عبّر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن استعداده للتدخل عسكريًا إذا أدى استفتاء كردستان إلى العنف، وهي المرة الأولى التي يلوّح فيها باستخدام خيار عسكري حيال قضية الاستفتاء، فيما رد البارزاني قائلًا إن الحديث عن بديل الاستفتاء "فات أوانه" وإن أمام الكرد حلًا من اثنين إما التبعية أو الاستقلال".

إيلاف من بغداد: أبدى رئيس الوزراء حيدر العبادي، السبت، استعداد بغداد التدخل عسكريًا إذا أدى استفتاء إقليم كردستان إلى العنف، مبيّنًا أن التناقض هو عندما "تفتح خلافًا مع الكل، ولا تعترف بالدستور، ولا بالحدود وتطلب من الدول الاعتراف بك"، يأتي هذا في وقت قدمت الأمم المتحدة مقترحًا إلى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني يقضي بالعدول عن الاستفتاء المرتقب في مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل في مدة أقصاها ثلاث سنوات.

ورأى العبادي في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" اليوم، وتابعتها "إيلاف"، أن الاستفتاء الذي سيجري في 25 سبتمبر الحالي "تصعيد خطير" وسيتسبب بانتهاك سيادة العراق.

أضاف "في حال تعرّض العراقيين للخطر من خلال استخدام القوة خارج إطار القانون، عندها سنتدخل عسكريًا". وقال العبادي إنه يوجّه "دعوة مخلصة وأخوية إلى القادة في كردستان إلى التراجع عن قرار الاستفتاء" الذي وصفه بالخطير، واعتبره لعبًا بالنار، مشيرًا إلى أن "كل المكتسبات التي حققها مواطنونا الكرد العراقيون معرّضة للتهديد".

مضى إلى القول "عندما تفتح خلافًا مع الكل، ولا تعترف بالدستور والحدود والقانون العراقي، وتطلب من الدول الأخرى الاعتراف، فإن هناك تناقضًا"، موضحًا "أنت الآن تفتح الباب على مصراعيه لعدم احترام هذه الدول للحدود والدستور العراقي، وتشجّع الآخرين على التدخل بالشأن العراقي، وهذه خطورة".

من جهته، وبعد صمت طويل، أصدر رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، كردي القومية، السبت، بيانًا أعلن فيه عن إطلاق مبادرة للحوار بين الزعماء السياسيين، للتوصل إلى حلول ملموسة وعاجلة، تكفل تجاوز الأزمة التي أحدثها استفتاء إقليم كردستان، فيما أشار إلى إلغاء سفره المقرر إلى نيويورك وتكليف رئيس الوزراء حيدر العبادي بإلقاء كلمة العراق باجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

وقال معصوم في البيان نشرته وكالة السومرية نيوز: "تواجه بلادنا العزيزة أزمة سياسية تنذر بتفاقم قد يضع العملية السياسية والمصلحة الوطنية العليا أمام أخطار وتهديدات جسيمة لا تسمح لنا مسؤوليتنا الدستورية تركها على الغارب، وهو ما يستدعي دعوتنا لجميع الأطراف المعنية، ولاسيما المتمثلة في السلطتين التشريعية والتنفيذية على مستويي إقليم كردستان والسلطة الاتحادية، إلى لزوم التصدي الفوري لمعالجتها، كأولوية قصوى، مهما اقتضى ذلك من جهود استثنائية، على أن تصب في ضمان الوصول بنجاح إلى حلول سلمية ديمقراطية تقوم على مبدأ الشراكة وتفهم طموحات أبناء كردستان وكل المواطنين الآخرين، ورفض المواقف الاستفزازية والمتطرفة، وتمضي قدمًا في زرع الثقة اللازمة بين الجانبيين، والتوجه معًا لبناء دولة المواطنة والحقوق التي نطمح إليها جميعًا".

وأضاف معصوم أنه "بناء لمقتضيات المصلحة العامة قررنا إطلاق مبادرة للحوار، ونبدأها بدعوة قادة وزعماء القوى السياسية إلى عقد اجتماعات مكثفة للتوصل إلى حلول ملموسة وعاجلة تكفل تجاوز هذه الأزمة والتوجه للعمل معًا على تحقيق الأهداف المشتركة ومعالجة النواقص والأخطاء، مهما كانت شدة الاختلافات في وجهات النظر والمواقف".

تابع معصوم "إننا على ثقة تامة بقدرة شعبنا على تجاوز هذه الأزمة، والخروج منها أقوى شكيمة، وأعمق وحدة، وأشد عزمًا على معالجة مشاكله الحالية وتطوير النظام السياسي الديمقراطي وبناء مستقبله المشرق".

وأشار إلى أنه "لغرض المباشرة الفورية بوضع هذه المبادرة موضع التنفيذ، قررنا إلغاء سفرنا إلى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة وتكليف رئيس الوزراء بإلقاء كلمة العراق فيها".

الأمم المتحدة تقدم مقترحًا لحل الأزمة &
هذا وقدمت الأمم المتحدة مقترحًا إلى رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني يقضي بالعدول عن الاستفتاء المرتقب في 25 سبتمبر، في مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل في مدة أقصاها ثلاث سنوات.

وبحسب الوثيقة التي قدمها المبعوث الأممي إلى العراق يان كوبيتش الخميس إلى البارزاني، وإطلعت على تفاصيلها "إيلاف" فإن المقترح يقضي بـ"شروع الحكومة العراقية وحكومة الإقليم على الفور بـ"مفاوضات منظمة وحثيثة ومكثفة من دون شروط مسبقة وبجدول أعمال مفتوح على سبل حل كل المشاكل، تتناول المبادئ والترتيبات التي ستحدد العلاقات المستقبلية والتعاون بين بغداد وأربيل".

لكن رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، وكأنه يرد على هذا المقترح رافضًا، قال "شبعنا (إنشاء) وكلام ومقترحات بلا حلول".
ويتعيّن وفقًا للمقترح الأممي على الجانبين "اختتام مفاوضاتهما خلال عامين إلى ثلاثة أعوام". ويمكنهما الطلب "من الأمم المتحدة، نيابة عن المجتمع الدولي، تقديم مساعيها الحميدة سواء في عملية التفاوض أو في وضع النتائج والخلاصات حيز التنفيذ".

في المقابل، "تقرر حكومة كردستان عدم إجراء استفتاء في 25 سبتمبر"، ما يعني أن القبول بهذا المقترح يستلزم تأجيل الاستفتاء.

صيغة للحل
وعلمت "إيلاف" أن هذه الصيغة من الحل قدمت فعلًا إلى رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني قبل يومين، وأعطيت نسخة منها إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي، وذلك يوم التقى يان كوبيتش رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق كلًا من العبادي والبارزاني.

وصادق برلمان كردستان العراق الجمعة، كما كان متوقعًا، على إجراء الاستفتاء على استقلال الإقليم الشمالي في موعده المقرر.

تحدد الوثيقة التي بات يطلق عليها تسمية "صيغة الحل" أن "يبقى مجلس الأمن متابعًا لتنفيذ هذا الاتفاق من خلال تقارير منتظمة يقدمها الأمين العام للأمم المتحدة".

وأكد كوبيتش أن "هناك عرضًا، إذا وافق (الأكراد) على هذا البديل، فسيتم إجراء مفاوضات"، مشيرًا إلى أنه يتوقع ردًا من البارزاني خلال "يومين أو ثلاثة".

البارزاني: الحديث عن بديل من استفتاء الاستقلال فات أوانه &
لكن رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، وفيما قدم شكره إلى برلمان الإقليم على موافقته على إجراء الاستفتاء في موعده المحدد، فإنه أكد أن أي حديث عن بديل من الاستفتاء فات أوانه، مبينًا أن هناك خطوتين، الأولى الاضطهاد والتبعية، والثانية الاستقلال.

وذكر البارزاني في كلمة له مساء السبت أمام تجمع جماهيري في رمدينة دهوك أن "قرارات البرلمان العراقي من اليوم فصاعدًا لن تشمل إقليم كردستان، لأن البرلمان العراقي بيد مجموعة شوفينية"، وفق تعبيره. وأضاف البارزاني "نحن الكرد لا نهدد أحدًا، ولن نقبل لأحد أن يهددنا، موضحًا أن لغة التهديد لن تجدي نفعًا".

تابع رئيس إقليم كردستان أن "الوقت قد حان لكي نقول كفى للقمع والاستبداد"، مضيفًا "لن نتلق حتى اللحظة أي بديل حقيقي من الإستفتاء، وسنتوجه لنقول نعم لاستقلال كردستان".

وأكد البارزاني أن "الاستفتاء سيجري في موعده"، مطالبًا المواطنين بالذهاب في 25 سبتمبر الجاري إلى صناديق الاقتراع. وقال إن "مبدأ الفدرالية والشراكة لا وجود لها في بغداد، وشعبنا قال كلمته للتوجّه صوب الاستفتاء". أضاف "هذا الموضوع لا يخص شخصًا أو حزبًا أو ثلاثة أحزاب، إنما قضية شعب".

رفض للخط الأخضر
رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني أكد أن الإقليم يرفض القبول بأن يمثل الخط الأخضر حدود كردستان، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الاستفتاء لن يرسم حدود الدولة المرتقبة، إنما هذه المسألة تخضع لمفاوضات جادة مع بغداد. وكان البارزاني قال خلال لقائه بممثلي الديانات والقوميات في سهل نينوى "نرفض رفضًا قاطعًا أن يكون الخط الأخضر هو حدود كردستان".

إشارة إلى أن الخط الأخضر هو الخط الذي حدده الحاكم المدني الأميركي في العراق بول بريمر في على الخارطة في ضوء ما رسم في تسعينيات القرن الماضي، والذي كان يشكل خط التماس بين قوات البيشمركة والجيش العراقي في عهد النظام العراقي السابق.

وقال البارزاني إن "إجراء الاستفتاء لا يعني رسم الحدود ولا يعني فرض إرادة مكوّن معيّن على المكونات الأخرى، فالحدود ترسم بالحوار والتفاهم وحسب رغبة سكان المناطق".

أضاف البارزاني مخاطبًا ممثلي مكونات سهل نينوى إن "منطقتكم تجسد التعددية القومية والدينية، وأنتم تقررون مصيركم، ولن نفرض عليكم أي صيغة". وتابع "اليوم جئت لكي أصالحكم، وكلكم أعزاء علينا، الإقليم لن يكون دولة قومية للأكراد، بل لجميع مكوناته".

معصوم والعامري: الحفاظ على وحدة الصف
شدد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، اليوم السبت، على بذل كل الجهود للحفاظ على وحدة الصف الوطني.

وقال مكتب معصوم، في بيان تلقته "إيلاف"، إن الأخير "استقبل هادي العامري أمين عام منظمة بدر، وجرى خلال اللقاء بحث المستجدات على الساحتين السياسية والأمنية، لاسيما موضوع استفتاء إقليم كردستان والحرب ضد الإرهاب ومسار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش".

وأكد معصوم خلال اللقاء "أهمية بذل كل الجهود للحفاظ على وحدة الصف الوطني والتعايش بين جميع المكونات"، مشددًا على "أهمية الاحتكام إلى الحوار البنّاء لحل جميع القضايا العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان".

العامري يبعث برسائل طمأنة: الكرد في أعيننا &
وأكد الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري أن المواطنين الأكراد في بغداد وباقي المحافظات "في أعيننا" وسوف نعمل على توفير الأمن والسلامة لهم، مشددًا على أنه "لن نسمح لأحد بالاعتداء عليهم".

وقال العامري خلال لقائه مع نائب رئيس البرلمان آرام الشيخ محمد، وبحضور مسؤول المكتب السياسي محمد ناجي، السبت، إن "الخلاف هو بين القيادات السياسية، وليس مع الشعب الكردي"، داعيًا إلى "تجنب الانزلاق إلى الحرب عن طريق الحلول السلمية والحوار". متنميًا التوفيق لكل الجهود المبذولة من أجل مصلحة الشعب العراقي والأمن والاستقرار. &&

وكان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، قد بعث في وقت سابق اليوم برسائل اطمئنان إلى المواطنين العرب المتواجدين في إقليم كردستان، مؤكدًا عدم وجود أية سياسات أو إجراءات بخصوص بقائهم وحرياتهم في الإقليم.

برهم صالح يعلن تشكيله السياسي بعيد عن سرب الاتحاد
وفي تحولات للمشهد في إقليم كردستان العراقي، تقدم النائب الثاني للأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني، برهم صالح، بقائمة جديدة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان، للمشاركة بها في الانتخابات المقبلة.

محامو برهم صالح سجلوا اسم كيان سياسي جديد لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان، للمشاركة في الانتخابات المقبلة. حملت القائمة التي تقدم بها برهم صالح، اسم (التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة).

وأوضح كريم بحري برادوستي، السكرتير القانوني لبرهم صالح، في مؤتمر صحافي، أنهم "سجلوا اسم كيانهم السياسي الجديد في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء". وأضاف برادوستي أنه "بعد أن تقبل المفوضية بمشاركة هذه الحركة، سيدلي برهم صالح بتصريح في هذا السياق".

الاتحاد الوطني يخير برهم صالح: نحن أو تشكيلك الجديد
وفي رد فعل سريع أكد المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني سعدي أحمد بيره تعليقًا على قيام النائب الثاني لأمينه العام برهم صالح بتسجيل قائمة سياسية بقيادته لخوض الانتخابات في إقليم كوردستان أن عليه (صالح) أن يختار بين قائمته أو الاتحاد الوطني الكردستاني.

وقال بيره أن أي عضو في المكتب السياسي يرغب في أن يكون له كيان سياسي من شأنه أن يساهم في معالجة الأوضاع السياسية في الإقليم أمر طبيعي.

واستدرك أنه بعد التصديق على الكيان السياسي لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان فإن على برهم صالح أن "يختار بين رئاسته للكيان أو البقاء داخل الاتحاد الوطني الكردستاني". وأضاف إنه بعد إجراء الانتخابات فإن برهم صالح إذا رغب في التحالف مع الاتحاد الوطني فإنه يسمح له بذلك، حسب تعبيره.