بوخارست: نزل عشرات آلاف المتظاهرين إلى شوارع بوخارست السبت للمطالبة باستقالة الحكومة اليسارية المتهمة بالفساد وللاحتجاج على "التجاوزات" التي ارتكبتها قوات الأمن الجمعة حين استخدمت القوة لتفريق تظاهرة مماثلة.

وتحت أنظار عناصر الأمن الذين انتشروا بأعداد أقلّ بكثير مما كانوا عليه الجمعة، هتف المتظاهرون الذين قدّرت وسائل الاعلام المحلية أعدادهم بحوالي 30 ألفا "فلتسقط الحكومة" و"نعم للعدالة ولا للفساد".

ولليوم الثاني على التوالي شارك في التظاهرة آلاف المغتربين الذين عادوا الى بلدهم خصيصا للمشاركة في التحرك الاحتجاجي الضخم الذي جرى في العاصمة الجمعة وأطلق عليه اسم "تجمّع الشتات".

من هؤلاء المغتربين أوجين (62 عاماً) ومادالينا (22 عاماً) اللذين أعربا عن خيبة أملهما من الطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن مع تظاهرة الجمعة حين استخدمت خراطيم المياه وقنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريقهم. وقال أوجين الذي يعمل في قطاع البناء في كندا إن "الأمور لا تتقدم في رومانيا"، منددا بـ"الفساد المستشري" في بلده الأم.

من جهتها أبدت مادالينا التي تعمل في مصنع للمنسوجات في بريطانيا أسفها لـ"عدم مبالاة" السلطات بالشباب. وفي السنوات الـ15 الأخيرة هاجر حوالى أربعة ملايين روماني (20% من الشعب) بحثا عن حياة أفضل. وفي 2017 أرسل هؤلاء المغتربون الى عائلاتهم 4,3 مليارات يورو أي حوالى 2,5% من إجمالي الناتج المحلي لرومانيا التي تعتبر إحدى أفقر دول الاتحاد الاوروبي (متوسط الراتب الشهري 520 يورو).

لم تقتصر الاحتجاجات السبت على بوخارست، إذ شهد العديد من مدن البلاد تظاهرات مماثلة ولا سيما في سيبيو (وسط) وتيميسورا (غرب). وكان حوالى ثمانين ألف روماني بينهم آلاف من المغتربين الذين عادوا خصيصا إلى بلدهم يرافقهم عدد من ابنائهم، تجمعوا في ساحة النصر في بوخارست الجمعة لإدانة "فساد" الحكومة.

حاول عشرات منهم اقتحام الطوق الذي ضربته الشرطة وقاموا برشق قوات الامن بالحجارة وزجاجات المياه. وردت قوات الأمن باستخدام الغازات المسيلة للدموع ثم خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين. والسبت أعلن الدرك الروماني أن أكثر من 450 شخصا جرحوا واعتقل نحو ثلاثين آخرين خلال تظاهرة بوخارست مساء الجمعة.

وندد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس (يمين الوسط) الذي يخوض معركة مع الغالبية اليسارية بـ"التدخل الوحشي وغير المتكافئ" لقوات الامن، مطالبا النيابة العامة بفتح تحقيق حول ظروف ما جرى.

وردت رئيسة الوزراء الرومانية فيوريتشا دانسيلا على انتقادات يوهانيس متهمة اياه بـ"استغلال التداعيات المأسوية لهذه الاحداث" و"تحريض الشعب ضد قوات الامن".

ومنذ عودته إلى السلطة في نهاية 2016، أطلق الحزب الاشتراكي الديموقراطي اصلاحات واسعة للقضاء يرى معارضوها أنها تهدد استقلال القضاة وتسمح لمسؤولين سياسيين بالإفلات من ملاحقات.

أدت هذه الاصلاحات إلى تظاهرات غير مسبوقة في حجمها منذ سقوط النظام الشيوعي في نهاية 1989. ونزل إلى الشوارع نصف مليون شخص في فبراير 2017.
&