن فرض إرادة مكون واحد لن يُكتب له النجاح، وسيكون مصيره الفشل.

أضاف "الأحزاب التركمانية تعتبر قرار مجلس محافظة كركوك المتخذ في 29 أغسطس 2017 بغياب الأعضاء التركمان والعرب، لإقحام كركوك في الاستفتاء، خطوة أحادية تفتقد الغطاء الشرعي والقانوني، وتنسف الشراكة والتوافق في كركوك، وهي محاولة لفرض أمر واقع لا تقبل به الأحزاب التركمانية".

البياتي للأحزاب الإسلامية: أليس عارًا أن يقسّم العراق في زمانكم
وهاجم مسؤول منظمة بدر فرع الشمال القيادي التركماني محمد البياتي الأحزاب الإسلامية، لافتًا إلى تصريحات ومواقف رئيس إقليم كرستان مسعود البارزاني حول تقسيم العراق. وقال إن "هذا العراق، حتى النظام المقبور ورئيسه صدام حسين، حافظ على وحدته، حتى سقوط دولته، فمن المعيب جدًا ان نرى هذا العراق العظيم ينهال عليه المفسدون، ونراه يتقسم أمام أعين الجميع، وهم ساكتون".

أضاف "أيتها الأحزاب الاسلامية يا من تدّعون أنكم تطبّقون الشريعة الإسلامية دون غيركم، هل سمعتم تصريح مسعود البرزاني الأخير، يريد تقسيم العراق، وهذا العراق حتى (صدام حسين) حافظ على وحدته لحد سقوط دولته، أليس عارًا أن ينقسم العراق في زمانكم".

المالكي: نحن على أعتاب مرحلة جديدة
من جهته قال نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي، إن "العراق اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، وهي مرحلة الانتخابات والتأسيس لمرحلة سياسية جديدة".

وذكر المكتب الإعلامي لنائب رئيس الجمهورية، في بيان تلقت "ايلاف" نسخة منه، أن المالكي وخلال استقباله عددًا من أساتذة الجامعات العراقية أكد على أن "الجامعي والأكاديمي هو صانع المستقبل وبمثابة الصبغة الحضارية والوجه المشرق للعراق".

وشدد المالكي على ضرورة العمل على رعاية أساتذة الجامعات، وتوفير كل ألوان الدعم المطلوب لهذه الشريحة المهمة، التي من خلالها يتحقق التقدم في مختلف مجالات الحياة، بحسب تعبيره.

ودعا من جهة أخرى، إلى الابتعاد عن المناكفات والمزايدات السياسية التي تسببت بعرقلة الكثير من المشاريع الخدمية المتعلقة بقطاع التعليم، والتي جميعها انعكست سلبًا على المجتمع، مضيفًا "ما لم يصحّح النظام السياسي لن يحصل التغيير الحقيقي"، بحسب وصفه.

وأكد نائب رئيس الجمهورية أن "العراق اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، وهي مرحلة الانتخابات والتأسيس لمرحلة سياسية جديدة كيون من سماتها تحقيق الغالبية السياسية القادرة على دعم الحكومة واتخاذ القرارات المناسبة".

والاستفتاء، المزمع إجراؤه، في 25 سبتمبر الجاري، غير مُلزم، ويتمحور حول استطلاع رأي سكان المحافظات الثلاث في الإقليم الكردي، وهي أربيل والسليمانية ودهوك، ومناطق أخرى متنازع عليها، بشأن إن كانوا يرغبون في الانفصال عن العراق أم لا كمحافظة كركوك وبعض مناطق ديالى.

ويعارض التركمان والعرب إجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها بين بغداد والإقليم، وعلى رأسها كركوك. كما يثير الاستفتاء مخاوف إقليمية ودولية من فتح باب جديد للخلافات في العراق، مما قد ينعكس سلبًا على الحرب ضد تنظيم داعش.

وترفض الحكومة العراقية الاستفتاء، وتقول إنه لا يتوافق مع دستور العراق، الذي أقر في 2005، ولا يصب في مصلحة الأكراد سياسيًا ولا اقتصاديًا ولا قوميًا. كما ترفض تركيا إجراء هذا الاستفتاء، وتقول إن الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية مرتبط بإرساء الأمن والسلام والرخاء في المنطقة.&وأعربت الولايات المتحدة في أكثر من مناسبة عن قلقها من الاستفتاء، معتبرةً أنه سيشكل انحرافًا عن الأولويات العاجلة، مثل هزيمة داعش وتحقيق استقرار البلاد.&