الرباط: فيما اعتبر ضربة سياسية جديدة لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، يتلقاها من يد المحكمة الدستورية، بعد قراراتها السابقة المتعلقة بإلغاء انتخاب عدد من أعضائه في مجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، قضت المحكمة نهاية الأسبوع الماضي، برفض الطعن الذي تقدم به عدد من نواب الحزب ازاء القانون رقم 79.14 للدستور المتعلق بقانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز.

وأعلنت المحكمة الدستورية في قرارها الذي نشرته في بوابتها الإلكترونية، بأن أحكام المواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 79.14 "ليس فيها ما يخالف الدستور"، كما أمرت ب"رفع قرارها هذا إلى علم العاهل المغربي الملك محمد السادس ، وبتبليغ نسخة منه إلى رئيس الحكومة، وإلى رئيس مجلس النواب وإلى رئيس مجلس المستشارين، وبنشره في الجريدة الرسمية"، حيث سيدخل حيز التنفيذ بعد ذلك.

وفندت المحكمة الدستورية في قرارها الطعن الذي قدمه نواب حزب الأصالة والمعاصرة بخصوص المادة الأولى من القانون رقم 79.14 باعتبار أن الأحكام التي جاءت فيها "مخالفة لأحكام الفصل 159 من الدستور، بعلة أن ما تضمنته من أن الهيئةً تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، في تغييب واضح للاستقلال الإداري، سيحد من طبيعة شخصيتها الاعتبارية ومفهوم استقلالها المالي"، حيث أكدت المحكمة أن التنصيص على تمتع الهيئة بشخصيتها الاعتبارية "يرتب ضمنيا توفرها على الاستقلال الإداري؛ .. وتبعا لذلك، ليس في أحكام المادة الأولى ما يخالف الفصل 159 من الدستور".

الملك محمد السادس يتوسط أعضاء المحكمة الدستورية عقب تعيينهم

وأضاف القرار أن ما سجله النواب الطاعنون في المادة الثانية من القانون ذاته، بكونها أخلت بالتوازن بين مهام النهوض ومهام الحماية، "عندما منحت للأولى إحدى عشر اختصاصا، في مقابل اختصاصين فقط يتعلقان بالثانية، وهو ما يتعارض مع الغاية الدستورية التي أنشئت من أجلها الهيئةً، في مخالفة لأحكام الفصلين 19 و164 من الدستور"، مسجلا أنه بالرجوع إلى "الفصل 164 من الدستور، فإن الهيئةً المكلفة المناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز تسهر على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الفصل 19 من الدستور، وذلك دون أي تحديد لمهام النهوض والحماية؛ .. فإن مقتضيات المادة الثانية من القانون رقم 79.14 ليس فيها ما يخالف الدستور".
كما ذهبت المحكمة الدستورية إلى أن ما سمته "ادعاء الطاعنين أن الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة، بإلزامها للهيئة بإعطاء رأيها قبل اعتماد المشاريع من قبل الحكومة، من شأنه أن يعرقل إبداء الرأي التلقائي من طرف الهيئة لفائدة البرلمان إذا لم تستطع إبداءه قبل إنهاء الحكومة لأشغالها وسيكون عائقا لإبداء الرأي عندما يكون مشروع القانون بيد البرلمان، مما يجعل هذه المادة مخالفة لأحكام الفصلين 1 و164 من الدستور"؛ تفنده الفقرة الثانية من الفصل الأول من الدستور المغربي التي تنص على أن "النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط وتوازنها وتعاونها .."، مشددا على أن ما طعن فيه النواب "لا يمس إطلاقا بحق أحد مجلسي البرلمان في طلب الرأي عند تقديم الحكومة لنفس المشروع أمامه"، مبرزة أن المادة الثالثة "لا تتضمن ما يخالف الفصلين 1 و164 من الدستور". كما خلصت المحكمة إلى أن الملاحظات التي قدمها النواب حول المادة الرابعة من قانون هيئة المناصفة وإلغاء كافة أشكال التمييز، المتعلقة بتعيين ممثلي الإدارات العمومية كالمقتضى المتعلق بتعيين رئيس الحكومة لعضوين من الإدارات العمومية "مطابق للدستور مع ملاحظة أن الأمر يتعلق بالاختيار من الإدارات العمومية المختصة في مجال المناصفة ومكافحة أشكال التمييز، وليس تمثيل تلك الإدارات"، بالإضافة إلى تعيين قاض بناء على اقتراح من المجلس الأعلى للسلطة القضائية "لا يمس باستقلال السلطة القضائية، ولا باستقلالية الهيئة التي تمارس اختصاصاتها طبقا لمقتضيات القانون المنظم لها"، مبرزة أن المادة الرابعة المنازع في دستوريتها "ليس فيها ما يخالف الدستور".
يشار إلى أن القانون رقم 79.14 للدستور المتعلق بقانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز التي نص على إحداثها دستور 2011 في الفصل ال19 ، صادق عليه البرلمان المغربي في الثامن من أغسطس الماضي، بعدما جرت إحالته على البرلمان أواخر يوليو 2015، كما تجدر الإشارة إلى أن هذا القانون نال انتقادات جملة من الجمعيات النسائية بالإضافة إلى المجلسين الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.