يترقب اقليم كردستان العراق حظرًا جويًا على الطيران في اجوائه مساء اليوم تنفيذًا لقرارات عقابية لبغداد ضد الاقليم على خلفية إجراء استفتاء الانفصال.. فيما عرضت الامم المتحدة وساطة بين الحكومتين المركزية والكردية، بينما ايد بارزاني مبادرة لعلاوي لتجميد نتائج الاستفتاء في الاقليم.

إيلاف من لندن: يبدأ في الساعة السادسة من مساء اليوم الجمعة بالتوقيت المحلي (الثالثة بتوقيت غرينتش) حظر للطيران من وإلى مطاري اربيل والسليمانية في اقليم كردستان العراق الشمالي تنفيذًا لقرارات اتخذها مجلسا الحكومة والبرلمان العراقيان خلال الايام الثلاثة الماضية تقضي بتسليم سلطات الاقليم إلى الحكومة المركزية ادارة المطارات والمنافذ الحدودية، وهي القرارات التي رفضها الاقليم وحددت بغداد الجمعة موعدًا لتنفيذها.

وقد شهدت الساعات الاخيرة وقبيل تنفيذ الحظر اقبالاً واسعًا على سفر المواطنين والاجانب من الاقليم وشوهد الآلاف منهم وهم يتكدسون في مطاري اربيل والسليمانية الدوليين بحثًا عن رحلات طيران تخرجهم من الاقليم قبل توقف حركة الطيران. وقد لوحظ مغادرة الكثير من العمال الاجانب والعاملين في المنظمات الانسانية نتيجة خوفهم من ان يجدوا انفسهم عالقين هناك في حال حصول أي تطورات غير محسوبة.

وقد أعلنت شركات طيران مصرية ولبنانية واماراتية واردنية وتركية وايرانية وقطرية تعليق رحلاتها إلى مطاري اربيل والسليمانية بناء على طلب الحكومة العراقية من شركات الطيران كافة العاملة إلى إربيل والسليمانية بوقف تشغيل جميع الرحلات الجوية إلى هاتين المدينتين بدءًا من اليوم الجمعة وحتى اشعار آخر.

ومن جهتها، أعلنت ادارة مطار أربيل تعليق جميع الرحلات الدولية من المطار وإليه اعتبارًا من مساء الجمعة وقالت مديرة المطار تالار فائق صالح في تصريح صحافي إن جميع الرحلات الدولية من دون استثناء من مطار أربيل وإليه ستعلق اعتبارًا من الساعة السادسة من مساء اليوم. 

 

مديرة مطار أربيل الدولي تالا فائق صالح

 

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أعلن الثلاثاء ان حكومته قررت حظر الطيران الدولي من وإلى اقليم كردستان الشمالي، وقال إن الحكومة قررت فرض حظر على الرحلات الجوية من وإلى كردستان العراق خلال 3 أيام إن لم تخضع مطارات الإقليم للحكومة الاتحادية. 

واوضح انه سيتم ايقاف الرحلات الجوية القادمة من الدول الاخرى إلى مطارَي اربيل والسليمانية او المغادرة منهما إلى الدول الاخرى ويبقى هذا الايقاف ساري المفعول لحين خضوع عمل المطارَين لرقابة واشراف هيئة المنافذ الحدودية وسلطة الطيران المدني الاتحادية وبما يضمن تواجد ممثلي السلطات الاتحادية في المطارين المذكورين للقيام بالمهام المحددة قانوناً.

وامس، أعلنت حكومة إقليم كردستان العراق رفضها لقرارات مجلسي الوزراء والنواب العراقيين ضد الاقليم ووصفتها بانها عقوبة جماعية ضد شعب الاقليم غير دستورية ولا شرعية وطمأنت الدول المجاورة ودول المنطقة بأن استفتاء إقليم كردستان لن يكون له مخاطر على أمنها القومي.

وأشارت إلى استعدادها للتوصل مع العراق إلى اتفاقات عبر الحوار لحل المشاكل بين الجانبين، موضحة انها ستسلك، وأضافت ان قرار بغداد اغلاق المنافذ الجوية وحركة الطيران على إقليم كردستان يتعارض مع القانون الدولي ومعاهدة شيكاغو الدولية للطيران، والتي تنص على انه لا يمكن بأي شكل من الاشكال اقحام المطارات في الصراعات السياسية. 

الامم المتحدة للتوسط بين بغداد وأربيل 

عرضت الامم المتحدة وساطتها لحل الازمة بين الحكومتين المركزية في بغداد والكردية في اربيل. 

وخلال اجتماع لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري مع ممثـل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، فقد تم بحث التطورات الأمنية والسياسيّة في العراق حيث ابلغه "ان العراق يطمح إلى منح حجم من الصدارة في القضايا المطروحة على طاولة النقاش في الحراك الدولي الواسع في الأمم المتحدة. 

وأشار الجعفري إلى أنّ العراق يريد من المُجتمَع الدولي مضاعَفة الجُهُود في مُساعَدة بلاده في هذه المرحلة المهمّة خاصة في الجانب الإنساني وقال إن محافظات العراق جميعاً ساهمت في مواجَهة داعش، وهذا دليل على أنَّ العراق بلد غير مُقسَّم طائفيّاً ولا قوميّاً. 

وتطرق الجعفري إلى تداعيات الاستفتاء الذي أجراه اقليم كردستان والمواقف الاقليمية والدولية منه قائلا إن "كلّ دول العالم أجمعت على رفض الاستفتاء".

ومن جانبه، أكد كوبيتش أن العراق قد عاد إلى المشهد الدوليِّ، وهناك المزيد من التعاون والعمل المطلوب من أجل إعادة إعمار العراق. وقال "نحن في الأمم المتحدة مستعدون لمساعدتكم في حل المشكلة مع كردستان والمجتمع الدولي مع وحدة العراق وسلامة أراضيه"، كما نقل عنه بيان صحافي لوزارة الخارجية الليلة الماضية اطلعت على نصه "إيلاف". 

وبارزاني يدعم مبادرة علاوي

وعلى صعيد التطورات في ما يخص الاستفتاء، فقد أعلن رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني تأييده لمبادرة اطلقها نائب الرئيس العراقي اياد علاوي الاثنين الماضي "لإنقاذ العراق من الكارثة والفتنة التي تكاد تعصف به"، وأكد انفتاحه على المبادرة واستعداده للتعاون من أجل تنفيذها.

وقال بارزاني في رسالة إلى علاوي حصلت "إيلاف" على نصها اليوم، "اطلعت على مبادرتكم الموجهة إلى الأحزاب والقوى الوطنية المنطلقة من شعوركم العالي بالمسؤولية ازاء المخاطر الجسيمة التي تهددنا جميعاً ، وتنذر بما لا تحمد عقباه.. ان دعوتكم إلى الحوار كأداة لمعالجة القضايا الخلافية ونبذ اُسلوب التهديد والتعنت والتلويح بالقوة هو ما دعونا لاعتماده منذ اندلاع الأزمة واقترانها بتوجهنا للاستفتاء على تقرير مصيرنا وما زلنا عند نفس الخيار خيار الحوار الممتد المفضي إلى التفاهم بعيداً عن لي الأذرع وفرض الإرادات".

وأضاف "نجد في مبادرتكم عناصر تشكل أساساً للعودة إلى منطق العقل والقوة، ومنصةً لتعبئة القوى والأحزاب والكتل المشاركة في الحكم وخارجها تأخذ على عاتقها البحث بمنطق الحقوق والعدل والتفاهم في كل ما يزيل الاحتقان الذي يريد البعض لها ان تظل مشحونة، وهذا البعض هو من يتربص لاقتناص الفرصة ويُجهز على كل ما تبقى من إمكانات كفيلة بتحقيق تطلعات الاشقاء العراقيين إلى الدولة المدنية الديمقراطية المبنية على قاعدة المواطنة الحرة والمؤسسات الضامنة للحريات والعدالة الاجتماعية".

وأكد بارزاني قائلاً "ان الاستفتاء لايعني قيام الدولة مباشرة بل نحن مستعدون للتريث حتى عامين نتواصل فيها عبر حوارٍ بناءٍ ممتد لمناقشة كل الملفات والقضايا التي تجعل منا معاً شريكين في بناء المستقبل لشعبينا دون ان نفرض الامر الواقع على أى منطقة". وأضاف "اننا نجد في مبادرتكم عناصر إيجابية خاصة الدعوة لوقف التصعيد والتعبئة وتجنيد البرلمان ليتخذ قرارات عقابية وبضمنها دعوات مبطنة لإعلان الحرب فوراً بما يتعارض مع الدستور الذي يتباكون عليه.. اننا منفتحون على مبادرتكم ومستعدون للتعاون معكم".

وكان علاوي دعا بارزاني الاثنين الماضي إلى تجميد نتائج استفتاء الانفصال والبدء بحوار وطني تشارك في الاطراف السياسية وعدم تشتيت طاقة القوات المسلحة وتركيز جهدها على جبهة المواجهة مع تنظيم داعش وتحرير ما تبقى من الاراضي تحت سيطرته. كما حذر الدول الاقليمية من التدخل في الشأن الداخلي العراقي بأي وسيلة تصدع وحدة العراقيين.