دعا سياسيون ورجال قانون إلى تحقيق أممي مستقل بعمليات إعدام 30 ألف سجين سياسي في إيران عام 1988 وتقديم المسؤولين الإيرانيين المشاركين في تنفيذها إلى العدالة، وطالبوا بتحرك الامم المتحدة وفرض عقوبات مشددة على النظام الإيراني.

إيلاف من لندن: في مؤتمر عقد في مقر الأمم المتحدة الأوروبي، حثّ سياسيون أوروبيون ورجال قانون ومدافعون عن حقوق الإنسان الأمم المتحدة على تشكيل لجنة تحقيق مستقل في اعدام السلطات الإيرانية 30 ألف سجين سياسي عام 1988، وإحالة المسؤولين الإيرانيين ومنهم من يتولى مسؤوليات عليا حاليًا عن هذه الجريمة على العدالة، وأكدوا أن هذه الخطوة سوف تعتمد خلال الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقد تزامن المؤتمر الذي نظمته عدة منظمات غير حكومية مع انعقاد الدورة السادسة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. وفي تقريرها الأخير، أثارت عاصمة جهانكير، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، قضية الاعدامات عام 1988 بعد تأخير دام 28 عامًا من قبل الأمم المتحدة،.

وقد شارك في الاجتماع الذي انتهى مساء امس كل من راما ياد وزيرة الدولة الفرنسية السابقة لحقوق الإنسان وألفريد زاياس مقرر خاص للأمم المتحدة وطاهر بومدرا، المدير السابق لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في العراق، وأمين لجنة العدالة لضحايا مجزرة 1988 في إيران وكيرستي بريملو رئيسة لجنة حقوق الإنسان في إنكلترا وويلز اضافة إلى أليجو فيدال - كوادراس نائب رئيس البرلمان الأوروبي (1999-2014) رئيس اللجنة الدولية للبحث عن العدالة، حيث تحدثوا عن جرائم النظام الإيراني وانتهاكاته الواسعة لحقوق الانسان.

وقدم أحد الناجين من مذبحة 1988 وعدد من أسر الضحايا شهادات ومعلومات جديدة عن حملة الاعدامات التي كان المرشد الإيراني الراحل الخميني قد أمر بتنفيذها ضد أعضاء ومناصري منظمة "مجاهدق خلق" المعارضة.

وأكدت راما ياد أن التحقيق في الجريمة يجب أن يكون مستقلاً ودولياً، وقالت إن الاعتبارات السياسية والاقتصادية من قبل الدول الغربية تجاه إيران لا ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار وانما النظر إليها باعتبارها ثانوية. وشددت على أن الحزم هو الجواب والأدوات المتاحة للمجتمع الدولي فرض عقوبات ضد النظام الإيراني.

وبحسب بومدرا فإن "عائلات الضحايا قد طالبت منذ 28 عامًا بمعلومات عن أحبائها، فهم بحاجة إلى معرفة ما إذا كانوا أحياء أم ميتين.. ومكان وجودهم إذا كانوا على قيد الحياة وإذا قتلوا فإنهم بحاجة إلى معرفة من الذي أعدمهم؟. 

وأشار إلى أنّه الآن بعد أن تحدث المقررون الخاصون للأمم المتحدة فقد حان الوقت لأن تتعامل الأمم المتحدة واجهزتها مع هذه المسألة بشكل دقيق وأن يكشف عن الحقيقة ومحاسبة مرتكبي الجرائم تحقيقًا للعدالة.

أما فيدال - كوادراس فقال إن "الامم المتحدة ليس لديها أي مبرر لعدم معاقبة لجنة تحقيق حول مذبحة 1988 عندما قتل حوالى 30 الف سجين سياسي اغلبية ساحقة من نشطاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وهذا هو واحد من أسوأ حالة من الجرائم ضد الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية ولم يكن هناك أي تحقيق، حيث إن هذا الإفلات من العقاب من مسؤولي النظام الإيراني يجب أن ينتهي.. انها اسوأ رسالة ممكنة أرسلت إلى النظام الإيراني ومذابح مجزرة 1988".

وأشار بقية المتحدثين من جانبهم إلى "أن مذبحة 1988 هي السمة المميزة لنظام طهران، وفي الواقع لا يمكن لأي من مسؤولي النظام أن ينأوا بأنفسهم عن هذه الجريمة".

وزيران للعدل شاركا في الاعدامات

وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني قد عين في ولايته الاولى مصطفى الملا بور محمدي، عضو لجنة الاعدامات في طهران وزيرًا للعدل. والآن وفي فترة ولايته الثانية الحالية، فقد عيّن وزير العدل مشاركًا آخر في تلك الاعدامات بمقاطعة خوزستان. وقد ادرج الاتحاد الأوروبي علي رضا آوايي في قائمة العقوبات بسبب مشاركته المباشرة في انتهاكات حقوق الإنسان.

ووفقاً للمتحدثين في الاجتماع، فإن عدم تحرك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي قد شجع النظام الإيراني على الاستمرار في انتهاكاته لحقوق الإنسان، مشددين على أن إفلات طهران من العقاب يجب أن ينتهي.

وكان رجل الدين احمد منتظري قد نشر أواخر العام الماضي تسجيلاً صوتيًا لحوار والده آية الله علي حسين منتظري احد اركان النظام الإيراني انذاك مع منفذي عمليات اعدام 30 الف سجين من عناصر منظمة مجاهدي خلق المعارضة المعتقلين عام 1988. 

وكان منتظري الأب الذي توفي عام 2009 أحد كبار مسؤولي النظام الإيراني إبان الثمانينات إلى حد تهيئته لخلافة خميني، لكنه خسر مكانته لموقفه ضد إعدام عناصر مجاهدي خلق.

وقبل وفاته بفترة وجيزة نشر نجله أحمد تسجيلاً له من أربعين دقيقة يندد فيه بإعدام الآلاف من مجاهدي خلق عام 1988 بأوامر من خميني نفسه وردًا على الخطوة تم الحكم عليه بالسجن 21 عاماً.. لكن المحكمة ارتأت في حيثيات حكمها أسباباً تخفيفية سيقضي المدان بموجبها ست سنوات فقط سجناً، مشيرة إلى بلوغه الستين عاماً ومقتل شقيقه بهجوم عام 1980 نُسب للمعارضة فضلاً عن سجله العدلي النظيف.