واشنطن: في ما يُسمى "حقبة ما بعد الحقيقة" يبدو العلم أحد المعاقل الأخيرة للمعرفة الموضوعية. لكنّ الصحافية الالمانية سفيا ايكرت وفريقاً من زملائها الاعلاميين انتحلوا العام الماضي هويات علمية لاختراق شبكة واسعة من المجلات والمؤتمرات العلمية الكاذبة.&

وفي مجرى التحقيق الصحافي الذي أُنتج في فيلم وثائقي قام الفريق بتحليل أكثر من 175 الف مقال نُشرت في مجلات علمية مزيفة، ووقع على مئات الأبحاث من أكاديميين في مؤسسات كبرى وكذلك كميات كبيرة من الدراسات التي مررتها شركات صيدلانية وشركات تبغ وغيرها.&

ويُقدر أن مؤسسة علمية مزيفة واحدة تديرها عائلة تركية حققت إيرادات زادت على 4 ملايين دولار من خلال مؤتمرات ومطبوعات علمية كاذبة، كما أفاد تقرير في موقع موذربورد الالكتروني.&
&
وكتانت البداية مع كريس سامنر، مؤسس منظمة غير ربحية معنية بالخصوصية على الانترنت، الذي حضر مؤتمراً نظمته الأكاديمية العالمية للعلوم والهندسة والتكنولوجيا "واسيت" في أكتوبر الماضي.&
وكانت الأكاديمية تبدو مؤسسة حقيقية من الوهلة الأولى لا سيما وانها تدرج على موقعها الالكتروني آلاف المؤتمرات في انحاء العالم.&

وحضر سامنر مؤتمر الأكاديمية للاستماع إلى آراء عن بحثه، ولكنه سرعان ما اكتشف أن المؤتمر فعالية مزيفة.&

وبعد التنقيب في خلفية الأكاديمية انضم سامنر إلى الصحافة ايكرت وزميلها تيل كراوزة منتحلين صفة علماء، وبدأوا يقدمون أبحاثاً إلى مجلة الأكاديمية المذكورة. وكان أول بحث لاقى قبول المجلة هراء خالصاً، كتبه برنامج صممه طلاب في معهد ماسيشوسيتس للتكنولوجيا من باب المزاح. وكان البحث لغواً فارغاً بالكامل.&

وينقل موقع موذربورد عن فريق الصحافيين الاستقصائيين أن ما يُسمى الأكاديمية العالمية للعلوم والهندسة والتكنولوجيا "واسيت" ليست إلا منصة محتالة واحدة لكنها تستضيف أكثر من 5000 فعالية في أنحاء العالم سنوياً وتنشر مئات الابحاث في مجلاتها الالكترونية.&

وتتقاضى "واسيت" مئات الدولارات مقابل النشر في مجلاتها وحضور مؤتمراتها محققة للعائلة التركية التي تملكها نحو 4.1 ملايين&دولار في عام 2017 وحده.&
&
ولكن "واسيت" لا تضاهي مجموعة اوميكس للنشر التي يصفها تقرير موذربورد بالقول انها على الأرجح أكبر مؤسسة نشر محتالة في العالم، مشيراً إلى ان مفوضية التجارة الفيدرالية الأميركية قاضتها بتهمة "خداع اكاديميين وباحثين بشأن طبيعة مطبوعاتها واخفاء رسوم نشر تتراوح من مئات إلى آلاف الدولارات". وصدر أمر قضائي يمنع اوميكس من الغش بهذه الأساليب.&

وتوصل الفريق الصحافي إلى اكتشاف عشرات الآلاف من التلخيصات لأبحاث علمية، كانت الهند وحدها مصدر زهاء 15 الف بحث مزيف، وجاء باحثون من الولايات المتحدة بالمركز الثاني بنحو 10 آلاف دراسة أميركية قُدمت إلى مجلات اوميكس و3000 دراسة أخرى إلى مجلات واسيت.

ويقول الفريق الصحافي إن اصحاب هذه الأبحاث مجموعة متنوعة من اكاديميين يحاولون تكوين اسم لهم في عالم النشر إلى علماء يرتبطون بشركات تريد ترويج سمعتها في المجال العلمي بنشر ابحاث باسمها.&
ويعمل عدد كبير من هؤلاء في جامعات أميركية نخبوية. واكتشف الصحافيون 162 بحثاً قدمت إلى مجلات واسيت واوميكس من جامعة ستانفورد و153 بحثاً من جامعة ييل و94 بحثاً من جامعة هارفرد خلال العقد الماضي.&

واشار عضو الفريق كراوزة إلى وجود اكاديميين يحاولون إبراز اسمائهم في مجلات علمية وكسب مزيد من المال أو السمعة، ولكن ابحاثهم يمكن ان تُستخدم لأغراض أخرى متعددة. ويتمثل خطر هذه المجلات العلمية كذباً في ان شركات يمكن ان تستخدمها بهدف تقديم مبررات علمية لعلاجات لم تثبت فاعليتها وسلامتها.&

ومن الأمثلة على ذلك شركة فيرست إميون التي نشرت عشرات البحوث "العلمية" في هذه المجلات المشبوهة تمدح فاعلية علاج لم تثبت صلاحيته للسرطان.&

وأُحيل رئيس الشركة التنفيذي ديفيد نوكس إلى القضاء في بريطانيا بتهمة التآمر لتصنيع منتوج طبي بلا ترخيص، ولكن بعد ان اضفت هذه المجلات شرعية على شركته بين مرضى بالسرطان يتشبثون بأي نبأ عن اكتشاف علاج لمرضهم.&

ويُلاحظ ان مؤسسات النشر المشبوهة التي غطاها التحقيق الصحافي لا تمثل إلا 5 في المئة من الأبحاث التي تُنشر كل عام. وفي حين أن هذا لا يشكل تهديداً وجودياً للعلم بوصفه نشاطاً يبحث عن الحقيقة فإنه يعمل على تقويض ثقة الجمهور بالبحث الحقيقي المشروع.&

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "موذربورد". الأصل منشور على الرابط التالي:

https://motherboard.vice.com/en_us/article/3ky45y/hundreds-of-researchers-from-harvard-yale-and-stanford-were-published-in-fake-academic-journals
&