لندن: استهل الأمير خالد بن سلمان سفير المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة مهام عمله بزيارة ضباط سعوديين يتدربون في قاعدة نيليس الجوية في ولاية نيفادا، واللقاء مع مهندسين سعوديين في سيليكون فالي، مركز الشركات التكنولوجية بولاية كاليفورنيا، والاتصال بمدراء في شركة لوكهيد مارتن العملاقة في ولاية تكساس.

وكان الأمير خالد (28 عاماً) ، نجل العاهل السعودي الملك سلمان وشقيق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، طياراً قبل ان يصبح دبلوماسياً. وقال في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز: "كنتُ استيقظ لمتابعة الأحوال الجوية، اما الآن فإنني استيقظ لمتابعة الأخبار".

بعد عودة الأمير خالد من جولته الى واشنطن، استأنف مهام عمله الدبلوماسي معتمداً على النفوذ الواسع الذي تتمتع به المملكة في العاصمة الاميركية، "الآن أكثر من أي وقت مضى"، على حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز. وهذا ما أكده السفير السعودي في حديثه للصحيفة قائلاً "أعتقد ان العلاقة أقوى وأن الادارة الحالية تدرك التهديدات المشتركة والمصالح المشتركة".

وكان الأمير خالد مع الرئيس ترمب حين زار الرياض، وحاضراً خلال زيارة صهر الرئيس جاريد كوشنر للشرق الأوسط. وقال إن السعودية متشجعة "وأعتقد ان الولايات المتحدة تسير في الاتجاه الصحيح" بشأن التعامل مع ايران.

ولاحظت صحيفة نيويورك تايمز "ان شباب الأمير خالد يجعله مثالاً يُقتدى لنمط المسؤول السعودي العصري الذي تريد المملكة ان تقدمه للجمهور الاميركي". فهو "يعرف كيف يستخدم انستاغرام ويستمتع بالرسوم الكاريكاتيرية السياسية ويهتم بالثقافة الشعبية الاميركية".

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر مطلعة أن وصول الأمير خالد الى واشنطن من شأنه أن يساعد في تدفق المعلومات بين البيت الأبيض والسفارة السعودية والرياض، وان يضع العلاقات على طريق ممهدة. 

تحديات

ولكن على الدبلوماسي السعودي الشباب أن يتعاطى مع تحديات ايضاً. وعلى سبيل المثال أن مجموعة من اعضاء الحزبين الرئيسيين في الكونغرس حاولت في يونيو الماضي أن تعرقل صفقة بيع ذخائر موجهة ذات دقة عالية بقيمة 500 مليون دولار للسعودية.

وفي هذا الشأن، قال الأمير خالد "في التحليل النهائي ان أمننا مهم جداً للولايات المتحدة ايضاً"، ولكنه اضاف انه لو تعثرت الصفقة لحصلت المملكة على ما تريد "من مصدر آخر".

واشار روبرت مالي، المستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط في ادارة اوباما ونائب رئيس مجموعة الأزمات الدولية الذي التقى مع الأمير خالد مؤخراً، الى ان على السعوديين ان يتحركوا بحذاقة في واشنطن، و"ان يمشوا على حبل رفيع" بالتعامل الودي مع ترمب دون ان يستعدوا عليهم خصومه. "وبخلافه فإنهم يخاطرون لا بخسارة الديمقراطيين فحسب، بل وخسارة كثيرين آخرين ليسوا متعاطفين بصفة خاصة مع هذه الادارة".

من التحديات الأخرى التي تواجه السفير السعودي الشاب في واشنطن تداعيات الأزمة مع قطر. وكان الأمير خالد توجه الى مبنى الكونغرس فور تقديم اوراق اعتماده الى ترمب ليجتمع مع أكثر من 12 عضواً. ومن بين الذين اجتمع معهم عضو مجلس الشيوخ ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس بوب كروكر الذي قال إن اجتماعه مع السفير كان "مثمراً". وأكد كروكر لصحيفة نيويورك تايمز "ان الأمير خالد وشقيقه ولي العهد سيقومان بدور مهم في تحديث الشراكة بين بلدينا، وأنا متفائل بأنهما سيقدمان مساهمات ايجابية تعزز المصالح المشتركة في الأمن والاستقرار الاقليميين".

ولكن الأمير خالد يحرص عموماً على البقاء بعيداً عن الأضواء ويفضل استقبال الزوار في مقر اقامته مع زوجته وطفليه، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

وقال اندرو ايكسام صديق الأمير خالد والنائب السابق لمساعد وزير الدفاع لسياسة الشرق الأوسط في ادارة اوباما، إن خلفية السفير العسكرية انتجت مسؤولاً سعودياً "من طراز مختلف"، منوهاً بالفترة التي امضاها الأمير خالد في التدريب في ثلاث ولايات اميركية. وصرح ايكسام لصحيفة نيويورك تايمز قائلا إن الأمير خالد "كان يعيش في اميركا حقاً وليس على السواحل". 

التحدي الآخر الذي يواجه الأمير خالد في واشنطن هو تصحيح التصور الذي نشأ بين اوساط من الاميركيين عن المملكة وخاصة بتأثير هجمات 11/9. وطالبت الحكومة السعودية مؤخراً بإلغاء قانون العدالة ضد رعاة الارهاب أو ما يعرف بقانون "جاستا"، الذي يجيز لضحايا تلك الهجمات مقاضاة المملكة في المحاكم الاميركية.

وقال الأمير خالد إن قانون "جاستا" يمثل تهديداً للعلاقات الاميركية ـ السعودية، وبالتالي تهديداً للأمن القومي. ولكنه اضاف في حديثه لصحيفة نيويورك تايمز قائلاً "اعتقد ان الحكمة ستنتصر في نهاية المطاف واعتقد ان المواطنين في الولايات المتحدة يفهمون ان هذه العلاقة مهمة جداً لاميركا ومهمة جداً لمكافحة الارهاب".

وتطرق الأمير خالد في حديثه الى رؤية السعودية 2030 لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط وتحديث المجتمع السعودي، معرباً عن تفاؤله بأن المرأة السعودية ستُمنح حق قيادة السيارة. وقال السفير السعودي "إن قيادتنا تحاول إيجاد توازن والتأكد من اننا نتقدم وان كل مواطن في السعودية يتقدم معنا". 

قال زملاء للأمير خالد إن شبابه مصدر قوة. وأكد الكابتن محمد عجمي في حديث لصحيفة نيويورك تايمز انه نفذ مع الأمير خالد عشرات الطلعات الجوية في اليمن وسوريا، واصفاً الأمير بأنه متواضع ويتفجر طاقة. واضاف العجمي انه لم يرَ الأمير يستسلم إلا مرة واحدة، موضحاً "انه لا يعرف التزلج على الجليد وهذا هو الشيء الوحيد الذي يئس منه".

 

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "نيويورك تايمز". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://www.nytimes.com/2017/09/12/us/politics/saudi-trump-ambassador.html?smid=tw-nytimes&smtyp=cur