«إيلاف» من لندن: في اجواء رافضة وتهديدات داخلية وخارجية، توجه مواطنو اقليم كردستان العراق الى صناديق الاقتراع صباح اليوم للمشاركة في استفتاء تاريخي للانفصال، حيث يحق لاكثر من خمسة ملايين مواطن كردي الاشتراك فيه عبر الف مركز انتخابي بحماية قوات البيشمركة في خطوة يعتبرونها تقرباً من تحقيق حلمهم بدولة كردية مستقلة.

وقد باشر المواطنون في الاقليم الشمالي العراقي بالادلاء باصواتهم مع فتح مراكز الاقتراع ابوابها في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي وحيث سيتم اغلاقها في السادسة مساء بينما قررت السلطات اعتبار اليوم الاثنين عطلة رسمية. 

وتجري عمليات الاستفتاء في 1730 مركزا للاقتراع عبر 6746 محطة انتخابية في محافظات الاقليم الثلاث اربيل ودهوك والسليمانية وبعض المناطق خارجها. وتقوم اكثر من 100 وسيلة اعلام اجنبية و60 محلية بتغطية الاستفتاء فيما تراقبه 10 فرق دولية و70 فرقة مراقبة محلية .

ويبلغ عدد الاشخاص الذين يحق لهم التصويت 5 ملايين و200 الف شخص، منهم مليون و100 الف في محافظة اربيل ومليون و200 الف في محافظة دهوك و800 الف في محافظة السليمانية اضافة الى 750 الفًا في سهل نينوى.

ومنذ صباح اليوم وجهت مكبرات الصوت في المساجد والكنائس والاماكن الدينية نداءاتها الى المواطنين لحثهم على المشاركة في التصويت لاستقلال كردستان.

وعشية بدء الاقتراع، فقد ترأس رئيس الوزراء حيدر العبادي اجتماعًا للمجلس الوزاري للامن الوطني حيث دعا سلطات اقليم كردستان الى تسليم المنافذ الحدودية والمطارات الى الحكومة المركزية في بغداد. وطالب دول الجوار والعالم التعامل مع الحكومة المركزية حصرا في ملف المنافذ والنفط . وتم التأكيد خلال الاجتماع على انه "باعتبار ان المنافذ الحدودية هي منافذ تابعة للحكومة الاتحادية وكذلك النفط فهو ثروة لكل الشعب العراقي حسب الدستور العراقي، فان الحكومة العراقية توجه اقليم كردستان بتسليم جميع المنافذ الحدودية بضمنها المطارات الى سلطة الحكومة الاتحادية وتطلب من دول الجوار ومن دول العالم التعامل مع الحكومة العراقية الاتحادية حصرًا في ملف المنافذ والنفط وذلك كي تتولى السلطات العراقية الاتحادية في المنافذ تنظيم وتسهيل انسيابية حركة البضائع والاشخاص من والى الاقليم"، كما قال بيان عن المجلس تابعته "إيلاف".

كما بحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الإيراني حسن روحاني مساء امس العلاقات الثنائية وآخر المستجدات الإقليمية وعلى رأسها استفتاء انفصال اقليم كردستان عن العراق.
وذكرت وكالة الاناضول التركية الحكومية "ان الرئيسين اردوغان وروحاني اكدا في اتصال هاتفي أنه في حال إجراء استفتاء انفصال الإقليم، فإن ذلك سيجلب الفوضى إلى المنطقة". وشدد أردوغان وروحاني خلال الاتصال "على أهمية وحدة وسلامة التراب العراقي".

بارزاني يدلي بصوته في استفتاء الانفصال

 

من الحكم الذاتي الى التوجه للدولة

وأقر الدستور العراقي الصادر عام 2005 بالحكم الذاتي لإقليم كردستان في شمال البلاد، والذي تديره حكومة الإقليم حاليا وذلك بعد عقود من العمل السياسي والعسكري من قبل الأكراد الذين يقدر عددهم بنحو عشرة ملايين نسمة ويمثلون 17 بالمئة من سكان العراق. وتحد الاقليم دول ثلاث تضم اكرادًا ايضًا وهي سوريا في الغرب وتركيا في الشمال وإيران في الشرق، فيما يقطنه ايضا العرب والتركمان والسريان والكلدان والآشوريون.

ومعظم سكان الإقليم من المسلمين وهناك أقليات دينية كالايزيدية والشبك والكاكائيين والمسيحيين ومدينة أربيل هي عاصمة الإقليم واللغات الرئيسية فيه الكردية والعربية أما العملة الرسمية فهي الدينار العراقي.

وقد نجا الإقليم من حالة الفوضى التي عصفت بالعراق عقب سقوط نظام صدام حسين عام 2003 حيث أقام الاكراد نوعًا من الحكم البرلماني واقتصادا لا يخلو من مشاكل وعيوب.

وهناك مناطق متنازع عليها بين حكومة الإقليم وحكومة العراق المركزية من بينها كركوك الغنية بالنفط، والتي يقطنها مزيج من القوميات أهمها التركمان والاكراد والعرب.

اخفاقات سابقة في اقامة الدولة الكردية

وقد أخفق الأكراد في إقامة دولتهم المستقلة أسوة بشعوب المنطقة 7 مرات في أقل من 100 عام منذ مملكة كردستان للشيخ محمود الحفيد في السليمانية حتى ظهور داعش في العراق وسوريا عام 2014.

ويترقب الشرق الأوسط والعالم الاستفتاء المعلن في كردستان العراق على الاستقلال تمهيداً لقيام دولة كردية في حدود كردستان العراق وقابلة للاتساع لاحقا لتصل إلى إيران وعمق تركيا وشمال سوريا.

وشهدت المنطقة الكردية محاولات متعاقبة لاقامة دولة مستقلة هي : مملكة كردستان عام 1922 وكردستان الحمراء عام 1929 وجمهورية آرارات الكردية عام 1927.. وجمهورية مهاباد عام 1946.. ثم إقليم كردستان العراق عام 1970 وجمهورية لاجين الكردية عام 1992 وإقليم روج آفا سوريا عام 2012. 

اما المحاولة الثامنة لاقامة الدولة الكردية والتي يقودها حاليًا رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني والتي تبدأ بالخطوة الاولى اليوم باستفتاء الانفصال فإن المجلس الأعلى للاستفتاء في إلاقليم يقول انه اعد وثيقة تتألف من 15 فقرة تتضمن الحقوق القومية والسياسية والطائفية والثقافية والإدارية لمكونات كردستان، وتمت صياغتها من قبل ممثلي المكونات الطائفية والقومية والدينية الموجودة في الإقليم .

وتقضي الوثيقة بأن إقليم كردستان سيكون في حال انفصاله دولة مدنية فيدرالية تحفظ حقوق مكوناتها القومية والطائفية بمن فيهم الأكراد والعرب والتركمان والكلدان السريان والآشوريون والأرمن والإيزيديون والمسيحيون والمسلمون والكاكائية واليهود والزرادشتيون، والمندائيون .

واشارت الى ان الدولة المنتظرة ستعتمد اللغات الخمس بشكل رسمي فيها وهي : الكردية والعربية والتركمانية والسريانية والأرمنية.. واوضحت أن التركمان والعرب والإيزيديين وبقية المكونات سيحكمون بحسب النظام الفيدرالي مناطقهم.