فيما رفرفت أعلام كردية وإسرائيلية في تظاهرة في جنيف نظّمت دعمًا لاستفتاء إقليم كردستان، فقد طمأن بارزاني العراقيين بشأنه، فيما أكد عرب محافظة كركوك رفضهم إياه.

إيلاف: وجّه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني اليوم الأحد رسالة طمأنة إلى العراقيين حول الاستفتاء، متهمًا الحكومات المركزية المتعاقبة بالظلم وإرغام الأكراد على التوجّه نحو الانفصال. وقال إن شعب كردستان لديه تجربة قرن من الزمن مليئة بالمحن مع تلك الحكومات.

وفي نص الرسالة الذي إطلعت عليه "إيلاف"، أضاف بارزاني "إن إقليم كردستان مر بتجربة مكتظة بالمآسي والمشاكل مع الحكومات العراقية المتعاقبة على مدى مئة عام مضت، ‏وفي تلك الأعوام المئة العصيبة لم نلحظ أي ترجمة حقيقية لمبدأ الشراكة، وقد تعرّض شعب كردستان لحملات الأنفال والقصف بالأسلحة الكيميائية. ‏وبناء عليه، وبهدف تحقيق السلام التام والإبتعاد عن الحروب والمشاكل، قرر شعب كردستان إجراء عملية الإستفتاء، ليقرر من خلالها مصيره، ولينحو صوب الإستقلال".

وأشار إلى أن هذا القرار الذي اتخذه شعب كردستان وخطوته نحو الإستقلال ليس إلا حقًا طبيعيًا وعادلًا لهذا الشعب، ولا يتنافى هذا الحق مع أي من المبادئ السماوية والإنسانية، كما إنّ ممارسة هذا الحق لا تعني أبدًا ‏معاداة لأي مكون قومي أو ديني من مكونات الشعب العراقي، حيث ‏ستتم إعادة بناء أسس قوية ‏لعلاقات تاريخية جديدة بين شعب كردستان والشعب العراقي، ويوضع حد لمن يريد أن يزرع الفتنة ويؤجّج الخلافات بين الشعبين .

وأوضح أن أي تصريح أو تصرف يمكن أن نتلمس منه معاداة لمبادئ التآخي والتعايش السلمي لا يمت بأية صلة إلى القيم العليا لشعبنا، وليست له أية علاقة بالسياسة العامة للإقليم، وهو بعيد كل البعد عن ثقافة التعايش والتسامح التي يتّسم بها شعب كردستان. 

وقال: "‏اليوم، وإذ يخطو شعبنا نحو الإستقلال، ‏نؤكد للجميع أننا لا يمكن أن نخلط بين التصرفات الإجرامية واللاإنسانية للأنظمة العراقية ضد شعب كردستان وبين روح الأخوة التي تربط شعب كردستان مع الشعب العراقي، ونؤكد أن عملية الإستفتاء لن تؤثر بشكل سلبي في إستمرارية روح وعلاقة الصداقة والأخوة بين شعب كردستان والشعب العراقي، بل إنها ستعمل على تعميق هذه العلاقة، وللعلم فإن الشعوب العراقية كانت دومًا ضحية للتصرفات الإجرامية للحكومات الدكتاتورية، وقد كنا دائمًا نناضل معًا في خندق واحد وجبهة واحدة ‏ ‏ضد الظلم والإستبداد".

ودعا مواطني كردستان ‏إلى "مراعاة القيم العليا لشعبنا وثقافة التآخي والتعايش السلمي التاريخي بين المكونات القومية والدينية أثناء تعبيرهم عن إرادتهم، وحين مطالبتهم بحقوقهم العادلة". كما طالب "أخواتنا وإخوتنا العراقيين أن يدركوا ويتفهموا جيدًا بأن شعب كردستان لم يكن بتاتًا سببًا في زعزعة وحدة العراق والشراكة والعيش المشترك، ‏بل إن الأنظمة المستبدة والحكومات العراقية المتعاقبة هي التي ساهمت في زرع سياسة الإنكار التي كانت سببًا رئيسًا في تخريب مبدأ الوحدة والتعايش والشراكة". ومن المنتظر أن تنظم سلطات إقليم كردستان في 25 من الشهر الحالي استفتاء حول الانفصال عن العراق وسط معارضة داخلية وخارجية واسعة.

عرب كركوك يرفضون الاستفتاء ويدعون إلى مقاطعته
هذا وأعلنت الأحزاب العربية في محافظة كركوك عن رفضها لاستفتاء إقليم كردستان على الانفصال، وعدّته البداية الحقيقية لتقسيم العراق.

وقال النائب عن عرب كركوك خالد المفرجي في مؤتمر صحافي اليوم في مدينة كركوك، وبثته الوكالة الوطنية العراقية من هناك، إن ممثلي الأحزاب العربية في محافظة كركوك، وهي للعراق متحدون وجبهة الحوار الوطني وحزب اتحاد القوى الوطنية وحزب الحل وحزب الحق والتجمع الجمهوري العراقي ونهضة جيل والمشروع العربي وحزب العمل وحزب الوفاء والهيئة الاستشارية العربية في كركوك لمنظمة بدر والتيار الصدري لكتلة الاحرار الصدرية وحزب الوفاق الوطني تؤكد رفضها استفتاء إقليم كردستان وشموله محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها، لكونه البداية الحقيقية لتقسيم العراق الموحد منذ آلاف السنين.. موضحًا أن الرفض جاء لعدم استناد الاستفتاء إلى أية مرجعية دستورية أو قانونية، ويعتبر قرار مجلس محافظة كركوك بضمها إلى الاستفتاء فاقدًا للشرعية لغياب ممثلي العرب والتركمان.

أضاف إن المرحلة التي نمر بها توجب على الجميع توحيد الجهود وتضافرها لاستكمال عمليات التحرير، وخاصة تحرير قضاء الحويجة التي هي جزء لا يتجزأ من محافظة كركوك، والتي بتحريرها سيعلن النصر النهائي على داعش الإرهابي، وقال إن أي تأخير لهذه العملية سنعتبره جزءًا من المؤامرة على كركوك، بل وعلى العراق.

وطالب المفرجي باسم الأحزاب العربية في كركوك الرئاسات الثلاث إلى الاضطلاع بواجباتها الدستورية للحفاظ على وحدة العراق وسلامته وسيادته واستقلاله.. داعيًا المواطنين العرب في كركوك إلى مقاطعة الاستفتاء وعدم المشاركة فيه. وشدد بالقول على "إننا لا نعترف بنتائجه، ولا نتعامل مع كل مخرجاته، ونعتبره عملًا حزبيًا لا يمت إلى الشرعية بصلة".. داعيًا الحكومة العراقية إلى تبني حوار حقيقي بين ممثلي مكونات كركوك لحل كل المشاكل العالقة، وهذا هو خيارنا الوحيد لحل قضية كركوك".

وكانت الأحزاب التركمانية قد أعلنت أمس خلال مؤتمر صحافي عقد في كركوك أيضًا رفضها إجراء الاستفتاء في كركوك.. فيما دعت التركمان إلى مقاطعته.. وأكدت استعدادها للجلوس على طاولة الحوار بخصوص الاستفتاء لغاية موعده، الذي يعتزم إقليم كردستان إجراءه في 25 من الشهر الحالي.

أعلام إسرائيلية وكردية في تظاهرة تأييد بجنيف
إلى ذلك، رفرفت الأعلام الإسرائيلية إلى جانب أعلام إقليم كردستان اليوم خلال تظاهرة لدعم استفتاء انفصال الإقليم عن العراق في جنيف. 

وأشارت وكالة السومرية نيوز العراقية إلى أن الحدث أُعتبر بأنه "ظاهرة لافتة"، في إشارة إلى الدعم الإسرائيلي القوي، الذي تتلقاه أربيل من إسرائيل، من أجل الدفع باتجاه تفكيك العراق. 

وكان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط قد أكد أمس خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رفضه انفصال إقليم كردستان عن العراق حفاظًا على وحدة الأراضي العراقية، ثم طلب من بارزاني خلال اجتماعه في أربيل بإلغائه أو تأجيله، لكنه رفض. واليوم قام متظاهرون في ناحية مندلى - 190 كم شمال شرق بغداد) في محافظة ديالى بإنزال ثلاثة أعلام كردية في مركز الناحية، ورفع الأعلام العراقية مكانها، بعد رفضهم المشاركة في الاستفتاء، وضم مدينتهم إلى المناطق التي سيجري فيها. 

وكان مسعود بارزاني أقر في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية في أواخر الشهر الماضي بأن إسرائيل وحدها التي تعلن صراحة دعمها لاستفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق.